قوات عراقية في الموصل.(أرشيف)
قوات عراقية في الموصل.(أرشيف)
الجمعة 14 يوليو 2017 / 14:03

الموصل خطوة ضرورية.. الطريق لدحر داعش لا يزال طويلاً

لفت آشتون كارتر وزير الدفاع الأمريكي السابق ومدير مركز هارفرد بلفر للعلوم والشؤون الدولية، في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إلى أن هزيمة داعش في الموصل تُعد خطوة ضرورية لمكافحة الإرهاب، بيد أنها ليست كافية لدحر التنظيم الإرهابي بصورة ساحقة.

وإذا لم يشعر العراقيون بالرضا عن المرحلة المقبلة، فإن الفوضى والتطرف سيعودان إلى المشهد لا محالة

 ويشير كارتر إلى أنه بعد أشهر من المعارك القاسية في المناطق الحضرية، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يوم الإثنين الماضي الانتصار على داعش في آخر معاقله الإستراتيجية بالعراق، وهو أمر يستحق بالفعل احتفال العراقيين وكذلك الأمريكيين الذين باتوا أكثر أمناً من جراء ذلك.

إيديولوجية الشر

ولكن سقوط الموصل والاقتراب من تحرير الرقة في سوريا، الذي بات وشيكاً حتماً، لن يقضي على إيديولوجية الشر التي ينتهجها تنظيم داعش الإرهابي، ومع ذلك فإن هذا الانتصار سحق إدعاء داعش بامتلاك "دولة" لخلافته المزعومة. ومع فرار زعماء داعش الذين لا يزالون على قيد الحياة إلى الصحراء لم يعد بإمكانهم التظاهر بقيادة حركة رابحة، وعلاوة على ذلك، فإن هزيمتهم تبدد تطلعات وحماسة المتطرفين أو الأرواح الضالة على وسائل التواصل الاجتماعي لشن الهجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها.

ضرورة إستراتيجية
ويرى كارتر أن هزيمة داعش في الموصل تُعد بمثابة خطوة ضرورية في المضى قدماً صوب مكافحة الإرهاب، ويثني على القوات العراقية الشجاعة التي خاضت القتال وكذلك قوات البشمركة الكردية، كما ينوه بدور القوات الأمريكية وقوات التحالف لوضع خطة الحملة العسكرية لتدريب وتجهيز وتمكين قوات الأمن العراقية منذ أكثر من عام، الأمر الذي كان ضرورة استراتيجية لتهيئة الظروف اللازمة لدحر داعش بدلاً من استخدام القوات البرية الأمريكية والتورط في الحرب، وبخاصة لأن ذلك البديل كان سيترك مشكلة الاستقرار والحكم بعد انتهاء الصراع دون حل، وقد اثبت التاريخ أن هذه المهمة يصعب على الغرباء إنجازها.

هزيمة ليست كافية
وعلى الرغم من أن سقوط الموصل من قبضة داعش يثير الارتياح ، فإن هزيمة داعش في الموصل والرقة ضرورية ولكنها ليست كافية، بحسب كارتر، لا سيما أن الأمور العسكرية في العراق لم تعد مقلقة، وإنما صار يتعين التركيز على التدخلات السياسية والاقتصادية التي يجب أن تعقب سقوط داعش؛ وإذا لم يشعر العراقيون بالرضا عن المرحلة المقبلة، فإن الفوضى والتطرف سيعودان إلى المشهد لا محالة.

ويضيف كارتر أن ثمة حاجة إلى استمرار الوجود العسكري الأمريكي في العراق؛ لتحسين أداء قوات الأمن العراقية وتمكينها من الحفاظ على السلام، وكذلك وجود الشركاء في التحالف الدولي وعلى سبيل المثال إيطاليا التي لديها خبرة واسعة في تدريب قوات الشرطة، وكذلك يقترح أن تساهم دول الخليج في تحقيق الأمن الدائم في المنطقة من خلال توفير المساعدات الاقتصادية الحيوية.

سوريا أكثر تعقيداً

ويلفت كارتر إلى أن الوضع في سوريا سيكون أكثر تعقيداً، ولكن الموافقة على توفير الأسلحة والتدريب للعناصر الكردية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية من أجل حصار الرقة كانت من أهم القرارات التي اتخذتها إدارة ترامب، رغم معارضة تركيا الشديدة لمثل هذه الخطوة التي تُعد الخيار الوحيد القابل للتطبيق لتحرير الرقة.

ويقول كارتر: "في حين أن القرار النهائي لم يصدر من قبل إدارة أوباما، فإنني كنت أؤيد بشدة دعم قوات سوريا الديمقراطية والأكراد. ولكن الآن باتت الأيام المتبقية لداعش في الرقة معدودة، وحتى نتمكن من المضي قدماً، علينا الاستمرار في طمأنة تركيا، حليفة الناتو، بالسيطرة على قوات سوريا الديمقراطية للوفاء بالتزاماتها".

مناورات بوتين
ويلفت كارتر إلى أن روسيا لم تلعب دوراً بناءً في هذه الانتصارات الوشيكة التي تحققت بقيادة الولايات المتحدة؛ إذ أرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوات عسكرية إلى غرب سوريا تحت ستار مكافحة الإرهاب، وجعل الانتقال السياسي بعيداً عن نظام بشار الاسد "القاتل"، ومن ثم فإن أي تعاون أمريكي واسع مع روسيا يتجاوز نطاق العمليات العسكرية المتعارضة يتطلب من موسكو الوفاء بالشروط التي لم تلتزم بها أبداً.

وفي ختام مقاله، يحذر كارتر الولايات المتحدة من الانسياق وراء مناورات بوتين الجديدة، ويشدد على أن مكافحة الإرهاب المتطرف سوف تستمر خلال الفترة المقبلة في أماكن أخرى، ولذا يجب الحفاظ على الشراكات الأمنية في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية، ومنها على سبيل المثال أفغانستان حتى لا تتحول مرة أخرى إلى قاعدة للهجوم على الولايات المتحدة.