الأربعاء 28 يونيو 2017 / 08:55

خطاب الدوحة المزدوج

أمجد المنيف - البيان

منذ بدأت الأزمة، أقصد أزمة قطر، قبل عدة أسابيع تقريباً، والدوحة تتخبط في آلية الخطابات والتعاطي، وتحاول أن تلعب على حبلين مكشوفين.. تناقض فج، وأسلوب بدائي، لا يقنع المتلقي القطري، قبل غيره، فما بالك بالخارج، خارج قطر، وخارج الإقليم، وخارج حدود الأوهام الإيرانية، والتحالفات الورقية.

تقوم السياسة القطرية على ركيزة أساسية، الخطاب المزدوج، فهي تقول داخل الإقليم، أو في المنطقة، إنها دولة قوية، لديها إعلام ومال وتحالفات وموارد بديلة، ولا تتأثر بالمقاطعة. وتقول للعالم الخارجي، أو الغربي حتى أكون أكثر تحديداً، سواء الرأي العام، أو قادة الرأي وصناع القرار، إنها محاصرة، ضمن كذبة تدعيها وتروّجها، وتتباكى من التأثير الاقتصادي الذي تنفيه داخلياً باستمرار.

وزير الخارجية القطري، الجديد على السياسة والمماحكات والأزمات، يبدو مضحكاً، بل مثيراً للشفقة، فلا يوجد له تصريح إلا ويوجد له تصريح آخر يناقضه. أستطيع إدراك ذلك؛ لأنه أداة توصيل، لا رجل سياسة ومفاوضات، هو مجرد دمية تردد ما تمليه عليه رجالات الدولة العميقة، التي تقامر به، غير آبهة بوضعه، وليست مقتنعة بعمله، ثم ستحرقه وينتهي دوره، ويبعد.

تارة يقول إن الدوحة مستعدة للحوار، ويرد على نفسه: لا حوار قبل إنهاء المقاطعة. هو نفسه الذي يطالب بفتح ممرات جوية؛ يؤكد أن الأزمة لم تؤثر على أي قطاع اقتصادي.. أكثر ما يثبت الحديث الثنائي، ما يردده أن الدوحة لم تستلم أي مطالب، من الدول المقاطعة، سابقاً، في وقت يقول إننا مستعدون لبحث ما أسماها بالهواجس الخليجية.

الخطاب الإعلامي لقطر يظهر دوماً متناقضاً، حتى قبل الأزمة، فالقضايا التي ترعاها "الجزيرة" لدول أخرى، محروم التطرق لمثيلاتها داخل قطر.. الاتساق الوحيد لخطاب الدوحة هو التماهي مع الخطاب الإرهابي والمتطرف، بغض النظر عن التنظيم أو الجماعة، المهم هو الشذوذ عن المسار الصحيح، ليكون متماشياً مع صوت قطر.

لا يزال أثر أزمة المقاطعة شديداً على الدوحة، كانت - ولا تزل - تراهن على "حب الخشوم"، لذلك تظهر مرتبكة، فلا هي التي تعبر عن مخاوفها بوضوح، وتعترف بالتأثر، ولا هي الدولة القوية المستقلة، القادرة على المضي في العزلة. وهو مفهوم (إلى حد كبير) إذا ما قارنا المدة الزمنية، منذ بداية الأزمة، وحتى اليوم. تحتاج الدوحة بعض الوقت لتفيق من غيبوبة المكابرة والتحدي اللحظي.

لا بد من التذكير بعمر قطر السياسي المحدود، حتى نحاول أن نفهم الارتباك والازدواج بالخطاب، والذي لم تختبره الأزمات والمنعطفات، ولم ينضج بعد. تقوم السياسة القطرية - باختصار - على المراهنة على التحالفات مع التنظيمات غير الرسمية، الإرهابية على وجه الخصوص، التي لا يعترف بها دولياً، ولا تجد ملاذاً إلا مراهقات الدوحة.. لتحقيق مقولة: التمّ المتعوس على خايب الرجاء. والسلام..