أتراك يهاجمون دبابة للانقلاببين في يوليو الماضي. (أرشيف)
أتراك يهاجمون دبابة للانقلاببين في يوليو الماضي. (أرشيف)
الأحد 16 يوليو 2017 / 13:59

بعد سنة من الانقلاب...تركيا فقدت ألمع جنرالاتها

24- زياد الأشقر

رأت ليلى جاسينتو، وهي مراسلة الشؤون الدولية في تلفزيون "فرنس 24"، أن الجيش التركي الذي كان ركيزة صلبة للعلمانية في بلد ذات غالبية مسلمة يعتبر ثاني قوة في حلف شمال الأطلسي، فقد جاذبيته الكمالية بعد محاولة الانقلاب ضد الرئيس رجب طيب أردوغان.

وتقول جاسينتو في مقال في مجلة "فورين بوليسي" إن الجنرالات الذين نجوا من التطهير عقب تلك الليلة المشؤومة والخائفين من رد فعل أردوغان، قادوا جنودهم إلى داخل سوريا-الخطوة التي طالما رفضوها- من دون أي تذمر. وطاولت عملية التطهير الواسعة التي بدأت بعيد المحاولة الانقلابية مئات الآلاف من الموظفين المدنيين والقضاة والمسؤولين الأمنيين وموظفين من مؤسسات تديرها الدولة.

وقد جرى ملء المناصب التي كانوا يتولونها على وجه السرعة، وأحياناً بأشخاص من غير الكفاءة. ولم تشكل المؤسسة العسكرية استثناء. وقرع القائد الأعلى للناتو، الجنرال كورتيس سكاباروتي، جرس الانذار في يناير (كانون الأول) عندما حذر من "تراجع" عمليات قيادة الحلف عقب طرد مسؤولين عسكريين أتراك "موهوبين ويمتلكون قدرات".

"هدية من الله"
وغداة المحاولة الانقلابية، التي أوقعت 200 قتيل، وفيما كان الأتراك يفكرون في ما حصل في تلك الليلة الطويلة والمروعة، عرف أردوغان على وجه التحديد من كان مسؤولاً عما وصفه "بهدية من الله". وزعم حتى قبل أن يبدأ التحقيق أن أتباع الداعية الإسلامي فتح غولن الذي يعيش في بنسلفانيا الولايات المتحدة، هم الذين يقفون وراء المحاولة. وكان غولن في يومٍ ما من الداعمين لأردوغان، لكن الرجلين اختلفا عندما بدأ التشهير بالدائرة القريبة من أردوغان واتهامها بالفساد.

الاستخبارات غير مقتنعة
وبعد عام على المحاولة الانقلابية، تقول جاسينتو إن مسؤولي الاستخبارات الغربية وكبار المحللين الأتراك غير متأكدين تقريباً من تورط غولن. وفي وقت سابق من هذه السنة، كشف رئيس الاستخبارات الألمانية برونو كاهل أن أنقرة أخفقت في اقناع وكالة الاستخبارات الخارجية بأن غولن كان خلف المحاولة الانقلابية التي جرى إعدادها وتنفيذها بشكل سيء. وقال لأسبوعية "ديرشبيغل" الألمانية في مارس (آذار) إن "تركيا تحاول إقناعنا بذلك على كل المستويات، لكنها حتى الآن لم تنجح". وعندما سئل ما إذا كانت مؤسسة "خدمة" التي يديرها غولن هي حركة إسلامية متطرفة أو إرهابية، أجاب إن حركة غولن هي رابطة مدنية للتثقيف الديني والعلماني. وجاء في تقرير سربته وكالة الاستخبارات المشتركة للاتحاد الأوروبي أن أردوغان كان خطط لعملية تطهير قبل المحاولة الانقلابية في يوليو (تموز) 2016، وأن مجموعة من الجنود الذين كانوا يخشون عمليات الطرد الجماعي، سارعوا إلى تنفيذ المحاولة الانقلابية على وجه السرعة.

لا دليل حاسماً
وكررت مسودة تقرير تقع في 630 صفحة أعدّتها اللجنة البرلمانية للتحقيق في الانقلاب نشرت في مايو (أيار)، رواية حزب العدالة والتنمية الحاكم، لكن من دون أن تقدم دليلاً حاسماً. في هذا الوقت أُرجئت المحاكمات الأساسية التي بدأت بتغطية إعلامية واسعة في وقت سابق من هذه السنة، إلى 30 أكتوبر (تشرين الأول) بعدما أدلى فيها المتهمون بشهادات متناقضة.

الناتو
وأضافت أن ما نعرفه بالتأكيد هو أن الجيش التركي اليوم ليس الجيش الذي كنا نعرفه. فتركيا فقدت أفضل جنرالاتها وألمعهم. واستناداً إلى تقرير لرويترز في أكتوبر (تشرين الأول) 2016 فإن ما يصل إلى 400 مبعوث عسكري تركي إلى الناتو قد أُعفوا من مناصبهم بعد أشهر من الانقلاب. وداخل تركيا الوضع أسوأ. ويقدر المحلل العسكري متين غورجان أنه بين مارس (آذار) وسبتمبر (أيلول) 2016، انخفض بنسبة 38% عدد الجنرالات، كما انخفض بنسبة 8% في كادرات الضباط للجيش المؤلف من 350 ألف جندي.