مدمرة أمريكية تقصف مطار الشعيرات في حمص.(أرشيف)
مدمرة أمريكية تقصف مطار الشعيرات في حمص.(أرشيف)
الجمعة 23 يونيو 2017 / 13:30

أمريكا وإيران.. في مسار تصادمي محتوم في سوريا

تعليقاً على التطورات الأخيرة على الساحة السورية، وإسقاط البنتاغون لمقاتلة سورية في شرق البلاد، ومن ثم إسقاط طائرة مسيرة إيرانية الصنع في نفس المنطقة، رأى دنيس روس، مفاوض أمريكي سابق في الشرق الأوسط، في مجلة بوليتيكو، أن ترامب ماض في مسار تصادمي مع إيران.

على أمريكا توجيه رسالة واضحة مفادها "أننا لن نتحدى الإيرانيين أو الروس أو النظام ، ولكننا لن نذعن لمحاولات إيرانية بإنشاء جسر بري يصل نحو شرق المتوسط

 ويلفت روس إلى حالة محيرة نادراً ما شهدها الشرق الأوسط. فالولايات المتحدة تبيع مقاتلات نفاثة لقطر في وقت يتهمها الرئيس الأمريكي برعاية الإرهاب. وفي سوريا، تعتمد أمريكا على مقاتلين أكراد تقول تركيا، العضو في الناتو والمتحالفة مع قطر، أنهم إرهابيين، وتدعم مهمتهم لاستعادة الرقة، عاصمة داعش، بواسطة غارات جوية تنطلق من قاعدة عسكرية أمريكية في الدوحة. كما تتهم أمريكا روسيا بالتواطؤ مع الحكومة السورية في شنها لهجمات كيماوية ضد أبناء شعبها، وتهاجم قوات سورية، ولكنها تأمل في التعاون مع موسكو لمحاربة داعش.

سعي حثيث
وسط كل تلك الفوضى، يشير الكاتب لسعي إيراني حثيث لتعزيز قبضته على سوريا في موازاة هجوم ترامب على داعش. ولم يقتصر تدخل إيران لإنقاذ نظام الرئيس السوري بشار الأسد على إرسال صفوة المستشارين الإيرانيين، بل لجلب حزب الله وسواه من الميلشيات الشيعية من مناطق بعيدة كأفغانستان. وفيما تتفاوت التقديرات بشأن حجم تلك القوات، فإن أعدادها تقدر بعشرات الألوف.

تحدي
ومن المؤسف، برأي روس، أن الرئيس ترامب لن يستطيع" القضاء على داعش في سوريا ومنع عودته" ما لم يبذل جهداً أكبر لمقاومة نشاطات إيران هناك. فطهران تستخدم ميليشياتها الشيعية بالوكالة لمحاربة داعش، ولتحدي مساعي أمريكية لتدريب قوات محلية في جنوب شرق سوريا. وفي الأسبوع الأخير، أطلقت "درون" إيرانية الصنع النار على قاعدة التنف، على طول الطريق السريع بين دمشق وبغداد، وعند الحدود مع الأردن، حيث كانت قوت أمريكية خاصة تجري تدريبات.

ماذا يجري؟
سؤال يحاول روس الإجابة عليه. فإيران تحاول إنشاء ممر بري عبر العراق نحو سوريا فلبنان. ومن أجل تحقيق تلك الغاية، تتحرك من داخل العراق وسوريا، مستعينة بميلشيات شيعية تحارب بالنيابة عنها على جانبي الحدود. ومن الجانب العراقي، طهرت ميليشيات شيعية المعابر الحدودية من داعش. وفي الداخل السوري، أرسلت إيران قوات من حزب الله نحو دير الزور، مدينة سورية كبرى على نهر الفرات. وفي ظل دعم أمريكي لتحرير الرقة، تعمل إيران على منع أية مجموعات مدعومة أمريكياً من تثبيت وجودها في شرق سوريا، ما قد يعيق هدف إيران بالسيطرة على الحدود مع العراق والأردن.

ويلفت روس إلى عمليات يجريها أيضاً حزب الله في منطقة درعا، جنوب سوريا بالقرب من هضبة الجولان، ما يؤشر لوضع الإيرانيين أعينهم أيضاً على الحدود السورية ـ الإسرائيلية.

تحرك أمريكي
ويشير الكاتب لعدم وقوف إدارة ترامب موقف المتفرج في وجه تحركات مدعومة إيرانياً للتوسع ضمن مناطق تنتشر فيها قوات أمريكية خاصة. فقد قصفت أمريكا، في 18 مايو( أيار) قافلة تابعة لميلشيا مدعومة إيرانياً بعدما رفضت تحذيرات للتراجع، ومن ثم دمرت طائرة مسيرة أطلقت النار على قوات أمريكية.

لكن من الجدير ذكره أن بيان البيت الأبيض بيَّن أن التحالف بقيادة أمريكا "لا يسعى لمحاربة قوات الأسد"، بل" للدفاع عن نفسه ضد تلك القوات إن تحركت نحو منطقة تفادي الاشتباك المتفق عليها".

رسالة أمريكية واضحة
وبحسب روس، جاءت الرسالة الأمريكية واضحة بأن الإدارة تريد التركيز على داعش وعدم التورط في صراع مع الإيرانيين أو الروس. ولكن في وقت تتوخى فيه أمريكا الحذر، فإن على أمريكا توجيه رسالة واضحة مفادها "أننا لن نتحدى الإيرانيين أو الروس أو النظام حيث يسيطرون على مناطق سورية أو يتواجدون فيها، ولكننا لن نذعن لمحاولات إيرانية بإنشاء جسر بري يصل نحو شرق المتوسط".

ويرى الكاتب أنه بالإضافة للنتائج الاستراتيجية الأوسع التي ستنجم عن إنشاء مثل ذلك الممر في المنطقة، لا بد للإدارة الأمريكية أن تأخذ بعين الاعتبار الأثر الذي سيتركه ذلك المشروع على هدفها بالقضاء على داعش.

وفي ظل ذلك المشهد المربك، يشير روس إلى وجوب توضيح الإدارة الأمريكية لأهدافها وأولوياتها، وإلا فإن إيران ستوسع امتدادها في سوريا، وقد يبرز تنظيم جديد مشابه لداعش، وتواصل قطر ممارسة لعبتها المزدوجة. في بعض الأوقات يكون لتوضيح الهدف قوة بحد ذاتها.