امدادات نفطية في ليبيا.(أرشيف)
امدادات نفطية في ليبيا.(أرشيف)
الإثنين 19 يونيو 2017 / 13:31

اقتصاد ليبيا الحربي يعرقل السلام ويهدد الدولة

تناول تيم إياتون، باحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مشكلة تهريب الميليشيات المسلحة للنفط الليبي وصراعهم حول تلك الثروة الوطنية، لافتاً في مقال نشره في موقع "وور أون ذا روكس"، إلى قطع خط للكهرباء طوله 1500 كيلومتراً، بهدف وقف عمليات تهريب النفط.

وفّر النزاع على السلطة في ليبيا فرصاً كبرى لنهب الدولة، سواء عبر الاستيلاء على موارد طبيعية، أو عبر سلب أموال الليبين بالابتزاز أو بالسرقة المباشرة

فقد اتهمت شركة النفط الوطنية الليبية، في يناير( كانون الثاني) الماضي، ميليشيا مسلحة بتوفير الأمن لمصفاة نفط منطقة الزاوية من أجل سرقة وتهريب النفط. ولم يمض وقت طويل حتى قطعت الكهرباء عن محطة الطاقة في نفس المدينة من قبل "محتجين" قيل إنهم على صلة بتلك الميليشيا، ما أدى إلى أكبر حال انقطاع للتيار شهدتها ليبيا في تاريخها الحديث.

رسالة واضحة
ويشير الباحث إلى كون تلك الحادثة تمثل رسالة واضحة من الميليشيات مفادها أنها ستقاوم أية محاولات لتهديد دخلها، ولم يكن بوسع الحكومة المدعومة دولياً أن تحرك ساكناً.

وعندما يحاول محللون شرح أسباب دورات متقطعة من اللاستقرار والصراع في ليبيا، يركزون عادة على العملية السياسية والأمن. ولكنهم غالباً ما يتجاهلون أيضاً دافعاً رئيسياً للصراع، الاقتصاد الحربي الذي أصبح معوقاً أكبر أمام السلام، ويمثل تهديداً لمستقبل الدولة.

شبكة معقدة
وبحسب إياتون، إن سلسلة الأحداث التي أدت لانقطاع الكهرباء لا تعكس سوى شبكة معقدة من الفصائل والمصالح التي تتحكم بالاقتصاد السياسي الليبي. ويعكس الحادث هشاشة الدولة، والتحديات التي تواجهها مؤسساتها، وقدرة تلك الميلشيات على تأكيد وجودها على المستوى المحلي. فإن لضعف الدولة في ليبيا آثاره وتبعاته لما وراء حدودها. فقد كان له دور في زيادة معدل الهجرة إلى أوروبا، ويوفر بيئة خصبة لجماعات متطرفة لتعمل وتنتعش. ويتفق المجتمع الدولي على وجوب العمل بجدية لمعالجة أزمة الحكم في ليبيا. ولتحقيق ذلك الهدف لا بد من التصدي لاقتصادها الحربي.

مؤسسات متضررة
ويلفت الباحث لتفاقم حالة الاقتصاد الحربي جراء ضعف الدولة في ليبيا، ولكن محاولات تعزيز وإعادة بناء الدولة يقوضها نظام الحوافز الذي نشأ عن الاقتصاد الحربي. فقد أدى التنافس بين الفصائل الليبية لتقويض سلطة الدولة ومؤسساتها.

وتعم الفوضى في ظل تنافس حكومتين على السلطة، ولكن كلاً منهما عاجز عن فرض نظام حكم واضح، وتطبيق قانون أو تأمين الخدمات الأساسية.

بين حكومة الوفاق ومجلس النواب
ويقول أياتون إن حكومة الوفاق الوطني في طرابلس تحظى برعاية معظم المجتمع الدولي، ولكن مجلس النواب، هيئة منتخبة شكلت في عام 2014 ومقرها طبرق، شرق ليبيا، لم يصادق على تلك الحكومة.

ونتيجة له، قضت المحاكم الليبية بعدم الاعتراف بحكومة الوفاق الوطني، وانحازت إلى مجلس النواب. وفي الوقت نفسه، انتهت مدة ولاية المجلس، وبالرغم من إجرائه تصويتاً لتمديد ولايته، فهو يحظى بدعم دولي محدود.

تحديات كبرى
ويرى الباحث أن حالة الصراع بين الحكومتين المتنافستين أثارت تحديات كبرى أمام المؤسسات العامة التي تضمن بقاء الدولة، وهي شركة النفط الوطنية والمصرف المركزي وسلطة الاستثمار الليبية. وقد نجح كل من شركة النفط الوطنية والمصرف المركزي في تفادي محاولات الانقسام بين الحكومتين المتنافستين في شرق وغرب البلاد. ولكن الصراع على النفوذ على المؤسستين متواصل، ويثير مشاكل متجددة أمام مسؤولين يعملون على المحافظة عليها وإدارتها.

تفاؤل
من جهة أخرى، يشير أياتون لنجاح شركة النفط الوطنية في مواجهة تحديات، وللاستمرار في عملها ما يعكس شيئاً من التفاؤل.
وفي الوقت نفسه، يبذل المصرف المركزي جهوداً للمحافظة على الاقتصاد الليبي، وخاصة بعد أن أصبح دورة يقتصر على دفع رواتب العاملين في مؤسسات الدولة، وتقديم إعانات الطاقة. وقد دخل المصرف المركزي في نزاع مع حكومة الوفاق بشأن إجراءت لمحاربة التضخم والفارق المتصاعد بين سعر الرسمي للدينار الليبي في مقابل الدولار عن سعره في السوق السوداء، والتي يعتمد عليها عدد من الليبيين.

نهب الدولة
ووفر النزاع على السلطة في ليبيا فرصاً كبرى لنهب الدولة، سواء عبر الاستيلاء على موارد طبيعية، أو عبر سلب أموال الليبين بالابتزاز أو بالسرقة المباشرة. فقد استولت جماعات مسلحة على البنية التحتية للنفط، وفرضت على الدولة دفع أجور لها من أجل حماية تلك المنشآت. وقد تركت مثل تلك النشاطات أثراً كبيراً على اقتصاد ليبيا النفطي. وفي إبريل( نيسان)، قال حاكم المصرف المركزي الليبي، صادق الكبير، إن الإغلاق العشوائي لمنشآت إنتاج النفط في ليبيا كلف وحده خسائر تزيد عن 160 مليار دولار.