اعتقالات على خلفية محاولة الانقلاب في تركيا.(أرشيف)
اعتقالات على خلفية محاولة الانقلاب في تركيا.(أرشيف)
الإثنين 17 يوليو 2017 / 15:01

سنة بعد محاولة الانقلاب في تركيا.. التطهير مستمر والمحاكمات غائبة

بعد مضي عام على المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا، تواصل أنقرة عملية تطهير تطاول جميع من تتهمهم بالتعاون مع حركة غولن.

مدرسون وديبلوماسيون وأساتذة جامعيون سابقون يصفون كيف انقلبت حياتهم رأساً على عقب جراء طردهم من وظائفهم

وكتبت لورا باتيل، مراسلة بريطانية مقيمة في تركيا، في مجلة نيوستيتسمان البريطانية أن عائلات قرابة 250 شخصاً قتلوا في يوليو(تموز) 2016، قد لا يعرفون قط من قتل أحبتهم.

تنفيذ أوامر
وتورد ما جرى لمحمد، مجند في أكاديمية القوات الجوية التركية في اسطنوب مثالاً، إذ تلقى الشاب، ليلة 15 يوليو( تموز) من العام الماضي، أوامر منضباط كبار بركوب حافلة مع زملاء له بغرض تنفيذ عملية لمكافحة الإرهاب. ولكن هؤلاء وجدوا أنفسهم جزءاً من محاولة انقلابية، حيث هاجمت طائرات حربية مبنى البرلمان التركي، وتحركت دبابات وسط حشود من المدنيين المحتجين. وفي صباح اليوم التالي، أحبطت الحكومة المؤامرة وأعادت سيطرتها. ووضع محمد، طيار متدرب، داخل زنزانة للشرطة مكتظة بالمعتقلين.

مؤيد سابق
وتشير المراسلة إلى أن والد محمد كان سابقاً من كبار أنصار رجب طيب أردوغان، الذي هيمن على السياسات التركية طوال 14 عاماً، بداية كرئيس للوزراء، ومن ثم كرئيس. ولكن في يونيو( حزيران) الماضي، شارك والد محمد في "مسيرة العدالة"، التي قادها حزب الشعب التركي المعارض.

وسيلة تعبير
وتلفت باتيل إلى أن المسيرة، والتي قطعت 424 كيلومتراً، من العاصمة أنقرة إلى اسطنبول- جاءت بسبب اعتقال أحد نواب البرلمان التركي. ولكن المسيرة غدت وسيلة للتعبير عن مظالم نشأت منذ وقوع الانقلاب الفاشل. وفي يوم 9 يوليو( تموز) تدفق آلاف المحتجين في تجمع حاشد بمناسبة انتهاء المسيرة. وسار والد محمد باسم ابنه، وعمره اليوم 22 عاماً، وما زال معتقلاً في اسطنبول. ولكن لم يوجه له بعد أي اتهام.

قضية غير شعبية
ولكن، وكما تشير المراسلة، لا يحظى الدفاع عن حقوق الانقلابيين المزعومين دعماً في تركيا. ويجفف والد محمد دموعه وهو يصف كم كان مؤلماً سماع إطلاق وصف "خائن" على ابنه، قائلاً: "كان ابني مجرد طالب، ونفذ أوامر عليا. لم يكن متآمراً". ولا يطالب والد محمد بتبرئة سريعة لابنه، بل بمحاكمة عادلة. وهو يتعلق بأمل أن ينال ابنه البراءة، ولكن ثقته ضعيفة في النظام.

وتقول باتيل إن الرئيس التركي، وعبر فرض قانون طوارئ قبل عام، أجرى عملية تطهير في القطاع العام، وبدأ في إعادة تشكيل الدولة. وكان بعض التعديلات سوريالية. وفي صباح يوم من سبتمبر( أيلول) الماضي، استيقظ الأتراك على أنباء تشير إلى أنهم باتوا يعيشون في زمن مختلف. فقد صدر قانون تنفيذي قضى بوقف برامج المواعدة عبر التلفزيون.

مرحلة عصيبة
لكن، بحسب المراسلة، ليست تلك سوى سخافات ضمن مرحلة عصيبة تعيشها تركيا منذ عام. فقد طردت الحكومة أكثر من 150 ألف موظف، ونشرت أسماءهم ضمن قائمة المؤيدين للإرهاب. وتقول إنها التقت نحو عشرين شخصاً، كانوا يجلسون في زوايا مقاهٍ شعبية أو يشربون الشاي على شرفات منازلهم. وكان هؤلاء مدرسين سابقين وديبلوماسيين وأساتذة جامعيين، ووصفوا كيف انقلبت حياتهم رأساً على عقب جراء طردهم من وظائفهم.

معايير مزدوجة
وتعود باتيل لقصة والد الطيار محمد، قائلة إن ما أغضبه هو المعايير المزدوجة التي يشهدها يومياً في بلده. فقد تحدث عن كيفية معاملة ساسة الحزب الحاكم وأقربائهم من المتهمين بعلاقتهم مع حركة غولن. وأشار إلى شقيق زوجته الذي كان سابقاً نائباً لرئيس الوزراء التركي، والذي واعتقل في يونيو( حزيران) في إطار عملية ضد أنصار غولن.  ويقول والد محمد: "بعد ثلاثة أيام على اعتقاله، خرج من السجن، ولا يزال ابني يقبع هناك دون تعيين موعد لمحاكمته".