الإثنين 3 يوليو 2017 / 11:08

ورقة أردوغان القطرية

المصري اليوم - عمرو الشوبكي

وصلت المدرعات التركية إلى قطر، وأعلن عن بدء مناورات عسكرية مشتركة بين البلدين، قيل إن موعدها معدٌّ سلفاً، في نفس الوقت الذى تنتهى فيه المهلة التي قدمتها الدول العربية الأربع لقطر لتنفيذ 13 مطلباً تتعلق بوقف أنشطتها الإرهابية وتسليم مطلوبين بتهم إرهاب وإغلاق قناة الجزيرة.

وبعيداً عن صحة ما قالته قطر من عدمه بأن هذه المناورات جزءٌ من اتفاقات سابقة، إلا أننا في النهاية أمام واقع جديد، هو وجود قوات تركية في الخليج العربي بناء على طلب دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي، وأن تركيا لها حسابات في المنطقة ستؤثر حتماً على تحركات الدول العربية الأربع في مواجهة قطر.

وبدخول تركيا على "خط المواجهة" العربية القطرية، تغير جانب من المعادلة، فهي ليست قوات إيرانية، وهو ما لم تكن ستقبله أمريكا، ومعها الحاضنة السنية في الخليج العربي كله، إنما هي قوات دولة حليفة للسعودية وباقي دول الخليج باستثناء مصر، وبذلك تصعّب من مهمة التحالف الرباعي العربي في مواجهة قطر.

أما حسابات أردوغان من هذا التحالف، فهي سياسية بالأساس أكثر منها اقتصادية (وإن كان لا يخسر الاستفادة الاقتصادية)، فهو يدعم دويلة صغيرة تمثل امتداداً إخوانياً لسياساته في المنطقة، فأردوغان تواطأ مع الإرهاب ودعم الجماعات الإرهابية في سوريا حتى انقلبوا عليه عقب تنسيقه مع روسيا، ونفذوا عمليات إرهابية داخل تركيا استهدفت مدنيين وعسكريين أتراكا، فاضطر أردوغان أن يدخل في مواجهات عنيفة معهم.

قطر صورة مشوهة ومسخ من السياسات التركية في المنطقة، سواء في تحالفها مع الإخوان، أو دعمها للجماعات الإرهابية والتكفيرية في أكثر من مكان، سواء في ليبيا أو سوريا.. صحيح أن تركيا لديها ركائز قوية لهذه السياسة، فهي لديها دولة قوية وحزب إسلامي حاكم له قواعد شعبية ورئيس بقى في السلطة 16 عاماً يصنع تحالفاته الدولية بصورة براغماتية تجعله يتنقل من التحالف مع أمريكا إلى روسيا بسلاسة مدهشة.

لقد أعلن أردوغان رفضه المطالب العربية التي قُدمت إلى قطر، وأسهب في الدفاع عن قناة الجزيرة، ونسى أو تناسى أنه أغلق 3 وكالات أنباء تركية و16 قناة تليفزيونية و23 إذاعة و29 صحيفة، وسجن 286 صحافياً، وفي نفس الوقت يتهم الدول العربية بغياب الديمقراطية (وهو صحيح)، ولكنه أيضاً أسس نظاماً غير ديمقراطي ينتهك بصورة أكبر من نظم عربية كثيرة الديمقراطية وحقوق الإنسان.

الورقة التركية في قطر ورقة مهمة ومؤثرة، ودول الخليج مطالبة بوضع حدين أقصى وأدنى لمطالبها، فعليها أن تعطى نافذة أو هامشاً يمكن لقطر أن تخرج منه بأن تحافظ مثلاً على خط سياسي خاص بها حتى لو كان قائماً على الخداع والتلفيق، إنما لن يسمح لها مرة أخرى بدعم الإرهابيين في ليبيا أو سوريا أو العراق أو في أي مكان آخر في العالم، كما لم يعد مقبولاً لأبواقها الإعلامية أن تبرر الإرهاب وتحرض على العنف تحت أي ظرف.

على الدول الخليجية الثلاث أن تراجع أوراق قوتها جيداً، وتعمل على تحييد ورقة أردوغان القطرية، أو على الأقل وقف دعمها لقطر حتى تخرج منتصرة من هذه المعركة الصعبة.