عبد الرحمن بن صبيح السويدي(أرشيف)
عبد الرحمن بن صبيح السويدي(أرشيف)
الأحد 16 يوليو 2017 / 20:06

بين الإسلام السياسي والتربية الأخلاقية

التربية الأخلاقية ليست مجرد نظرية إماراتية، إنها أبعد من ذلك، إنها ممارسة وسلوك وقيم واتجاهات فرضت نفسها منتصرة في مواجهة الإسلام السياسي، مرة بعد مرة

ثمة اتهام تُرمى به دولة الإمارات العربية المتحدة بأنها تحارب الإسلام السياسي، وبسبب هذا الاتهام، وعلى نغمات ألحانه تردح قنوات ومنابر وحسابات مسخِّرة كل جهودها للطعن في الدولة، هو أمر لا يزعج الإماراتي المعتد بهويته، والمفاخر بقيادته، والمنتمي لتراب وطنه. فالإمارات تعلنها صريحة بلا مواربة وبلا خجل، وبمرجعية دينية ومجتمعية بأن الإسلام السياسي لا يمثل سماحة الإسلام، ولا يخدم غاياته الكبرى. إنه يخدم أجندات المتسربلين بعباءة الإسلام لتحقيق أهداف حزبية ومطامع شخصية.

فالإمارات التي قدمت أنموذجها في التنمية الداخلية، ومدت بصدق نية، وبصالح طوية يد المساعدة للشعوب العربية التي أهلكتها رياح الربيع العربي، تقدم كذلك رؤية وسطية للإسلام، رؤية تتلمس غاياته الكبرى، وتراعي أصوله الفقهية، وتحقق المصالح، وتدفع المفاسد.

التربية الأخلاقية ليست مجرد نظرية إماراتية، إنها أبعد من ذلك، إنها ممارسة وسلوك وقيم واتجاهات فرضت نفسها منتصرة في مواجهة الإسلام السياسي، مرة بعد مرة. ولعل المرة الأخيرة كانت على درجة من الوضوح ما يرشحها لتكون درساً تطبيقياً لمن يريد أن يعي.

أجد في نفسي الجرأة، وبشيء من الزهو والمتعة، أن أستعرض قصة عبد الرحمن بن صبيح السويدي، الإخواني الذي تاب وعاد إلى حضن الوطن. وأشبهه غير متهيب بقصة نفر لا يحصى من الناس دخلوا في الإسلام حين رأوه أخلاقًا متمثلة في سلوكات أفراده. في قصة بن صبيح تجلت قيم الإمارات الخلقية التي هجرها من أجل تنظيم عفن، فاحتضنته حين تخلى عنه التنظيم وباعه وخانه وتركه في سجون دولة أجنبية.

وحين توقّع بن صبيح أن يخضع لجلسات تحقيق تنتهك إنسانيته اعتماداً على ما يروج له التنظيم، فؤجئ بضباط أمن الإمارات يسافرون لاستلامه، ويعاملونه – رغم ما فعل – معاملة الإنسان للإنسان. وفؤجئ بأن جلسته الأولى كانت زيارة لطبيب يطمئن فيه على صحته ويعطيه دواءه. درس في المسؤولية والرعاية والوفاء والتقدير، وضعه بن صبيح في مقابل دروس الانتهازية والمصلحة والخيانة والغدر والتآمر.

لم يكن درس بن صبيح هو المنازلة الأولى بين منهج التربية الخلقية، وبين الإسلام السياسي، والساحة اليوم حبلى. فشتان بين دولة تعطي الإنسانية خيراً محضاً، وبين دولة احتضنت الإسلام السياسي والجهادي والمتفجر لتصنع مجداً من أشلاء وعذابات البشر.