صورة ترمز إلى الدعم الإعلامي الذي تقدمه الجزيرة لجماعات إرهابية.(أرشيف)
صورة ترمز إلى الدعم الإعلامي الذي تقدمه الجزيرة لجماعات إرهابية.(أرشيف)
الثلاثاء 25 يوليو 2017 / 15:06

كيف يمكن للغرب أن يساعد في حلّ الأزمة مع قطر؟

أوضح رئيس تحرير صحيفة "أراب نيوز" السعوديّة فيصل عبّاس وجهة نظر المملكة العربيّة السعوديّة تجاه المسألة القطريّة إلى قرّائه عبر "معهد أسبن" وهو مؤسسة رأي أمريكية تأسّست سنة 1950 ومقرّها واشنطن.

الجزيرة العربية وصفت ب "شبكة الإرهاب" في عهد إدارة بوش الابن كما كتبت عنها صحيفة "نيوروك تايمز" الأمريكية لأنها حوّلت بن لادن إلى "نجم"

ويكتب عباس عن تحوّل الخلاف مع قطر إلى تنسيق سريع للجهود بين الدول الرباعية المناهضة للإرهاب (الإمارات، السعودية، البحرين، مصر) لإجبار الدوحة على الالتزام بالاتفاقات التي تمّ التوصل إليها خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرياض. وهذا يعني تجفيف منابع تمويل ودعم الإرهاب وضرب "قوى الظلام التي أطلقتها إيران".

المشكلة مع ادعاء قطر قرصنة موقع وكالتها الرسمية للأنباء أنّ كل ما جاء في تقريرها التي تنفي صحّته، يتوافق مع التفكير السائد في الدوحة. والأمر الذي لم يساعد الناس على تصديق قطر حين تحدّثت عن القرصنة يكمن في أنّ الدوحة باتت مشهورة في ازدواجيّة كلامها لدرجة أنّ جيرانها أصبحوا مشككين بأي بيان تعلنه ولا يصدقونها إلا عندما تتصرّف على الأرض. ويشير عباس إلى أنّ الدوحة وقعت على اتفاقيتين سنة 2013 و 2014 مع جيرانها الخليجيين للتوقف عن التدخل بشؤونهم الداخلية وضرب التنظيمات الإرهابية لكنها لم تلتزم بهما.

سياسات ملتوية وغير مفهومة
يزداد جيران قطر إحباطاً من سياستها الخارجية الملتوية والتي يبدو أن لا أحد يفهمها. فهي تؤمّن ملايين الدولارات لحماس علماً أنّها مصنفة إرهابية من قبل دول عديدة، ممّا يؤدي إلى تقويض "فتح" وهي الفصيل الفلسطيني المعتدل. وما يثير السخرية أنّ قطر هي أول دولة في مجلس التعاون تستقبل مسؤولين إسرائيليين وتسمح بمكتب تمثيلي لهم. وكانت الدوحة مقرّبة من الزعيم الليبي السابق معمّر القذافي لكنها كانت الأولى التي انقلبت عليه. وتآمر مسؤولون في الدوحة ليخلقوا الفوضى في السعودية لفترة طويلة ومن بين الأدلة على ذلك، التسجيلات الصوتية التي تسرّبت مؤخراً والتي تظهر الشيخ حمد آل ثاني يتحدث مع القذافي لإسقاط العائلة الحاكمة في السعودية.

يقظة أممية وأمريكية
ويكتب عباس أنّ قطر كانت تاريخياً ممولاً للإرهاب على أعلى المستويات كما قال ترامب. وهذا ليس اتهاماً. فبحسب لوائح الإرهاب الأممية والأمريكية تستضيف قطر وتؤوي إرهابيين من بينهم قطريو الجنسيّة، كما قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنّ "الكيانات والأفراد داخل قطر يستمرّون في تشكيل مصدر للدعم المالي للإرهابيّين ومجموعات متطرفة عنيفة، خصوصاً فروع القاعدة الإقليمية مثل جبهة النصرة". وكان الكونغرس الأمريكي يقظاً تجاه كون "الجمعيات الخيرية الموجودة في قطر تساعد في نقل وغسل الأموال المرتبطة بالقاعدة، وتؤمن التوظيف والتوثيق لوجوه أساسيّة في العمليّة".

