الشارقة عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019.(أرشيف)
الشارقة عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019.(أرشيف)
الخميس 6 يوليو 2017 / 20:26

الشارقة عاصمة عالمية للكتاب... استحقاق كونيّ للإمارات

الاستحقاقات جميعها التي نالتها الشارقة تعكس جهودها وحراكها الثقافي النشط في سبيل التأثير الثقافي عالميًا وليس إقليميًا فقط

إنَّ اختيار إمارة الشارقة عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019 من قبل اليونسكو، هو استحقاق ثقافيّ كونيّ نالته وبجدارة هذه الإمارة الثقافية الشغوفة بصناعة الكتاب والشغوفة كذلك بصناعة الثقافة في أرقى تجلياتها. إنَّ جهوداً دؤوبة قامت بها هذه الإمارة الثقافية على مدى أكثر من أربعة عقود كان لها أثرها العميق في تأسيس بنية ثقافية حقيقية فيها. لقد أسّست الشارقة بنية ثقافية مسرحية استقطبت مهرجانات عالمية وعربية وخليجية للمسرح الذي يُعد من اهتمامات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي كونه شخصياً أبدع مجموعة من المسرحيات المهمة جداً التي أطلق عليها الناقد البحريني الأستاذ الدكتور إبراهيم غلوم تسمية "مسرح القضية الأصلية"، وهو المسرح الذي ينطلق من مبادئ ثابتة تشكّل فكر الشيخ القاسمي وأهمها البعد القومي والبعد العربيّ الإسلاميّ. ولعلَّ تأسيس مسرح المجاز قد أضاف ألقاً ثقافياً وعمرانياً للبعد المسرحي في هذه الإمارة الثقافية، وخاصة في احتضانه لعدد من الفعاليات الثقافية المتميزة مثل أوبريت"عناقيد الضياء"، وكذلك مهرجان المسرح الصحراوي الذي عُقِدَ العام الماضي.

كما احتضنت الشارقة ولاتزال تحتضن فعاليات ثقافية كبرى منها معرضها الضخم جداً للكتاب الذي يعد ثالث أكبر المعارض على مستوى العالم في استقطاب أعداد كبيرة من الناشرين. وفي مجال المبادرات الثقافية تميَّزت هذه الإمارة في إطلاق عدد منها مثل مبادرة "ثقافة بلا حدود"، وهي المبادرة الثقافية التي أرادت كسر حاجز نخبوية القراءة إلى أن تكون الثقافة ملكاً مشاعاً للجميع من خلال المكتبة الإلكترونية وتوفير مكتبة لكل أسرة في الإمارة. كما أطلقت الشيخة بدور القاسمي مبادرة "ألف عنوان وعنوان"، وهي مبادرة تحاول نشر صناعة الكتاب الإماراتي من خلال ألف إصدار خلال سنوات قليلة جداً، وهي معنية بالإصدار الأول من هذه الكتب.

اختيرت إمارة الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية عام 1998 وعاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2014 وعاصمة للسياحة العربية لعام 2015. وهذه الاستحقاقات جميعها التي نالتها الشارقة تعكس جهودها وحراكها الثقافي النشط في سبيل التأثير الثقافي عالمياً وليس إقليمياً فقط، وهذا يبدو من خلال طبيعة المبادرات الثقافية الكبرى في التنمية الثقافية وفي التواصل الثقافي مع الشعوب الأخرى، وحرصها من خلال حاكمها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي على استقطاب أهم الفاعلين الثقافيين العالميين والتواصل معهم في مبادرات ثقافية عالمية خلاّقة.

وقد أنتج الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسميّ عدداً ضخماً من المؤلفات توزعت بين التاريخي والثقافي والإبداعي الأدبي والسيرة الذاتية الروائية، كما أنَّ له ظهوره الثقافي المتميّز في وسائل الإعلام المختلفة ومن أبرزها اللقاءات الثقافية معه. وهكذا فإنَّ الشارقة بحق قد ركَّزت على مشروعها الثقافيّ منذ عهد التأسيس واشتغلت فيه بحبٍ وشغف فصنعت بذلك لها حضوراً ثقافيًا كونياً. والشارقة جزءٌ مؤسِّسٌ من الحراك الثقافي النشطة في دولة الإمارات العربية المتحدة الحبيبة فهناك إمارة أبوظبي التي أسّست ثقافياً عدداً من الفعاليات المهمة فيها مثل هيئة أبوظبي للثقافة التي أصدرت عدداً كبيراً من الإصدارات الرصينة وجائزة الشيخ زايد للكتاب وتأسيس عدد كبير من المتاحف، وإمارة دبي في متاحفها الثقافية وفي مبادراتها الثقافية للارتقاء باللغة العربية وللارتقاء بفعل الثقافة وكذلك الإمارات الأخرى في مبادراتها الثقافية. فهنيئاً لدولة الإمارات العربية المتحدة هذا الاستحقاق الكوني الثقافي.