رسم تعبيري.(أرشيف)
رسم تعبيري.(أرشيف)
الجمعة 21 يوليو 2017 / 20:19

اللي تكسب به العب به

كيف تكون المرأة هي المبادرة في ترغيب الرجل في المنافع التي سيجنيها هو من منحها حقوقها؟

بات شقيقهن الأهوج - والذي عارض إكمالهن لتعليمهن قبل 15 عاماً- يستعد للزواج. وقد أصر على أن تكون زوجته جامعية موظفة، فقد أدرك حاجته إلى من تعينه على أعبائه المادية. تنقلت عيناي بين وجوههن إذ توقعت ثورة من "الردح"، أو البكاء والعويل، وأنا التي عرفت حسرتهن لقتل طموحاتهن.

إلا أن أكبرهن ابتسمت وقالت، "إذاً لم يفت الأوان على إقناعه بأن نستخرج رخصاً للقيادة، فربما أدرك كم سيريحه ذلك من وزر تنقلاتنا".
هناك قاعدة شهيرة وسهلة في كرة القدم: "اللي تكسب به، العب به"، وليست نساؤنا منها بالبعيدات.

إنهن يعرفن أن الطريق الأقرب إلى ضمير الرجل هو غالباً عبر منفعته ومتعته وراحته، فليلم الله من يلمهن إذ يحاولن استغلال كل تقاطع مفاجئ بين مصالح "سي السيد" وبين حقوقهن وحرياتهن.

إنهن ببساطة يصبحن انتهازيات، مثله، وإن كنت أتقزز لوصم الضحية بالانتهازية. تنصهر قيمهن تحت شمس الانتظار، ويصبح شغلهن الشاغل القفز على متن أول فرصة تعبر بهن نحو الحرية، دون الإشارة إلى أنها في الحقيقة إنما سُيّرت لتصب في صالحه، وما هن إلا راكبات تواجدن في المحطة.
أدرك أيضاً أن استرجاع تجاوزات هذا الرجل حينما كانت منفعته ومنفعتهن تسيران في خطين متباعدين، وإعادة فتح ملفات أخطائه وحماقاته وظلمه، مؤلم بالنسبة إليهن. ومضن، مهما كان الأذى قصير العمر، محدود الأثر.

ثم أن الواحدة منهن لا يمكن أن تراهن على تعييب نرجسيته، ومواجهته بأنانيته ومكره، فهو لا يشعر بالاضطرار إلى كبح "فرامله" ندماً وأسى.
بالنسبة للمرأة في هذا السيناريو -أي امرأة-، أتصوّر بأن هناك الكثير مما يمكن أن يُقال، والقليل مما سيُجنى من قوله.

أتفهّم إذاً تعامل المرأة مع الرجل بنفس القدر من الانتهازية التي يبديها، ولكن لسبب ما، أتوقّع منها أيضا –غفر الله لي- أن تبقي فمها مطبقاً حيال ما تفعله.

فكيف تكون المرأة هي المبادرة في ترغيب الرجل في المنافع التي سيجنيها هو من منحها حقوقها؟ كيف يهنأ لها أن تغريه بنفسها بنصيبه الخاص من السعادة لو فتح قفصها، وكسر قيودها؟ كيف تقبل بأن تفاوضه على حريتها بأن تعده بالأضعاف المضاعفة التي سينالها منها؟ كيف ترتضي بأن تضع في يده الآلة الحاسبة التي سيعدد من خلالها فوائده الشخصية من تحررها؟

واعتراضي هنا براغماتي بحت.

فقد آن الأوان لأن تدرك المرأة الخطر في أن ترسّخ لدى الرجل تصوّراً بأن حياتها مجرد منتج جانبي لسعيه خلف حياته. مع اتساع رقعة الاحتمالات المتوفرة أمام المرأة، والأحلام المتيسرة لها، لا يمكن أن تستمر في إقناع الرجل بأن ما تريده وتستحقه سيقع قطعاً تحت مظلة مكاسبه ومصالحه.
ببساطة، لتستوعب حواء أنها إنما تمنحه الضوء الأخضر لأن يقلب دفته متى ما وجد عائداً أعظم بعيداً عن فتات حقوقها وحرياتها.