صورة جوية تظهر معبر التنف على الحدود بين سوريا العراق والأردن.(أرشيف)
صورة جوية تظهر معبر التنف على الحدود بين سوريا العراق والأردن.(أرشيف)
الخميس 22 يونيو 2017 / 14:17

شرق سوريا ساحة مواجهة محتملة بين أمريكا وروسيا وإيران

حذر تقرير نشرته صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية من أن تقود المعركة للسيطرة على شرق سوريا إلى مواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا وإيران، وأن تتحول المنطقة إلى شرارة للصراع الدولي.

إيران تريد السيطرة على المناطق القريبة من الحدود العراقية قبل وصول الولايات المتحدة وحلفائها إليها

ويلفت التقرير، الذي شارك في إعداده مراسلو الصحيفة ريبيكا كولارد وواريكا سليمان ونجمة يوزورغمهر وكاترينا مانسون في بيروت ودمشق وطهران وواشنطن إلى أن النشاط العسكري حول بلدة التنف السورية يشير إلى تسابق القوات المتنافسة على الإطاحة بداعش والسيطرة على الأراضي التي استولى عليها التنظيم الإرهابي في شرق سوريا.

تحذير شديد اللهجة
ومع تقدم قوات نظام بشار الأسد نحو قاعدة يستخدمها الجنود الأمريكيون في تدريب قوات المعارضة لمحاربة داعش، أسقطت طائرات التحالف بقيادة الولايات المتحدة منشورات تتضمن تحذيراً شديد اللهجة مفاده أن أي تحركات نحو قاعدة التنف سيتم التعامل معها باعتبارها عدواناً، وسوف تتدخل القوات الأمريكية للدفاع عن القاعدة، وبحسب التقرير، تضمنت المنشورات عبارة: "لقد دخلت إلى منطقة آمنة ويتعين عليك مغادرتها الآن".

ويرى التقرير أن تلك المخاوف قد تحققت فعلاً على أرض الواقع يوم الأحد الماضي عندما أسقطت الولايات المتحدة مقاتلة تابعة للجيش السوري وقال البنتاغون أنها كانت تقصف مناطق بالقرب من الميليشيات الكردية السورية التي تدعمها الولايات المتحدة في محافظة الرقة، وفي اليوم ذاته، عمدت إيران إلى إطلاق صواريخ باليستية في سوريا للمرة الأولى من أجل استهداف داعش، ولكن أيضاً بغرض استعراض قوتها وتوجيه رسالة تهديد إلى الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، منافستها الإقليمية.

إجراء وقائي
وكما فعلت إيران، تدخلت روسيا عسكرياً لدعم الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب المستمرة منذ ست سنوات، وهددت باستهداف مقاتلات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة التي تحلق غرب نهر الفرات، الأمر الذي أخذته استراليا على محمل الجد وأعلنت يوم الثلاثاء الماضي إيقاف الغارات الجوية في سوريا "كإجراء وقائي".

ويقول المحللون إن هذا التصعيد كان حتمياً ولا مفر منه؛ إذ تحول انتباه القوات العديدة التي تحارب في سوريا إلى مساحات الأراضي في شرق البلاد التي يسيطر عليها داعش. وبعد اندلاع الصراع في عام 2011، تجنبت الولايات المتحدة المواجهة المباشرة مع النظام السوري ودعمت المعارضة على مضض وركزت عسكرياً على قيادة تحالف لمحاربة الجهاديين.

الرقة .. الجائزة الكبرى
وينوه التقرير إلى أن قوات سوريا الديمقراطية (التي تسيطر عليها ميليشيات الأكراد وتلقت التدريب والسلاح من الولايات المتحدة) نادراً ما كانت تشتبك مع قوات النظام السوري، ولكن في الأسابيع الأخيرة اندلعت عدة اشتباكات بينها وبين مجموعات موالية للحكومة في شرق البلاد. وأسقطت الولايات المتحدة طائرة بدون طيار قرب قاعدة التنف يوم الثلاثاء الماضي في ثاني حادث من نوعه خلال الشهر الجاري، مؤكدة على استمرارها في شن الغارات ضد داعش.

ويقول التقرير: "يتسابق جميع اللاعبين في هذا السباق المميت على الأراضي للفوز بالسيطرة على مدينة الرقة، عاصمة الخلافة المزعومة لداعش التي تقع على الحدود السورية مع العراق". وبحسب أحد الدبلوماسيين في المنطقة، تسعى الولايات المتحدة لاستخدام وكلائها لتأمين الطريق السريع الذي يربط بغداد ودمشق، لكي تتمكن من إحتواء النفوذ الإيراني، واستخدامها أيضاً كورقة مساومة في المحادثات النهائية التي ستحدد مستقبل سوريا. بيد أن بشار الأسد الذي رفض اقتراحات أي تحول سياسي، يحاول باستماتة استعادة سيطرته في جميع أنحاء البلاد بعدما انقلبت موازين الحرب الأهلية لصالحه عقب سقوط آخر معقل للمعارضة في حلب خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

الأطماع الإيرانية

ويعتبر كريس هارمر، المحلل البارز في معهد واشنطن لدراسات الحرب، أن زيادة التوتر والصراع بين الولايات المتحدة والنظام السوري لا مفر منه، طالما أن واشنطن تدعم قوات سوريا الديمقراطية، لاسيما أن إيران تريد السيطرة على المناطق القريبة من الحدود العراقية قبل وصول الولايات المتحدة وحلفائها إليها.

وعلى الرغم من افتقار نظام الأسد للقدرات العسكرية اللازمة لاستعادة الرقة أو التقدم على جبهات متعددة، فإنه يعتمد على القوات الجوية الروسية ودعم الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، خصوصاً لأن المعارك في شرق سوريا تعتبر حاسمة لتأمين ممر بري يربط بين إيران (عبر العراق وسوريا) وميليشيات حزب الله في لبنان.

مراهنات إقليمية
ويوضح التقرير أن تطلعات إيران للنفوذ الإقليمي ليست جديدة ولكن الرهانات تزايدت مع انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يتخذ موقفاً متشدداً حيال إيران بعد أن كانت إدارة أوباما السابقة أكثر تسامحاً مع أنشطتها في سوريا. وعلاوة على ذلك، فإن سوريا تعتبر ضرورية أيضاً بالنسبة إلى روسيا التي لديها قواعد جوية وبحرية في البلاد، وبالفعل استخدمت روسيا الصراع لتوسيع نفوذها في المنطقة.

ويخلص التقرير إلى أن الأجواء توحي بتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا، ولا تزال إستراتيجية ترامب في سوريا على المدى الطويل غير واضحة للبعض؛ إذ يريد ترامب إعلان هزيمة داعش من البيت الأبيض، ولكن تبقى التساؤلات الأكثر أهمية بلا إجابات وهي: "ماذا بعد؟ هل ستظل القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا؟ وما الذي سوف يفعله اللاعبون الرئيسيون بما تبقى من هذه المناطق؟"