(أرشيف)
(أرشيف)
الأحد 25 يونيو 2017 / 11:07

إرهاب في الحرم!

الشرق الأوسط - حسين شبكشي

في كل مرة يعتقد العالم أن الجماعات الإرهابية بلغت المدى في إجرامها يأتي حادث جديد، ليثبت أنه قادر على الهبوط إلى مستويات دنيا وغير مسبوقة.

هذا تماماً ما حدث ليلة أول من أمس حينما تم إحباط عملية إرهابية انتحارية بالقرب من الحرم المكي الشريف بمكة المكرمة، في ليلة من الليالي الأخيرة من ليالي الشهر المبارك رمضان، أقدس مكان وأقدس زمان، ومع ذلك لم يردع هذا كله الإرهابيين من الإقدام على فعلتهم القذرة.

الاستمرار في التعامل مع هذه النوعية من الجماعات على أنها فئات "ضالة" فقدت طريقها أو أن هذه المجاميع لديها "نوايا طيبة"، ولكنها "غرر" بها، هي جزء أساسي من المشكلة، لأن الموضوع ليس بحالة واحدة فردية، استمرار قبول وجود جماعات مسلحة تحمل هذا السلاح وتعتدي به على الغير في ظل وجود دولة بمؤسساتها، وفي الوقت الذي ترفع هذه الجماعات شعارات دينية هو مسألة يجب التعامل معها على أنها خروج عن الدين نفسه، وإرهاب للمجتمع والعبث بحال السلم الأهلي، وما ينطبق على تنظيم داعش وتنظيم القاعدة ينطبق على تنظيم حزب الله، الذي يصول ويجول بسلاحه تحت أنظار الحكومة المعترضة على ذلك، ولكنها عاجزة عن عمل أي شيء. والشيء نفسه ينطبق على تنظيم الحشد الشعبي وتنظيم الحوثيين في كل من العراق واليمن على حدة.

الإرهاب لا دين له، شعار جميل ولافت وجذاب رفعته مجموعات إعلامية مختلفة في العالم العربي، ولكن مع الأسف الشديد لم يتحول هذا الشعار إلى تطبيق حقيقي وعملي. فإذا كانت المجموعات الإرهابية التي خرجت عن إطار الدول وتمردت ورفعت شعارات دينية زائفة وراحت ذات اليمن وذات الشمال، ومع ذلك لا يزال يتم التعامل معها بطول البال وصبر غير طبيعي وحسن ظن محير، ومن ثم نستغرب لماذا يوجه العالم أصابع الاتهام إلى عالمنا، ويدعي أننا مقصرون في عمل ما يجب للقضاء على هذه الوحوش المتوغلة.

المشكلة تمكن في أن العالم العربي لم تبلغ قناعاته العميقة أن هذه الجماعات طالما هي مستمرة في الوجود بيننا فهي لا تهدد الغرب، ولكنها تهدد أهل المنطقة قبل كل شيء، لأنها مستمرة في تجنيد الشباب والحصول على موارد مالية طالما كانت الفتاوى موجودة ولم "تطهر" من بعض الكتب التي يتم الدفاع عنها باعتبارها جزءاً من التراث.

بئس التراث الذي يتسبب في قتل الأرواح البريئة مرة تلو الأخرى دون رادع ولا عقاب. الحذر وعبارات التلطف التي لا تزال سيدة الموقف في التعامل مع هذه الجماعات كافة بمختلف أشكالها هي أحد أهم مصادر توحشها وجنونها المتصاعد.

وإذا لم تتغير لغة المواجهة وترجمتها إلى أفعال حقيقية تحدد علاقة كافة هذه الجماعات بالدين نفسه فلن يتغير أي شيء، وسيبقى الحال كما هو عليه.