قادة الحرس الثوري يؤدون التحية للمستشار الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي .(أرشيف)
قادة الحرس الثوري يؤدون التحية للمستشار الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي .(أرشيف)
الأحد 23 يوليو 2017 / 15:09

تغيير النظام في إيران.. 3 جهات مرشحة للحصول على دعم أمريكا

بعد مرور عامين على الاتفاق النووي الإيراني، دعا الصقور الأمريكيون إلى حل المعضلة الإيرانية من خلال تطبيق اقتراحهم المفضل المتمثل بتغيير النظام الإيراني.

إذا أرادت الولايات المتحدة إنشاء دولة أكثر صداقة وأكثر امتثالاً، فإنه يتعين عليها بدلاً من ذلك استخدام الأدوات الأخرى للسياسة الخارجية التي لا تنطوي على إراقة الدماء واستنزاف الأموال

وبحسب ما أشارت إليه مجلة بوليتيكو خلال الشهر الماضي، فإنه في غضون وقت قصير من تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقدمت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن بمذكرة إلى مجلس الأمن القومي مفادها أنه "يمكن فرض استراتيجية التحول الديمقراطي في إيران، لأنها تفتقر إلى التأييد الشعبي وترتكز على الخوف من أجل الحفاظ على السلطة".

ويشير الباحثان ماديسون سكرم وأريان طباطبائي، في مقال تحليلي نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، إلى ما ذكره راي تقيه، الباحث البارز في مجلس العلاقات الخارجية إلى أن "مهمة إدارة ترامب هي دراسة السبل الممكنة للاستفادة من أزمة إيران التي تلوح في الأفق لإزاحة أحد خصوم الولايات المتحدة الأكثر رسوخاً (النظام الإيراني)". وشجع عداء ترامب وفريقه إزاء إيران وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون على الإشارة بأن تغيير النظام السلمي هو أحد الخيارات السياسية التي ربما تلجأ إليها إدارة ترامب.

إزاحة النظام الإيراني
ولكن تغيير النظام ليس ممكناً، برأي الباحثين، إلا إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للالتزام سياسياً وعسكرياً في مسرح آخر في الشرق الأوسط لفترة طويلة من الزمن، وبخاصة لأن محاولة تحقيق انتقال سياسي، ينطوي على التزام سياسي محدود ووجود عسكري ضئيل، لن يقود إلى الهدف المنشود بإزاحة النظام الإيراني أو تطوير حكومة بديلة قابلة للاستمرار.

ومنذ إنشاء الجمهورية الإسلامية في عام 1979، شكلت إيران تحدياً استراتيجياً للولايات المتحدة، ومن أجل مواجهة أنشطة طهران المشبوهة التي تتراوح ما بين انتهاكات حقوق الإنسان وبرنامجها النووي ودعم الجماعات الإرهابية، حض بعض النقاد والعلماء واشنطن على ممارسة المزيد من الضغوط على النظام الإيراني، بيد أن الكثير من توصياتهم يحمل أوجه قصور أساسية.

فعلى سبيل المثال، يفترض البعض أن الضربات الجوية ضد إيران ستقود إلى وقف الأنشطة النووية الإيرانية، ولكنهم يخفقون في تحديد إستراتيجية واقعية تدعمها تلك العمليات العسكرية المقترحة وتحول دون حدوث خسائر محتملة. بينما يعتقد آخرون أن تغيير النظام هو السبيل الوحيد لمعالجة سوء سلوك إيران للأبد، ولكنهم فشلوا أيضاً في وضع الخطوط العريضة للوسائل المطلوب اتباعها للوصول إلى مثل هذه النتيجة وجعلها مستدامة.

إشكالية المعارضة
ويقول الباحثان: "يجب أن يدرك صناع السياسة الماهرون أن تحليل الفوائد والخسائر لتغيير النظام الإيراني مرهون بالإستراتيجية والوسائل التي سيتم تنفيذها. ويكشف تاريخ الولايات المتحدة الطويل في تغيير الأنظمة الحاكمة أن ثمة طريقتين تقريباً أمام واشنطن لمحاولة انجاز هذا الهدف في إيران: أولاهما دعم فصيل لديه علاقات ودية مع الولايات المتحدة، وثانيهما غزو البلاد واستبدال مؤسساتها. وعلى الرغم من ذلك، فإنه حتى مع التسليم بأن تغيير النظام الإيراني يصب في مصلحة الولايات المتحدة، فإنه من غير الممكن لأي من هاتين الطريقتين أن تقود إلى تحقيق الغاية المرجوة".

ومن الناحية النظرية، هناك ثلاث جهات في إيران مرشحة للحصول على دعم الولايات المتحدة، بحسب الباحثين، وهي:

"مجاهدي خلق"
أولا: منظمة مجاهدي الشعب أو مجاهدي خلق المعروفة بمعارضتها لطهران والموجودة بشكل متزايد في واشنطن ولديها بعض الدعم بين عدد من المسؤولين والمشرعين، ولكنها لا تحظى بشعبية كبيرة على الصعيد المحلي بسبب دعمها لغزو صدام حسين لإيران عام 1980، ومن ثم فإن تغيير النظام المدعوم من مجاهدي خلق سيكون مصيره الفشل.

