الرئيس الايراني حسن روحاني ملتقياً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (إذ كان وزيراً للاقتصاد). (أرشيف)
الرئيس الايراني حسن روحاني ملتقياً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (إذ كان وزيراً للاقتصاد). (أرشيف)
الأربعاء 26 يوليو 2017 / 12:27

أوهام أوروبية تجاه طهران.. كيف لفرنسا أن تتدخّل؟

كتب الباحث والمحلّل السياسي مانويل ألميدا مقالاً في صحيفة "أراب نيوز" السعوديّة، يلقي الضوء فيه على ضرورة أن تقود فرنسا الدول الأوروبية للتصدي للمشاريع الإيرانية في الشرق الأوسط.

الموقف الأوروبي المدفوع أساساً بمصالح تجارية والتأثير الأوسع للاتفاق النووي يعبّر عن قصور نظر

 ورأى أنّه مع بداية تبلور سياسة خارجية جديدة في عهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ستكون المخططات التوسعية الإيرانية اختباراً كبيراً للدبلوماسية الفرنسية. والدور الفرنسي مهم جداً في هذا الخصوص بحسب ألميدا نظراً إلى الخلاف الكبير حول إيران بين واشنطن من جهة وبروكسل من جهة أخرى.

بصورة عامة، تسعى عقيدة ماكرون إلى إعادة بعض الأهمية الفرنسية الضائعة على المستوى الدولي وإعادة الحياة إلى المشروع الأوروبي. أمّا في الشرق الأوسط، فيشير ألميدا إلى أنّ الأولوية ترتبط بمحاربة الإرهاب عبر هزيمة داعش والنصرة بشكل مباشر. لكن في سوريا، "يكمن الشيطان في التفاصيل".

قلة وضوح
حذرت حكومة ماكرون النظام السوري وداعميه من أنّ استخدام السلاح الكيميائي هو خط أحمر بالنسبة إلى فرنسا. لكن هنالك قلّة وضوح لدى ماكرون حول مصير بشار الأسد الذي هو سبب أساسي لنشر الإرهاب في المنطقة وما وراءها، من خلال التلاعب بالمجموعات المتطرفة للسعي خلف أهداف سلطوية إضافة إلى القمع الوحشي لشعبه.

وذكّر الكاتب بأن ماكرون لفت النظر إلى أنّه "لم يقل يوماً إنّ الإطاحة ب ... الأسد كانت شرطاً مسبقاً لكل شيء، لأنه لم يدلّني أحد إلى خلفه الشرعي". وفُهمت هذه الكلمات على أنها دعم لبقاء الديكتاتور السوري في منصبه.

مخاوف
أولوية فرنسا على هذه الجبهة هي في ضمان عدم انهيار المؤسسات الفرنسية علماً أنّ فرنسا، أقله إلى الآن، تعتمد على رئيس دمّر الكثير في بلاده من أجل أن يبقى في السلطة. ولا مفرّ من أن يكون حل الأزمة السوريّة مرتبطاً بمخططاتها التوسعية في المنطقة. وهذه المخططات ستصبح أوضح بعدما تزداد هزائم داعش في سوريا والعراق.

وفي وقت تصعد فيه واشنطن وموسكو على المركب نفسه في مسألة "مناطق خفض التصعيد" وفي محاربة الإرهاب، هنالك مخاوف من أنّ روسيا قد تفوّقت على إدارة ترامب كما فعلت سابقاً مع إدارة أوباما.

وفي حال لم يكن هنالك أي عملية تبادلية مع روسيا، كطرد إيران من الشرق الأوسط مثلاً، فإنّ إعلان إدارة ترامب إنهاء برنامج دعم الثوار المناهضين للأسد يثير المخاوف. فإلى جانب الأسد، ستكون إيران المستفيدة الأولى من الاتفاق الروسي الأمريكي، إذ إنها تتمتع بآلاف القوى الكلاسيكية والميليشيات الشيعية وتبدو أنها على وشك تأسيس وجود عسكري دائم في المنطقة.

الأوهام الأوروبية
بينما تتزايد المواقف الأميركيّة حدة تجاه إيران، تظهر أوروبا واثقة، إن لم تكن واهمة، تجاه تأثير الاتفاق على مستوى تحويل سياسات طهران. فالتطورات الأخيرة عزّزت الفجوة الموجودة بين واشنطن وبروكسل وبرلين تجاه إيران. خلال الأسبوع الماضي، بعدما قالت واشنطن إنّ إيران ملتزمة بالاتفاق، أعلنت عن سلسلة جديدة من العقوبات المرتبطة بالأنشطة العسكرية والإقليمية لطهران. بينما قالت رئيسة الدبلوماسية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في وقت مبكر من هذا الشهر، إنّ "الاتفاق النووي ليس ملكاً لدولة واحدة. إنه ملك المجتمع الدولي، لنظام الأمم المتحدة".

قصور نظر
أعلنت موغيريني عن موقفها حين كانت إلى جانب وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، ما يعني أنّ ذلك يشير إلى التفكير الأوروبي السائد حول إيران. لكنّ الموقف الأوروبي المدفوع أساساً بمصالح تجارية والتأثير الأوسع للاتفاق النووي يعبّر عن قصور نظر بحسب ألميديا. قد لا يرى الأوروبيون إيران كتهديد مباشر لاتحادهم لكنّ سياستها الراديكالية تجاه الدول المجاورة للإطاحة بالأنظمة ومع دعم لنظام الأسد القاتل والميليشيات الشيعيّة عبر المنطقة يجب أن يثير المخاوف في العواصم الأوروبية.

الشهر الماضي، زار وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف العاصمة الفرنسية ليلتقي بماكرون ولودريان. ويتوقّع أن يزور الأخير طهران في الأشهر القادمة. وطالب كاتب المقال فرنسا أن تمنع أوروبا من الاستمرار في سياسة تفادي توجيه تحذيرات حاسمة لإيران والاستمرار في إغراقها بالهدايا.