الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم.(أرشيف)
الثلاثاء 27 يونيو 2017 / 13:49

بسبب حاجته إلى الاستثمارات القطرية.. أردوغان يحشر نفسه في الزاوية

تعليقاً على اصطفاف تركيا إلى جانب قطر في الأزمة الخليجية الأخيرة، كتب في مجلة "ناشونال إنترست" آيكان إرديمير، برلماني تركي سابق، وزميل بارز لدى مركز الدفاع عن الديموقراطيات، وميرفي باهيروغلو، باحث يركز على تركيا، إن أنقرة طورت شراكة وثيقة غير متكافئة مع قطر بالنظر لكون الدولتين من أشد المؤيدين في المنطقة لجماعة الإخوان المسلمين وحماس، وأبدتا استعداداً لمغازلة طهران. وتعززت العلاقات الثنائية، القائمة على ترابط إيديولوجي، وشراكات مالية حيوية بالنسبة إلى أردوغان.

الرئيس التركي يدرك جيداً أن وقوفه إلى جانب قطر مع إيران، سيؤدي لاستبعاده عن المعسكر السني في المنطقة، والذي تقوده السعودية

ولكن، وكما يشير إرديمير وباهيروغلو، لم يكن قرار الاصطفاف مع قطر سهلاً بالنسبة للرئيس التركي. فقد التزمت تركيا الصمت والحذر في بداية الأزمة، ما يوحي بأن تركيا وجدت نفسها في ورطة. واتسمت تصريحات مبكرة لمسؤولين أتراك بالتوازن والحكمة. وأعلن نائب رئيس الوزراء التركي أن أردوغان يسعى للمساعدة في حل الأزمة عبر "ديبلوماسية الهاتف". وقال الناطق باسم الرئاسة التركية إن دول الخليج يجب ألا تستند في علاقاتها إلى "إشاعات وأخبار ملفقة، وعليها أن تعالج الخلاف بالتماشي مع روح رمضان الكريم". وادعى صحفي تركي أن أردوغان احتار بين الوقوف مع السعوديين وبين دعم القطريين. وسخر آخر من كتاب أعمدة موالين للحكومة بأن كلاً منهم أعد مقالين، أحدهما مؤيد لقطر والثاني داعم للسعودية، بانتظار إشارة من أردوغان لما يجب نشره.

تردد مفهوم
وبرأي الباحثين كان تردد أردوغان في محله، لأن الرئيس التركي يدرك جيداً أن وقوفه إلى جانب قطر مع إيران، سيؤدي لاستبعاده عن المعسكر السني في المنطقة، والذي تقوده السعودية، وخاصة بعدما وجدت تركيا نفسها معزولة جراء سياستها الخارجية المتهورة. ويلفت إرديمير وباهيروغلو لضائقة اقتصادية عانت منها تركيا، وبأن تدفق المال القطري لم يكن كافياً لإنقاذ أنقرة.

وكان هناك، بالطبع، عامل ترامب، حيث أراد أردوغان فتح صفحة جديدة مع الإدارة الأمريكية الجديدة. فقد امتنع الرئيس التركي عن انتقاد ترامب حتى حيال أشد الخلافات السياسية حساسية بين تركيا وأمريكا، ومنها تسليح أكراد سوريا، الذين ترى أنقرة أنهم يشكلون خطراً أمنياً كبيراً.

تنفيذ سريع
ورغم ذلك سارعت أنقرة لفك عزلة قطر عبر إرسالها مؤناً وأغذية، ومن ثم تسريع التصويت في البرلمان لتنفيذ خطة قديمة تقضي بنشر قوات تركية في إطار اتفاقية أمنية وقعت في عام 2015 وتعد القاعدة الجديدة الأولى من نوعها خارج الأراضي التركية.

وليست تلك هي المرة الأولى التي تتعاون فيها تركيا مع قطر. ففي عام 2011 ، وضع الجانبان ثقلهما مع إسلاميين وبدآ في تمويل الإخوان المسلمين في مصر وتونس وليبيا وحتى في سوريا، وحماس في غزة.

دعم مالي وإعلامي
ويشير الباحثان إلى أنه بالرغم من كون التدفقات المالية لا تمثل سوى 1% من إجمالي الاستثمارات الخارجية الأجنبية في السوق التركي، إلا أن دعم الدوحة للقطاعات المالية والإعلامية والدفاعية يجعلها شريكاً لا غنى عنه بالنسبة لأردوغان. فقد بلغت اسثتمارات قطر في القطاع الخاص التركي ما قيمته 3.6 مليارات دولار، فضلاً عن ضخها لعملة صعبة تمثل شريان حياة بالنسبة لميزان المدفوعات التركية.

إعادة صياغة
نتيجة لكل ما سبق ذكره، يؤكد الباحثان أن تركيا اختارت الوقوف مع قطر خلال الأزمة الخليجية الأخيرة، إذ لم يكن في استطاعتها التخلي عن شراكة مربحة في وقت تعاني فيه من أزمة اقتصادية داخلية. ولكن مع تعمق الأزمة الخليجية الداخلية، فإن الشراكة التركية ـ القطرية ربما تجبر أنقره على إعادة تقييم علاقتها المضطربة مع الكتلة السنية بقيادة السعودية.

ويختم الباحثان بالقول إن تركيا مرجحة لأن تزداد عزلة في المنطقة، وأن تصبح أكثر اعتماداً على الدوحة لنيل الدعم السياسي والمالي. كما أن صورة أنقرة في العالم معرضة لتشوه إضافي جراء هذه الخطوة. وقد اختار أردوغان حشر نفسه في تلك الزاوية.