الحركة الخضراء
ثانياً: الحركة الخضراء التي برزت خلال الانتخابات الرئاسية للعام 2009 احتجاجاً على التزوير لإعادة انتخاب الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجادي. وعلى الرغم من أن الحركة تلاشت بعد بضعة أشهر من الانتخابات، فإن بعض الساسة في واشنطن لا يزالون يعتقدون أنها قادرة على الإطاحة بالنظام الإيراني الحالي، ولكن هذه الحركة لم تكن أبداً فصيلاً متماسكاً ولم تهدف إلى إسقاط النظام. وعلاوة على ذلك فقد أيدت الرئيس الإيراني حسن روحاني "المعتدل" في الانتخابات الرئاسية التي أجريت منذ عام 2009 وفي 2013 و2017، ومن ثم فإن هذه الحركة، مثل الجهمور الإيراني الأوسع، تريد إصلاح النظام لا الثورة، ولن ترحب بالتدخل الأمريكي في السياسة الداخلية الإيرانية.

ولي عهد شاه إيران السابق

ثالثاً: أن تدعم الولايات المتحدة محمد رضا بهلوي، ولي عهد شاه إيران السابق الذي فر من البلاد خلال الثورة، (المقيم حاليا في الولايات المتحدة) والذي يمكنه من الناحية النظرية العودة إلى إيران لاستعادة عرش والده. ولكن بهلوي هنأ الرئيس المنتخب عقب الانتخابات الرئاسية عام 2016، في محاولة لأن يفرض نفسه كلاعب سياسي، وطلب من ترامب التعامل مع القوى العلمانية والديمقراطية في إيران. وعلى الرغم من أن النظام الملكي يتمتع بشعبية أكبر من منظمة مجاهدي خلق، فإن الحنين لتلك الأيام لا يزال محدوداً. وعلى كل حال، لم تشهد البلاد ثورة لتعود إلى نظام الشاه، وهي خاضت حرباً مدمرة استمرت ثماني ستوات، وتحملت ما يقرب من 40 عاما من العقوبات والعزلة.

عملية سرية
وتفتقر الجهات الثلاث إلى توافر رأس المال السياسي أو الدعم الشعبي أو حتى الرغبة في التعاون مع الولايات المتحدة لإسقاط النظام الإيراني. ونتيجة لذلك يقترح الباحثان النظر في خيار آخر وهو قيام الاستخبارات الأمريكية بعملية سرية لاغتيال شخصيات بارزة داخل النظام مثل المرشد الأعلى آيه الله خامنئي وكبار قادة الحرس الثوري الإيراني.

ولكن هذا لن يعالج قضايا واشنطن مع طهران، لاسيما أن الحكومة الإيرانية تتألف من شبكة معقدة نسبياً من اللاعبين داخل المؤسسات السياسية والأمنية وخارجها، حيث جرى تصميم هذه الأجهزة عمداً لحماية النظام من الانقلابات المحتملة، وهو أمر مختلف عن نظام السلطة المركزية لعراق ما قبل عام 2003 الذي جعل من السهل إسقاط النظام العراقي من خلال الإطاحة بقائده صدام حسين.

الحل العسكري
ويلفت الباحثان إلى أنه في ظل غياب شخصية بارزة معارضة يمكن دعمها، يصبح الخيار الوحيد أمام واشنطن لتغيير النظام هو استخدام الوسائل العسكرية وإنشاء نظام جديد مع إجراء إصلاح مؤسسي وترسيخ مؤسسات قوية بدعم شعبي حتى يكون انتقال القيادة مستداماً، ولتجنب عدم الاستقرار في منطقة هشة فعلاً، ولكن هذه المهمة سوف تستغرق وقتاً طويلاً وموارد كبيرة وعلى الأرجح سوف تتطلب حملة عسكرية طويلة الآمد ومكلفة للغاية في بيئة معقدة جداً حجمها ثلاثة أضعاف حجم العراق، وتشمل صحارى وجبالاً وسهولاً شاسعة فضلاً عن المدن الكبرى التي يقطن فيها 70% من عدد سكان إيران البالغ عددهم نحو 80 مليون نسمة، وهذا سيقود بلا شك إلى اقتتال وحشي واندلاع حرب أهلية.

السبل الدبلوماسية
ويشدد الباحثان على أنه خلال الاعوام ال14 الأخيرة، أدرك الأمريكيون أن تغيير النظام من خلال الوسائل العسكرية ليس بالحل السريع والسهل. والواقع أنه للوصول إلى تغيير مستدام للنظام عادة ما يكون انتقال السلطة مجرد بداية لحملة عسكرية تستغرق وقتاً طويلاً، ولذلك إذا أرادت الولايات المتحدة إنشاء دولة أكثر صداقة وأكثر امتثالاً، فإنه يتعين عليها بدلاً من ذلك استخدام الأدوات الأخرى للسياسة الخارجية التي لا تنطوي على إراقة الدماء واستنزاف الأموال، والتي ثبت أنها أكثر فعالية على الأمد الطويل.

ويختتم الباحثان بحض الولايات المتحدة على استخدام نفوذها في محاولة لدفع إيران لتغيير سياساتها من خلال السبل الدبلوماسية والتركيز على المصالح المشتركة الأمريكية والإيرانية ومنها دحر داعش لضمان الاستقرار والأمن في المنطقة بصورة دائمة، وفي الوقت نفسه لا ينبغي أن تترك الولايات المتحدة التهديدات الإيرانية دون إجابة، ولكن التخلي عن السبل الدبلوماسية قبل منحها فرصة للنجاح سيكون أمراً خادعاً.