انعدام الثقة من قبل دول الخليج لقطر (أرشيف)
انعدام الثقة من قبل دول الخليج لقطر (أرشيف)
الثلاثاء 27 يونيو 2017 / 09:36

الثقة المفقودة

افتتاحية الرياض

لم يكن مفاجئاً قيام الحكومة القطرية بتسريب قائمة المطالب التي قدمتها الدول التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع الدوحة، ولم يكن مستغرباً أن من تولى الحديث عنها لم يكن مسؤولاً قطرياً، ولا يمكن منطقياً أمام من يعرف كيف تدار مؤسسة الحكم في قطر توقع أي رد فعل إيجابي صادر من أي مؤسسة قطرية إزاء ذات الإجراء، فكل شيء متوقع في قطر.

فالمؤسسة الرسمية في هذه الدولة الصغيرة غير معنية بمفاهيم السيادة واستقلالية القرار من خلال تقديمها دوماً المهم على الأهم، وهو ما يفسر سياسة النفس القصير التي ساهمت في بقاء قطر جزيرة تائهة قبل أن تكون معزولة عن محيطها العربي، فشعار العمل الخليجي المشترك على سبيل المثال مجرد ورقة تستخدم أمام عدسات المصورين في القمم والاجتماعات الخليجية قبل أن تختفي في مناسبة عربية، وأخرى تتعلق بالتعاون الإسلامي، أو ذات طابع أممي، يصاحب ذلك خطاب متناقض يوحي بأن الكتلة الخليجية تخرج عن المسار العربي، وتتناقض مع العمل لمصلحة الإسلام والمسلمين والمجتمع الدولي.

هذا المسار تسبب في حالة إحباط لجميع الدول الراغبة في إيجاد أرضية صلبة تقوم عليها أي علاقات مع قطر تؤدي إلى شراكة وثقة متبادلة تحقق مصالح جميع الأطراف، فأصبح التعامل مع قطر مغامرة قابلة للنجاح أو الفشل، وهذا الأمر ورغم عدم سلامته إلا أنه يبدو مقبولاً لدولة أوروبية أو آسيوية، لكنه مرفوض على الإطلاق لمن تربطهم علاقات تتجاوز الجوار الجغرافي أو وحدة اللغة والدين، فالمصير المشترك فيما يتعلق بالشأن الخليجي لن يكون مرهوناً بتصرف قطري يضر بالمجموع، والحال ذاته ينطبق على المجموعتين العربية والإسلامية.

وعلى هذا الأساس يمكن القول: إن مشاركة قطر في الإطارين الخليجي والعربي في قوات التحالف لدعم الشرعية في اليمن كان مرحباً به، لكن دعم الدوحة للانقلابيين على ذات الشرعية التي سالت من أجل دعمها دماء قطرية أمرٌ لا يمكن تفسيره إلا بكلمة واحدة هي "الخيانة"، فقطر أرادت نيل ثقة المجموعة الخليجية وتحقيق المصلحة الإيرانية في آنٍ واحد في صورة بشعة لا يمكن تجميلها أو التغاضي عنها، وهو ما ينسحب على الأداء القطري في جميع الملفات العراقية والسورية والليبية.

وهنا يمكن إضافة مطلب آخر على قائمة المطالب المقدمة إلى قطر، وهو ضرورة احترام سلطات الدوحة للدماء القطرية التي تراق في سبيل قضية تدعم قطر فيها القاتل والمقتول، وهذا ليس شأناً داخلياً إذا ما علمنا أن الجندي القطري قبل أن يكون شهيداً كان في صف واحد إلى جانب أشقائه، فإذا كانت دماء الجميع بما فيها دم المواطن لا تعني الدوحة، فإنها تعني كل خليجي وعربي ومسلم.