الداعشية الكاذبة.(أرشيف)
الداعشية الكاذبة.(أرشيف)
الثلاثاء 11 يوليو 2017 / 20:00

داعش يغيّر وجه البشرية

داعش ومثيلاته يقتلون الخير والرحمة والجمال في قلوب البشر تحت زعم الإيمان بالله وتحت لواء الإسلام ؟!

ماذا لو نجح تنظيم داعش في احتلال العالم وتكوين الدولة السوداء التي يحلم بها؟ دعوني أقصّ عليكم قصة حدثت بالأمس في مدينة "الموصل" العراقية الباسلة، التي تحررت من احتلال داعش قبل أيام، لتعرفوا أن ذلك الدنس الأسود المُسمّى تنظيم "داعش"، لا يكتفي بنحر الرقاب وحرق البشر أحياء، واغتصاب العفيفات وتلويث أثوابهن النقية بشهوات ذكور مرضى، إنما هو يعبث بـ "الكود" الأخلاقي والإنساني للبشر. أفكار داعش الشيطانية، لو تسيّدت العالم، بوسعها أن تحول القلوب الرؤوفة إلى قلوب قاسية، وأن تُبدّل الرحماء إلى صخور صمّاء.
  
قبل أيام، فوجئ الجنودُ العراقيون الواقفون على حدود مدينة الموصل بسيدة تجري نحوهم وهي تبكي وتنتحب مستنجدةً بهم لإنقاذها ورضيعها الذي تحمله بين ذراعيها ولا يتوقف صراخُه. زعمت تلك السيدةُ أنها استطاعت بأعجوبة أن تهرب من ذكور داعش الذين كانوا على وشك اغتصابها وقتل الصغير. ومن فورهم، بطبيعة الحال، سمح لها الجنود العراقيون أن تمرّ من الحدود؛ تعاطفًا معها وإشفاقًا على الصغير المذعور.

وبمجرد دخولها من بوابات الحدود، انفجرت الثكنةُ العسكرية بكاملها واستشهد أولئك الجنود الطيبون ذوو القلوب الرحيمة. كانت تلك المجرمةُ تأتزر تحت ثيابها بحزام ناسف شديد الانفجار، نزعت فتيله فور مرورها وسط الجنود، فانفجر فيها وفي ذلك الرضيع الذي لا يدري من أمره شيئًا، وقتل رجال قوات الجيش العراقي الذين رحموا ضعفها الكاذب وذلك الصغير المسكين، فكان جزاؤهم الاغتيال والشهادة، فائزين بالفردوس الأعلى بإذن الله.

تُرى، ما هي نتائج تلك الواقعة الخسيسة، غير قتل طفل بريء، هو بالتأكيد ليس ابنها، وخسارة ضباط وجنود ما أحوج الجيش العراقيُّ الآن إليهم؟ النتيجة الوخيمة غير ما سبق هو أن تلك الحادثة سوف تغيّر في "كود" الإنسان السوي الذي يرحم ويرأف ويتعاطف ويُشفق. إنهم يعبثون بالفطرة السوية لدى الإنسان الذي خلقه اللهُ حاملاً بعض صفاته فجعله رحيماً رؤوفًا حانيًا متحضرًا. أولئك الدواعش الأنذال، لا يكتفون بقتل الأطفال بكل خسّة باسم الدين، واغتصاب العفيفات باسم ملكات اليمين، وتدنيس الأرض بكل صنوف الويل والدمار والخراب باسم حماية السماء، الغنية عن حمايتهم، إنما الأخطر أنهم يعبثون بالكود البشري الذي خلق اللهُ الإنسانَ عليه. إنهم يقتلون الخيرَ في قلوب الرحماء. لأن هذا الموقف لو تكرر مع امرأة صادقة تحاول الهرب فعلاً من وَيْل داعش، لن تجد من يصدّقها؛ للأسف. ستظل تلك الواقعةُ الحقيرة محفورة في خبرات كل جنود الأرض، فيحرمون الرحمةَ عن الضعفاء الملهوفين، بسبب تلك المرأة الكذوب المُضلّلة المُضلّة الضالّة. داعش ومثيلاته يقتلون الخير والرحمة والجمال في قلوب البشر تحت زعم الإيمان بالله وتحت لواء الإسلام ؟!

ذكرتني تلك الحادثة المؤسفة بحكاية من فلكلورنا القديم. يحكي لنا المأثور العربي أن فارسًا كان يسير في الصحراء فوق حصانه. فصادف رجلا تائهًا يتعثّر في أسماله وظمإه وجوعه. قرّر الفارسُ النبيل أن ينقذ التائه من الموت المحقق، فأركبه حصانَه ليوصله إلى المعمورة. فما كان من الرجل البائس إلا أن لكز الفرس بمهمازيه وجرى به بعيدًا عن صاحبه، وراح يضحك ويسخر من سلامة طوية الفارس وشهامته!! فهتف به الفارسُ: “خذ الحصان، إن شئتَ، ولكن لا تحكي لأحد ما كان بيننا.” فأجاب اللصُّ مقهقهًا: “هل تخشى أن يُعيّرك العربُ لبلاهتك؟!” فأجاب الفارسُ: “لا! بل أخشى أن تختفي الشهامةُ من أرض العرب بعدما يعرفون ما جرى منك ومني.” هنا انتبه اللصُّ إلى فداحة ما يصنع. الأمر أخطر من سرقة فرس وتشريد فارس. القصة أن الخير سوف يمتنع في الأرض، لأن الناس سوف يخشون أن يصنعوا الخير إن كان جزاءُ الإحسان هو الجحود والنكران والخسّة. انتبه اللصُّ لهذا فأعاد الحصانَ للفارس، وندم واعتذر. خافَ اللصُّ، أن يختفي النبلُ من أرض العرب. لكن الدواعش بقدراتهم الذهنية الفقيرة وأرواحهم الأشد فقرًا لا يدركون ماذا يصنعون.

يا ربي لا تؤاخذنا بما يفعل الكاذبون الضالّون السفّاحون منّا.