الخميس 27 يوليو 2017 / 11:06

الدبابة المصرية والأموال القطرية

الحياة اللندنية - محمد صلاح

أنفقت الدوحة ملايين الدولارات على مدى سنوات ضمن خطة طويلة الأمد، هدفها الإساءة إلى الجيش المصري ومحاولة ضربه وتفكيكه، ونشطت الفضائيات التي تنفق عليها قطر، وتبث من عاصمتها أو لندن أو إسطنبول، في صنع عشرات الأفلام والتقارير والبرامج لتحقيق ذلك الغرض، لكن النتيجة دائماً كانت فشلاً بامتياز.

من المؤكد أن واقعة الدبابة المصرية مثّلت صدمة كبيرة للدوحة والإخوان المسلمين وحلفائهما في داعش وبقية التنظيمات الإرهابية الأخرى، عندما أقدم ضابط أو جندي مصري يقود دبابة على عمل بطولي دفع بطاقة إيجابية كبيرة لصالح الجيش، صعد بدبابته فوق سيارة مفخخة كان يقودها إرهابي أراد تفجير مكمن عسكري في سيناء، يتداول الناس شريطاً يصور الواقعة وبثته غالبية الفضائيات، وثبت أن قطر أهدرت الملايين لتحقيق هدف لم ولن يتحقق.

اللافت أن الواقعة أتت في اليوم ذاته الذي أصدرت فيه الدول الأربع التي اتخذت إجراءات بحق قطر، لائحة جديدة أضافت فيها تسعة كيانات وتسعة أفراد إلى قوائم الإرهاب المحظورة لديها، وعكست اللائحة الأسلوب الجاد والمباشر والواضح في التعاطي مع المناورات القطرية ومحاولات إدخال أطراف أخرى في الموضوع، واستجداء الوساطة من الغرب والشرق.

كان لافتاً بالطبع صدور اللائحة مع الساعات الأخيرة لزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المنطقة، علماً بأن التقديرات ذهبت إلى أن وساطته ستفشل قبل أن تبدأ باعتباره داعماً قوياً لجماعة الإخوان المسلمين كأحد الأرقام الصعبة في المعادلة، وكذلك أيضاً لأن تركيا مستفيدة أصلاً من استمرار الأزمة القطرية، والجنود الأتراك الذين يجولون في شوارع الدوحة والمدن القطرية الأخرى مجرد نموذج، لكن الأهم أن اللائحة مثّلت رداً صارماً وحاداً وفي الوقت ذاته بسيطاً وهادئاً على مناورات قطرية هدفت إلى الإيحاء بأن الدول الأربع تشعر بالندم وبدأت تتراجع ولا تملك من أمرها شيئاً.

تتعاطى الدول الأربع مع الأزمة القطرية بهدوء ملفت وسلاسة مبهرة ودراسة وافية لكل فعل وردود الفعل، وجاءت اللائحة الجديدة وسط سيل من المعلومات المغلوطة والأكاذيب الفجة والفبركات المضحكة اجتهد الإعلام القطري في توزيعها، وكذلك جهود اللجان الإلكترونية الإخوانية، التي جيّشت نفسها لخدمة المواقف القطرية وسعت إلى استخدام تلك المنصات لإشاعة مناخ محبط لدى شعوب الدول الأربع، بحبك قصص وروايات عن معاناة الدول الأربع!، والخسائر التي منيت بها!، وحيرتها وهي تدرس الخروج من المأزق الذي وضعت نفسها فيه، إنه الإعلام نفسه واللجان ذاتها التي ظلت لسنوات تسعى لإسقاط الجيش المصري وجاءت واقعة الدبابة لتكشف حجم الفشل الذي حققته.

يبدو واضحاً أن الدول الأربع ماضية في مواجهة الإرهاب ولن تخضع لابتزاز أو تقبل بضغوط، وأن الإجراءات التي اتخذتها لمواجهة دعم الدوحة الإرهاب ستبقى بل ستتصاعد، وأن تعنت الدوحة لا يعني أن القصة انتهت وأن محاولات الالتفاف على الموضوع وتوقيع مذكرة التفاهم بين الولايات المتحدة وقطر في شأن مكافحة الإرهاب مجرد مناورة تقوم على البحث عن وسائل وآليات أخرى لتحقيق الطموحات القطرية الفاشلة أصلاً وخداع الدول الأربع.

المؤكد أن الأزمة ستطول وحتى بعدما تنصاع الدوحة إلى مطالب الدول الأربع سيبقى صعباً معالجة آثارها، فاللهجة الحادة التي تستخدمها وسائل الإعلام القطرية ضد رموز الدول الأربع وشعوبها واعتمادها ألفاظاً جارحة تصل إلى حد السباب والشتائم وبحثها الدائم عن صيد في مياه الأزمة العكرة للإساءة إلى مواقف كل طرف يسعى إلى وقف الإرهاب والقضاء على التحريض، ومنع خطاب الكراهية كلها أمور لا تمكن تسويتها عبر قرارات سياسية، وإنما تحتاج إلى سنوات وربما عقود للتغلب على تبعاتها وتأثيراتها المضرة.

تبدو الدوحة ومعها جماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات والجهات التي استفادت من الإغداق المالي القطري وكأنها تخوض المعركة الأخيرة وتعتقد أن بإمكانها عبر استخدام آليات غير أخلاقية تحقيق نصر حاسم لقطر ينهي الاجراءات وينصر الإرهاب.

واقعة الدبابة في سيناء ولائحة الدول الأربع الجديدة وردود فعل الناس تجاهها يفترض أن تجعل القائمين على الأمور في الدوحة يتوقفون مع أنفسهم ليكتشفوا أن البلايين التي أنفقت لهدم الدول الأربع ونشر الفوضى بها ودعم الإرهاب واحتضان رموزه لم ولن تحقق إلا الخسارة.