مواجهات اسرائيلية في باحة الأقصى.(أرشيف)
مواجهات اسرائيلية في باحة الأقصى.(أرشيف)
الأربعاء 26 يوليو 2017 / 17:46

الإرهاب الإسرائيلي في مهبط الوحي الأوَّل

لا بد من تحرك المجتمع الدولي بكافة منظماته ومؤسساته المختصة، لوقف الإنتهاكات لسيادة المسجد الأقصى للمسلمين، وضمان حماية المصلين، وكل الرموز الدينية

أليست القدس مهبط الوحي الأوَّل لكل الانبياء، ومكان الإسراء النهائية إلى بيت المقدس، وأول المعراج من بيت المقدس، اصطفى الله القدس وبارك فيها وما حولها، للدلالة على عظيم منزلتها ورفعة مقامها وشأن القاطنين فيها.

وما حدث من انتهاكات من سلطات الإحتلال الإسرائيلي بحق المسجد الأقصى المبارك في أقدس مكان وزمان -الجمعة- ومنع إقامة صلاة الجمعة فيه لأول مرة منذ خمسين عامًا، سابقة خطيرة. ووصل الأمر بقوات الإحتلال إلى حد حصار البلدة القديمة، ومنع حرية العبادة، وإهانة المصلين، وإذلال رموزها، وانتهاك حرمة دور العبادة، وتمزيق محتويات المسجد من وثائق هامة. وما تتعرض له فلسطين من قتل وتدمير والغاء وسلب موروثها. ... مؤشرات دالة على الإمعان في إرهاب القاطنين والمصلين وعدم مراعاة مشاعر المصلين، وبأن إسرائيل تمارس الإرهاب المقنن على المسلمين العرب في أقدس بقاع الأرض بعد الحرمين الشريفين، كما هو استفزاز صريح للفلسطينيين والعرب والمسلمين جميعاً.

ما يدل على المنحى التصاعدي للتوتر القائم، أن حكومة بنيامين نتانياهو عازمة على خطة محكمة وعلى قيد التنفيذ بالنسبة إلى مدينة القدس والمسجد الأقصى بصفة خاصة، وما برحت تلوح بشعارات تمس بقدسية المدينة عند المسلمين، لأن كل هذه الأعمال المشينة والجرأة والعربدة عبارة عن جسر عبور لتحقيق مآرب اليهود المتطرفين في الداخل، بالضم والتوسع الاستيطاني والتهجير القسري، بغية جعل القدس عاصمة لأسرائيل.

فالإجراءات الإجرامية ترمي إلى إرهاب المصلين، وإنتهاك سيادة القدس للمسلمين، والإشراف عليها من خلال دائرة الأوقاف الإسلامية، كما يراد من هذه الإجراءات تغيير الوضع التاريخي للمدينة كرمز ديني، وتهيئة الأوضاع - كمين للمقدسيين- ليتطور الوضع ويتدرج ويتدحرج إلى ما أبعد منه، والوقوع في فخّ اللعبة الإسرائيلية التي ألفناها وباتت مكشوفة على أية حال.

ويأتي ذلك كله في التوقيت السيئ للعرب، والتوقيت المناسب لقوة الاحتلال، وفي ظل بيئة إقليمية ودولية مضطربة، لكي يمارس العدو الصهيوني تدخلاته القمعية بحرية دون رادع، وفرض الأجندة اليهودية على المدينة التاريخية، وتغيير الخارطة الديموغرافية لصالح اليهود، بإفراغ المناطق العربية من سكانها الأصليين، وتوطين اليهود هناك، لأجل تغيير هويتها العربية.

المشهد الأسوأ من هذه الأحداث، هو حينما أعادت إسرائيل فتح بوابات المسجد الأقصى جزئياً بعد تنفيذ إجراءات أمنية مشددة في محيطه، تضمنت تركيب بوابات إلكترونية لتفتيش المصلين وفحصهم، وهي حيلة من الحكومة الاسرائيلية لفرض الأمر الواقع، على زعم إنها تحافظ على أمن المدينة المقدسة، مما آثار حفيظة المصلين بعدما رفض الجنود السماح للمصلين بالدخول دون تفتيش، وهي الخطوة التي أُارت تصعيداً، ليس لأنها تربك المشهد وتزيد من إلاحتقان بل لأن هذا القرار التمهيدي سيكون -بداية الشرر-المنع الكامل إلا بالدخول والخروج من المسجد بشروط المحتل مما يزيد من حدة التوتر، فالأحداث الكارثية القادمة من جراء هذا الصراع سوف تمس حينئد مشاعر المليار مسلم في العالمين العربي والإسلامي... والحل الناجع تطويق الأزمة من الخارج وتضميدها قبل أن تخرج عن السيطرة، بدلا من صب المزيد من النار على أزمات المنطقة بالتراخي وعدم التدخل الجراحي العاجل!!.

دوافع القلق في بداياتها، ولا بد من تحرك المجتمع الدولي بكافة منظماته ومؤسساته المختصة، لوقف الإنتهاكات لسيادة المسجد الأقصى للمسلمين، وضمان حماية المصلين، وكل الرموز الدينية، وتقديرًا لمكانة المدينة المقدسة، ولحماية المنطقة من وتيرة صراعات كارثية قد تتفجر بين عشية وضحاها. فكل بيت فلسطيني استُنزف بما فيه الكفايه، ودورنا توفير مقومات الصمود له حتى يتمكن من التصدي للإحتلال ومشاريعه، فالتنظيمات المتطرفة-تحتضر- قد زايدت بالقضية الفلسطينية، وكانت الورقة الرابحة لبزوغ الإسلام السياسي، ولهذا فالجماعات بكل أطيافها تبحث عن والتعبئة لتنمو وتخترق، وتسعى نحو الأماكن الملتهبة والأحداث الدامية لتقتات منها.

فالتدابير الهامة التي تخفف من غلواء هذا الواقع المدمر هو تطبيق المعاهدات والاتفاقات الدولية المتعلقة بهذا الشأن، والأسراع في كبح جماح العدوان الاسرائيلي من خلال الوساطات الدولية العاجلة قبل أن تدخل المنطقة في آتون حروب دينية تعد من أشرس الحروب ، وتقوض كل فرص التوصل إلى سلام شامل وعادل في المنطقة على أساس حل الدولتين.