رئيس إقليم كردستان العراق مسعزد البارزاني.(أرشيف)
رئيس إقليم كردستان العراق مسعزد البارزاني.(أرشيف)
الثلاثاء 20 يونيو 2017 / 20:01

عقارب الزمن الكردي

يلتقي الرفض الإيراني والتركي لاستفتاء البارزاني عند سببين محددين يتمثل الأبرز في القلق من مضاعفات الخطوة على الأوضاع الداخلية في كل من البلدين والأخر في الحرص على الاحتفاظ بمناخات العبث في الخواصر العراقية الرخوة

بقدر ما ينطوي على مؤشرات تفعيل ديناميات تغيير الخرائط يعد تحديد موعد لاستفتاء الكردستان العراقي مدخلاً لإعادة اكتشاف هشاشة الرماد الذي كان يحول دون رؤية أوضح لجمر النار الكردية.

رغم محاولات حشرها في زوايا الصراع بين الرئيس مسعود البارزاني وخصومه الكرد وخلافات الإقليم مع الحكومة المركزية لا تبتعد خطوة الاستفتاء عن معطيين يتمثل أحدهما في محاولة الاستفادة من المناخ الإقليمي لاقتناص فرصة تحقيق الحلم الكردي والآخر في القفز من مركب يغرق بعد فقدان بغداد قدرة السيطرة على مختلف انحاء البلاد.

بشكل تلقائي يمتد حديث المناخات والظروف إلى مظاهر الانسدادات والعراقيل وآفاق الحلول الجزئية للمسألة الكردية في المنطقة بدءاً من الشوط الذي قطعه الكرد السوريون ومروراً بعجز الحكم التركي عن إيجاد تسويات للجانب المتعلق به من القضية وتزايد احتمالات استئناف الحراك الكردي في إيران لتحقيق المطالب المعلقة.

في الخوف من تبعات اعلان البارزاني واحتمالات تنفيذه ما يفسر قلق الأطراف الإقليمية الرافضة للاجراء، لكن التفسير بحد ذاته لا يعني وجاهة المبررات المطروحة للرفض أو قدرة أصحابها على توفير الحلول أو الحد من تفاقم الازمات.

من ناحيتها التقت الأطراف العراقية عند معارضة الاستفتاء مستندة لموقفها الرافض لتقسيم البلاد، لكن جوهر هذه المواقف مشوب بحسابات أخرى بينها المرتبط برؤية أطراف إقليمية والحذر من استقواء الاطراف العلمانية المطالبة بانهاء صيغة الحكم الطائفي والقلق من تحمل مسؤولية فقدان الوحدة الجغرافية التي حافظت عليها نظم عراقية سابقة.

لدى تأكيد حرصها على وحدة العراق، لم تلتفت طهران لمحاولة نقل تجربتها في الحكم الى البلاد وابقائها تحت السيطرة وتتعمد تجاهل استخدامها الاراضي العراقية ساحة خلفية لتصفية الحسابات مع الأطراف الإقليمية والدولية.

على الجانب الآخر من الرفض الإقليمي لخطوة البارزاني لم تتوقف أنقرة وهي تطرح مبرراً شبيهاً للمبرر الإيراني في معارضة الاستفتاء عند أطماعها غير الخفية في مناطق عراقية محاذية لتركيا وانحيازاتها المعلنة لمكون ديمغرافي عراقي على حساب بقية المكونات وخضوع تدخلاتها في العراق لمعطيات مرتبطة بالبحث عن دور أكبر في الإقليم.

بذلك يلتقي الرفض الإيراني والتركي لاستفتاء البارزاني عند سببين محددين يتمثل الأبرز في القلق من مضاعفات الخطوة على الأوضاع الداخلية في كل من البلدين والأخر في الحرص على الاحتفاظ بمناخات العبث في الخواصر العراقية الرخوة.

اللافت للنظر في الرفض الإقليمي لاستفتاء الكردستان العراقي ايحاءات تناغم الموقفين الإيراني والتركي مع الاستعداد لممارسة الأساليب التقليدية لمعالجة تفاعلات الأزمة الكردية مثل القمع والإخضاع بالقوة ومحاولاتهما إسقاط رؤيتهما على الحالة العراقية دون اعطاء تحولات ومتغيرات المسألة الكردية الاعتبارات التي تستحقها.

علاوة على انتزاع كرد العراق السيادة على إقليمهم وتحول الكرد السوريين إلى رقم صعب في أية تسوية مقبلة، جرى خلال عقدين ونيف قطع أشواط واسعة في بلورة الكيانية الكردية ومراكمة قدرات مناورة الأطراف الدولية والإقليمية مما يكرس القناعة بعبثية محاولات وقف عقارب الساعة لتجميد الزمن الكردي عند نقطة محددة.