ملايين الدولارات
يكتب عباس عن أنّ حوالي 50 مسهّلاً بارزاً للتمويل في القاعدة، جميعهم موجودون على لائحة وزارة الخارجية الأمريكية، يملكون صلات كبيرة بين شبكة القاعدة في طهران وعملاء إرهابيّين في قطر. من بين هؤلاء سليم خليفة الكواري الذي يعيش اليوم في الدوحة والذي قالت الاستخبارات الأمريكية إنّه أمّن مئات آلاف الدولارات لخلية القاعدة في إيران والتي يترأسها محسن الفضلي. وسهّل تجنيد المقاتلين من جنوب آسيا والشرق الأوسط لصالح قادة بارزين في القاعدة داخل إيران. خليفة محمّد تركي السبيعي هو مموّل قطري آخر للقاعدة وتحديداً لمقرّب عسكريّ من الفضلي. فقد أمّن ملايين الدولارات على امتداد عقد من الزمن لشبكة خوراسان المرتبطة بالقاعدة والموجودة في سوريا والتي أسسها الفضلي حين كان في إيران.

الحرزي والإسلامبولي

وهنالك أيضاً طارق الحرزي الذي جنّد وسهّل انتقال المقاتلين من أوروبا إلى داعش. ووفقاً لوزارة الخزانة الأمريكية عمل على تأمين مليوني دولار لداعش من مسهّل تمويل موجود في قطر، بينما لم تفعل قطر أي شيء لضرب نشاطاته. وقامت الدوحة خلال مرات عديدة باستضافة محمّد شوقي الإسلامبولي، زعيم بارز في خوراسان، وشقيق قاتل الرئيس المصري السابق أنور السادات. وكان الإسلامبولي يعيش في إيران كما إنّه مقرب من أيمن الظواهري.

الجميلة أم الوحش؟
يرى عباس أنّه حصل خطأ حين فشل الرباعي خلال التحضير للمطالب، بالتمييز بين الجزيرة بنسختها الإنكليزية ونسختها العربية. وبالنسبة إليه وقع الرباعي في خطأ آخر وهو طلب إقفال القناة فيما كان كافياً إلزامها بقطع دعمها الإعلاميّ للإرهاب. ويشير إلى طرفة طويلة العهد تُتداول في الشرق الأوسط حول التمييز بين النسختين الإنكليزية والعربية. فحين يطلب أحد وضع قناة الجزيرة يسأله الآخر: "أي واحدة، الجميلة أو الوحش؟" وبالنسبة إلى عباس كان من الأفضل على الرباعي أن يضيء على كون المشكلة مع النسخة العربية من الجزيرة هو تأمينها منصّة للمحرضين على الكراهية. كما يذكّر عباس بأن الجزيرة العربية وصفت ب "شبكة الإرهاب" في عهد إدارة بوش الابن كما كتبت عنها صحيفة "نيوروك تايمز" الأمريكية لأنها حوّلت بن لادن إلى "نجم".

خطوتان مطلوبتان من الغرب
يشير عبّاس إلى أنّ الرياض لا تستطيع تحمل أن يكون أحد جيرانها ممولاً للإرهاب الذي يستهدف قلب المملكة كما باقي دول العالم. وبالنسبة للذين يقولون إنّ المقاطعة كانت قاسية يسأل كاتب المقال عن البديل. ومع أنّ عدّة دول حول العالم حاولت التوسّط في الأزمة، فإنّ الرباعي وافق على شخص واحد كوسيط أساسي وهو أمير الكويت الشيخ صباح الذي حاول بلا كلل منذ بداية الأزمة أن يجد حلّاً. لذلك يمكن للمجتمع الدولي أن يساعد في إيجاد الحل من خلال دعم المبادرة الكويتية أوّلاً ووضع مزيد من الضغط على الدوحة، للتوصّل إلى حلّ مع جيرانها.