السبت 8 يوليو 2017 / 19:51

حرب مصر

حين وضع جيش مصر حداً نهائياً لسيطرة الإخوان المسلمين على الدولة المصرية، فلم ينقذ مصر وحدها من الضياع والتشتت والتخلف وفقدان الاستقرار إلى ما لا نهاية، بل أسهم بصورة فعالة في لجم الانتشار الإخواني على مستوى المنطقة بأسرها.

كان متوقعاً أن تُعاقب مصر وأحد عناوينها الرئيسة هو الجيش، بحرب استنزاف تضعف هذه المؤسسة الأهم في الدولة والمجتمع المصري، وحين يضعف جيش مصر، يتداعى سائر الجسد المصري والعربي بالسهر والحمى.

لهذا نشعر بالقلق كعرب بعد كل عملية إرهابية يقتل فيها جنود مصريون وضباط، ومصدر القلق هو سؤال تلقائي، لماذا يتمكن الإرهابيون من طعن الجيش الكبير والعريق في ظهره ولماذا والحرب على الإرهاب مفتوحة الزمان والمكان، يتمكن خفافيش الظلام من إلحاق أذى فادح بجيش هو من أفضل وأقوى الجيوش في المنطقة، وله موقع متقدم في مكانة الجيوش وفق التصنيف العالمي.

ندرك أن جيش مصر يؤدي حرباً صعبة في سيناء الواسعة وظهيره من الأجهزة الأمنية يؤدون دوراً شاقاً ومعقداً في كل أرجاء مصر المكتظة والكبيرة، وندرك كذلك أن جبهة الإرهاب ضد مصر بالذات لا ينقصها التمويل الدولي ولا المعدات القتالية الحديثة ولا الخدمات الاستخبارية، حيث أن الذين يحاربون مصر في سيناء وفي أي مكان تطاله أيديهم ليسوا مجرد مجموعات إرهابية، بل إنهم اكثر من ذلك ممثلون لجهات ترى في مصر قلعة تحد من تنامي نفوذ الإسلام السياسي في المنطقة، بل تشكل القول الفصل في مستقبل هذا النفوذ وبوسعنا تخيل الشرق الأوسط لو لم يتمكن جيش مصر من حماية الدولة وتثبيتها.

مصر وهي في قلب الهدف المعادي تواصل دفع ثمن باهظ لما فعلت، ولما تشكل من مكانة مفصلية في الاستراتيجيات الدولية المتصلة بحاضر ومستقبل المنطقة، إذاً فالحرب على مصر شرسة وتزداد شراسة كلما فرض على الإرهاب تراجع جدي في القدرات والنفوذ.

وهذا يفرض على الدولة المصرية وجيشها القوي والكبير والمؤهل، مزيداً من الترتيبات الداخلية المحكمة لسد الثغرات التي ينفذ منها الإرهابيون ومن ورائهم في الجسد المصري الكبير.

إن لدى مصر قدرات ردعية مجربة داخل حدودها وخارج هذه الحدود، ولديها كذلك تقاليد عسكرية وأمنية من شأنها إغلاق الثغرات وتحصين الجسد المحارب من أخطار الغفلة، وبقدر ما يحزننا تمكن الإرهابيين من الطعن في الظهر بين فترة وأخرى، فما يولد في النفوس ثقة نحن بحاجة إليها في الحرب المعقدة على الإرهاب ومن يقف وراءه، بأن جيش مصر قادر على سد الثغرات مثلما هو قادر على مواصلة حرب ناجحة ضد الإرهاب ومن يقفون وراءه.

تحية لمصر وجيشها والرحمة لشهدائها الابرار والشفاء لجرحاها والنصر لها ولرسالتها الخالدة في الدفاع عن الأمة.