وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.(أرشيف)
وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.(أرشيف)
الخميس 6 يوليو 2017 / 20:15

قطر تختار التصعيد.. عليها تحمّل النتائج

قطر ليست جادة فعلاً في البحث عن حلول لمحاصرة أزمة المقاطعة وتأثيراتها، وهي تستغل الوقت في اللعب على وتر المظلومية والتصعيد الدولي

اختارت قطر التصعيد برفضها مطالب قدّمتها الدول المقاطعة (الإمارات، والسعودية، والبحرين، ومصر) عشية انتهاء المهلة، وقال وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في تصريحات في روما إن "قائمة المطالب ستُرفض ولن تقبل. نريد حواراً ولكن بشروط مناسبة". وفي إشارة ضمنية إلى مساع لتدويل الأزمة، أضاف "أن بلاده تريد علاقات قوية مع إيران". والواضح أنها الرسالة الأخيرة من جانب قطر بأنها لن تقف مع الخليج لتكون معه في خندق واحد!

هل يا ترى الأيام المقبلة تُسعف الدوحة لكي تلتقط الإشارات والتحذيرات وتبدأ في إعادة إصلاح مسارها؟ ما زال الوقت سانحاً لكي تتراجع حكومة قطر عن قرارتها الكارثية، واحتضانها منظمات إرهابية محظورة أو شخصيات لديها سوابق إجرامية أو مطلوبة للعدالة، وخدمة المشروع الإيراني في المنطقة، وإغلاق إعلام زائف -الجزيرة-يحاول صب المزيد من الزيت على أزمات المنطقة، وذلك باستخدام الحق الذي يراد به الباطل، أو الرغبة بالتشبث بتيارات حزبية وأجندات سياسية إسلامية أدت إلى انسلاخ حكومة قطر عن الثوابت والمبادئ لتضرب بذلك الوحدة الخليجية. هذه الخيوط المعقدة قد نالت من تاريخها وقيمها، ونزعت عنها لباس المعايير الأخلاقية العربية الأصيلة، وأدبيات التعاون الخليجي.

الأمة العربية سئمت من القوانين الدولية وقراراتها العقيمة، بل الشائكة والمتضاربة أحيانًا، وذلك من خلال إعادة ترسيم حدود دول الشرق الأوسط، ومحاولة تفكيك السيادة الوطنية إلى مناطقية، وتحويلها إلى عدة دويلات طائفيه فاشلة، لتصبح المنطقة العربية أرضاً خصبة للجماعات الإرهابية، دون مراعاة لمعايير المصلحة الوطنية. وكانت المعضلة في عدم وجود قرار عربي حازم وشجاع ينقذ عروبة العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا، ما أدى إلى تشريد الغالبية السنية، التي تمثل الهوية الحامية لعروبة المشرق العربي، وقد أجهز النّظام العراقي السوري المواليين لإيران على ما تبقى من عروبة العراق وسوريا تحت شعارات زائفة "مكافحة الإرهاب".

لهذا جاءت القرارات العربية -دول المقاطعة- التي اتسمت بأعلى معايير النزاهة والإنصاف وتحقيق العدالة لأجل الأمن القومي العربي، وكانت قائمة المطالب الـ13 التي قدّمها كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر التي حددت مصادر الإرهاب، وآليّة تجفيف منابع تمويله، ووقف مروجي التطرُّف.

مازالت شهوة السلطة الزائفة تسيّل اللعاب لاستنزاف مقدرات الأمة وتدميرها، ومازالت الدوحة تستنجد بالتضامن الدولي ليسعف ما تبقى من ماء الوجه -حقوق الإنسان- لاستعطاف الرأي العام العالمي وهو ما فشلت فيه الدبلوماسية القطرية، أو إشعال الفتنة لتلهي صناع القرار- غزة - أو البحث عن أذرع تنتشلها من واقع مأزوم بالأساس لكي تطيل أمد الصرع.

في المقابل، إذا قوبلت الشروط المطروحة بالتعنت والتصلب في المواقف، فإنّ هناك خيارات أكثر صرامة، كما لا يعتبر إخراج قطر من مجلس التعاون الخليجي العقوبة الوحيدة المتاحة، لأنّ الدول الخليجية المقاطعة لقطر تدرس فرض عقوبات اقتصادية جديدة على الدوحة، على اعتبار موقف قطر الأحادي غير متسق مع عضويّتها في مجلس التعاون، بوصفه منظمة أمن ودفاع مشترك.

فالأخطار والتحديات الداخلية المستمرة والمتتابعة التي استهدفت الأمة العربيّة أكبر من أن يغض عنها الطرف. المكابرة والعناد لن ينفعا القيادة القطرية، وهناك عقوبات صارمة أيضاً تنوي الولايات المتحدة اتخاذها لإيقاف تمويل الإرهاب. الدول المقاطعة لن تراهن –من الآن وصاعداً- على منظومة الأمن العربي، كما لا تنازل عن الاستقرار في المنطقة.

من الواضح أنّ قطر ليست جادة فعلاً في البحث عن حلول لمحاصرة أزمة المقاطعة وتأثيراتها، وهي تستغل الوقت في اللعب على وتر المظلومية والتصعيد الدولي، وتراهن على التأني الخليجي الذي يُعد أكبر فرصة للحلم والصبر في التاريخ المعاصر. ولكن ما يزيد الأمر سوءاً عدم الاكتراث والتقدير من جانب الحكومة القطرية، وتهوين الأزمة كأنها سحابة صيف عابرة. وهي قطعاً ستكون مقدمة لخطوات وقرارات إجرائية مقبلة، وها هي قد لاحت في الأفق.