عمال أفغان يحتفلون بإعادة فتح نفق عام 2002.(أرشيف)
عمال أفغان يحتفلون بإعادة فتح نفق عام 2002.(أرشيف)
الأربعاء 28 يونيو 2017 / 14:42

أصداء أفغانستان في التسعينات.. تتردد في سوريا

قارن بول بيلر، زميل غير مقيم لدى مركز الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون، وزميل غير مقيم لدى معهد بروكينغز للسياسة الخارجية، في مجلة ناشونال إنترست، بين المعركة الدائرة الحالية من أجل تحرير الرقة من قبضة داعش، والمصير المحتمل لتلك المنطقة في شرق سوريا، بعد زوال التنظيم والحرب الأهلية في أفغانستان.

لا تخطيط أو استعدادات كافية لمرحلة ما بعد داعش، باستثناء التركيز على الهدف العسكري المباشر

وقال: "ربما يفيد استدعاء حالة سابقة ومشابهة إلى حد ما، حيث هزم عدو مشترك لأفرقاء عدة، من دون أن يقود ذلك إلى تحقيق السلام والاستقرار، بل عوضاً عنه، أدى لاقتتال بين المنتصرين".

وحصل ذلك قبل قرابة عشرين عاماً على أرض أخرى، أفغانستان. وفي الوقت الحالي، تحاول الولايات المتحدة صياغة استراتيجية في سوريا شبيهة بما اتبعته في أفغانستان.

ترتيب فاشل
فبعدما انسحب السوفييت من أفغانستان في عام 1989، استمر نظام نجيب الله الموالي للسوفييت في الحكم لمدة ثلاثة سنوات أخرى، قبل أن يستسلم للميليشيات، التي عرفت مجتمعة باسم المجاهدين، وقاتلت بدعم غربي (شاركت فيه الولايات المتحدة)، السوفييت طوال الثمانينات. وأعقب انتصار المجاهدين اتفاقاً لتقاسم السلطة، ولكن ذلك الترتيب لم يدم طويلاً. فقد انقسم أمراء الحرب الذي تحالفوا على قتال السوفييت، وبدأت مرحلة جديدة من الحرب الأهلية في أفغانستان. وشهدت السنوات القليلة التالية لسقوط نجيب الله قتالاً شرساً في المدن خاصة، وسادت حالة من الفوضى العارمة في جميع أنحاء البلاد. وانتهت تلك المرحلة باكتساح حركة جديدة من الراديكاليين، عرفت باسم طالبان مدعومة من باكستان، وبتحييد الميلشيات في معظم أنحاء البلاد، وبفرض أسلوبها الخاص من الحكم في جنوب ووسط أفغانستان. وحتى هذا اليوم، ما زالت حركة طالبان، تعتبر العدو الرئيسي في أفغانستان لكل من الولايات المتحدة وحلفائها.

فروقات واضحة
ويقول بيلر إن هناك فروقات واضحة بين تلك المرحلة من التاريخ الأفغاني والوضع الحالي في شرق سوريا، ولكن ملاحظات عدة بشأن الحالة الأولى تنطبق على الثانية.

ويلفت الكاتب لعدم وجود ما يكفي من التخطيط أو السعي للتحضير لما بعد داعش، باستثناء التركيز على الهدف العسكري المباشر. وينطبق هذا القصور على الولايات المتحدة، وعلى جميع الأطراف المشاركة في هذه الحرب، الخارجيين منهم أو المحليين.

غياب الحل العسكري
وبحسب بيلر، لم يكن هناك أي حل عسكري للخلافات والنزاعات التي أعقبت الهزيمة الأولى للمجاهدين. ولم تحظ أية ميليشيات أفغانية بالقوة الكافية للتغلب على الباقين. وحتى حركة طالبان لم تستطع قط السيطرة على كامل الأراضي الأفغانية، بل واصل تحالف، نشأ في شمال البلاد، مقاومته للحركة المتشددة.

ويرى بيلر أنه في سوريا، لن يزول نظام الأسد، وخاصة داعميه الروس والإيرانيين. ولكن النظام لا يملك القوة( وليس لدى داعميه الأجانب الإرادة) للسيطرة على جميع الأراضي السورية، والقضاء على مصادر المقاومة له.

طموحات هائلة
ويقول الكاتب إن المرحلة الجديدة من الحرب الأهلية السورية عكست طموحات هائلة وتوسع مهمة البعثة حفزتها انتصارات أولية ووضع أهداف غير مدروسة من أجل تبرير إطالة الحرب.

وفي أفغانستان كان قلب الدين حكمتيار من أشد الزعماء عطشاً للسلطة، ولكنه لم يكن الوحيد. وفي الحرب السورية، تسمع أصداء لما جرى في أفغانستان، ومنها نقاشات بشأن السياسة الأمريكية، وبشأن محاربة المصالح الروسية والإيرانية أو تلك الخاصة بنظام الأسد كجزء من حملة عسكرية كان يفترض أن تتم بهدف القضاء على داعش.

أشكال جديدة
ويرى بيلر أن الأخطار والعداوات التي تنشأ عن إطالة الحرب الأهلية ودخولها مرحلة جديدة قد تتخذ أشكالاً جديدة من الصعب التنبؤ بها. ويحذر الكاتب من وقوع قتال بين مختلف الفصائل المشاركة في الحرب الأهلية السورية، كما جرى في بداية التسعينات بين أمراء الحرب في أفغانستان، ما يعطي فرصة لظهور حركة شبيهة بطالبان في أفغانستان التي كان يستحيل وجودها لو تم تقاسم السلطة في ذلك البلد بصورة صادقة.

وفي سوريا، هناك ديناميكية مشابهة، حيث هيأت الحرب الأهلية، لا نظام محدد، ولا تحالفات خارجية قديمة، لظهور داعش ولتحقيق مكاسبه الرئيسية.

استغلال النصر 
ويخشى الكاتب من تكرار الحالة ذاتها في مرحلة ما بعد داعش، ما لم توضع نهاية للخلافات بين الأطراف المتناحرة عبر تخفيف حدة التوتر وليس إطالة الحرب وتوسيعها. وذلك يعني عدم استغلال حالة الانتصار على خصم ما لتوجيه ضربات موجعة ضد طرف آخر.