رجال شرطة يقمعون متظاهرين في اسطنبول.(أرشيف)
رجال شرطة يقمعون متظاهرين في اسطنبول.(أرشيف)
الثلاثاء 25 يوليو 2017 / 15:04

تركيا.. ديمقراطية إلى زوال وقمع وحشي لن يدوم

رأى إرسين سينال، اقتصادي وعالم سياسي مقيم في إسطنبول، أن الديمقراطية في تركيا مهددة بالزوال، ولكن عملية القمع الوحشي لن تدوم.

الانقلاب الفاشل ساعد أردوغان على تقوية سلطته، واستخدامها لتطبيق أجندته السياسية

وكتب في صحيفة "ذا غارديان"، أنه بعد عام على المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا، يواجه نظام الرئيس رجب طيب أردوغان معضلة تتعلق بالخشية من أي تحرك في الشارع. وكان القمع القاسي لأردوغان لاحتجاجات حديقة جيزي في عام 2013، أو التظاهرات التي خرجت في مدن كردية في جنوب شرق تركيا، أمثلة على ذلك التخوف. ولكن في ظل اعتماد سلطة أردوغان على معادلة "إما معي وإما ضدي"، فإنه بحاجة أيضاً لمشروعية أساسها الشارع.

تهديدات ووعود
ويلفت العالم السياسي للاحتفالات التي خرجت في 15 يوليو( تموز) في الذكرى السنوية الأولى للمحاولة الانقلابية، والتي سعى خلالها الرئيس التركي لحشد دعم شعبي لمعاقبة منفذي الانقلاب بالإعدام، وتحدث عن "قطع رؤوس" من وصفهم بالخونة.

ونتيجة لتعطيله المعارضة البرلمانية والحكم في ظل استمرار قانون الطوارئ، لا يستطيع أردوغان منع ظهور حركات معارضة في الشارع. وخير برهان على ذلك "مسيرة العدالة" التي نظمها قبل أيام زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كليتشدار أوغلو، والتي حشدت ما يقارب 1,5 مليون مشارك في يومها الأخير في إسطنبول.

سجل سيئ

ويشير سينال إلى أن أردوغان وأتباعه جاءوا من تقليد للإسلام السياسي غالباً ما يتهم بأنه يسعى لفرض قانون الشريعة خلسة. ومن وراء ذلك، أعطى أردوغان لتركيا صورة أسوأ من مثيلاتها الصين وإيران، بسبب سجنه لصحفيين ونشطاء. ومنذ يوليو( تموز) 2016، قاد عملية قمع وملاحقة معارضين له، ما أدى لاعتقال ما يزيد عن 50 ألف شخص، والتحقيق مع حوالي 170 ألفاً آخرين. وبات الآن من العدل القول إن الديمقراطية ومؤسساتها في تركيا تقوض يومياً.

أجندة سياسية
كما يبدو، بحسب سينال، أن الانقلاب الفاشل ساعد أردوغان على تقوية سلطته، واستخدامها لتطبيق أجندته السياسية. وأخذ في تعميق تلك الأجندة عبر مؤسسات إسلامية، كالمساجد. وأصبحت إدارة الشؤون الدينية بمثابة جهاز خاص في خدمة مبادرات أردوغان السياسية. وبحسب اتحاد "عمال العلوم والثقافة"، يدرس حالياً عشرات الآلاف من الطلاب الأتراك في مدارس دينية، وقد تضاعف عددهم منذ تولي أردوغان السلطة في عام 2002. وهكذا بات أردوغان يوظف الإسلام السياسي لصالح سلطته.

نموذج سابق
ويلفت الكاتب لاعتبار تركيا، حتى وقت قريب، نموذجاً لدولة ديمقراطية في العالم الإسلامي. ولكن أردوغان بدأ مسيرته السياسية كإسلامي تقليدي، وأعطى لنفسه صفة الديمقراطي المحافظ عبر تأسيس حزب العدالة والتنمية، آي كي بي. ولسنين طويلة، بدا أن الجيش التركي المتمسك بالمبادئ الكمالية العلمانية قد سيطرعلى السلطة. ولكن بدا أيضاً أن الديمقراطية التركية بحاجة إلى قوة قادرة على ضبط قوة العسكر. وظهر أردوغان، في نظر مراقبين غربيين، بأنه يمثل الحل المنشود.

آمال ضائعة
ولكن، وبحسب سينال، بعد المحاولة الانقلابية في العام الماضي، والاستفتاء الذي أجري في إبريل( نيسان) على تعديلات دستورية ستؤدي لتوسيع صلاحيات الرئيس التركي، فقد ضاعت آمال بشأن احتمال إعادة أردوغان لتركيا نحو مسار ديمقراطي.

وفي هذا السياق يطرح آلان روكوي، عالم سياسي فرنسي، وصف "هيمنة الديمقراطية" في إشارته لأنظمة مثل تركيا تحت حكم أردوغان. ويرى روكوي أن تلك ليست ديمقراطيات ليبرالية، لأن لا احترام لحقوق الأقليات ولا لحكم القانون فيها. ولكنها ليست أنظمة ديكتاتوية أيضاً، لأنه تحصل فيها انتخابات، ومن هنا تصبح عملية إجراء تحول سياسي ممكنة. وقد صرح أردوغان يوماً بأن "الديمقراطية وسيلة لا غاية"، ما يعني أنه يمكن سقوط أحدهم في أية لحظة.

عجز
من ناحية أخرى، يرى سينال، أن أردوغان يبدو عاجزاً عن إجراء تحول اجتماعي يلبي حاجاته السياسية. فقد أظهر الاستفتاء الأخير أن كبرى المدن التركية، إسطنبول وأنقرة وإزمير، فضلاً عن المنطقة الكردية في جنوب شرق تركيا، قد صوتت بنسبة عالية ضد رئاسته.

وفي نفس الوقت، يعاني الاقتصاد التركي من ضعف الاستثمارات والسياحة واستمرار تدني قيمة الليرة التركية. ونتيجة له، أخذ آلاف المتعلمين الأتراك في الهروب إلى خارج تركيا بحثاً عن حياة أفضل ينعمون فيها بالكرامة والأمان.