رجال امن أتراك يوقفون ناشطين.(أرشيف)
رجال امن أتراك يوقفون ناشطين.(أرشيف)
الخميس 27 يوليو 2017 / 15:19

هوس تركي بسجن الصحافيين والأكاديميين.. أردوغان عازم على خنق معارضه

كتب هنري باركي، أستاذ العلاقات الدولية لدى جامعة في بيت لحم، في مجلة "ذا أتلانتيك"، عن ميل تركيا لاعتقال أجانب ما ينم، برأيه، عن اتباع النظام التركي للقمع كأسلوب للتحكم بمواطنيه وزوار بلاده على السواء.

يبدو أردوغان عاجزاً عن تحقيق هدفه ما لم يسكت معارضيه. ومن هنا جاء هوسه بسجن الأكاديميين والصحفيين والمفكرين، وإغلاق مؤسسات أبحاث غير موالية لنظامه

ويلفت باركي لاعتقال صحفي أجنبي يمثل صحيفة ألمانية شهيرة بتهمة دعم منظمة إرهابية. كما اعتقل ألماني يعمل في منظمة لحقوق الإنسان بتهم دعم منظمة إرهابية لم يحدد اسمها بعد.

أزمة غير مسبوقة
ويقول الكاتب إن تلك الاعتقالات لم تحصل في كوريا الشمالية ولا في إيران، بل في تركيا، حيث أدى اعتقال دينيز يوجيل، صحفي يحمل الجنسيتين التركية والألمانية ويعمل لصالح صحيفة" دي فيلت" الألمانية، وبيتر شتودنر، عامل في مجال حقوق الإنسان، إلى أزمة غير مسبوقة بين ألمانيا وتركيا، وقد تؤدي لتعكير العلاقات مع باقي دول الاتحاد الأوروبي.

محاكمة أتراك
ويشير باركي إلى شكل من العربدة نفذتها السلطات التركية عبر اعتقال وطرد عشرات من القضاة والصحفيين والأكاديميين والموظفين والضباط.

وقد أبعد قرابة 150 ألف شخص عن أعمالهم من مؤسسات حكومية أو جامعات. وغالباً ما تم ذلك لمجرد الشك بارتباطهم بمنظمة فتح الله غولن، حليف أردوغان سابقاً، والمتهم بتدبير المحاولة الانقلابية في الصيف الماضي. وما زال أكثر من 50 ألف معتقل ينتظرون محاكمتهم في موعد لاحق من العام الجاري.

ضحايا فعليون
وبحسب الكاتب، تتم الاعتقالات بهدف التخلص من أي معارضين، حقيقيين أم متخيلين، ولإحلال مكانهم موالين للقائد، ومستعدين لترويع أتراك آخرين. ويعتقل هؤلاء الأسباب تافهة، كارتدائهم قمصاناً طبع عليها كلمة "بطل"، أو لتوجيههم انتقادات للرئيس.

ولكن الكاتب يرى أن الضحايا الفعليين هم آلاف الأتراك ممن اعتقلوا منذ أكثر من عام، وبتهم زائفة.

محاولات يائسة
وبرأي باركي، تأتي مساعي حكومة أردوغان لاتهام أجانب بالمشاركة بتدبير الانقلاب كمحاولات بائسة لتعزيز التأييد الشعبي له داخل تركيا. وهناك حالياً في المعتقلات التركية حوالي عشرة أشخاص من مزدوجي الجنسية التركية والألمانية. وتطالب أنقرة برلين بطرد بعض الجنرالات الأتراك الذين أقالتهم بعد المحاولة الانقلابية، والذين سعوا لطلب حق اللجوء السياسي في ألمانيا.

ولكن، وكما يلفت الكاتب، ليس الألمان وحدهم مستهدفين في تركيا. فقد وجد قسيس أمريكي، آندرو برونسون، نفسه معتقلاً في بداية أكتوبر( تشرين الأول) 2016، بتهمة دعم منظمة إرهابية. والرجل لا يزال مسجوناً، وتتهمه وسائل إعلام تركية موالية لأردوغان بأنه عميل للسي آي أي، وأنه قدم الدعم لمنظمة غولن ولمتمردين أكراد. كما يقبع في المعتقل سركان غولي، عالم أمركي ـ تركي في ناسا، 37 عاماً، ذهب إلى تركيا بصحبة زوجته وولديه لزيارة أسرته، ولكن السلطات التركية اعتقلته عند عودته إلى أمريكا بتهمة حيازته دولارات، وهو أمر طبيعي بالنسبة لمن يقيم في أمريكا.

مساومات
ويرى باركي أن السلطات التركية تعتقل أجانب وأمريكيين، خاصة، من أجل مساومة أمريكا كي تستجيب لمطلبها في ترحيل غولن. ولكن أنقرة لم تقدم أدلة تكفي لترحيل الرجل من أمريكا، أو لسحب بطاقة الإقامة الدائمة(الخضراء ) منه. وعلاوة عليه، تسعى الحكومة التركية لإطلاق سراح رضا زاراب، من سجنه في مانهاتن. وزاراب هو إيراني ـ تركي كان يشغل منصب نائب رئيس بنك في تركيا، وتشتبه الحكومة الأمريكية بإدارته لمشاريع تجارية غير قانونية، بهدف الالتفاف على عقوبات مفروضة على إيران.

شخصنة
ويلفت الكاتب إلى سعي ألمانيا ودول أوروبية أخرى لمراجعة مشروع لتقديم مساعدات بقيمة 650 مليون دولار لأنقرة من أجل دعم اتفاق الاتحاد الجمركي التركي مع الاتحاد الأوروبي، وتقديم ضمانات اعتماد لشركات ألمانية تستثمر في تركيا.

ولكن، بحسب باركي، لن تفيد تلك الإجراءات في تعديل مسار السياسات التركية، لأن أردوغان عازم على شخصنة النظام التركي لينسجم مع مصالحه. وفيما هو عاجز عن محو إرث أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية، يعمل أردوغان كل ما في وسعه لتوسيع نفوذه الفكري على حساب مؤسس تركيا الحديثة.

ولكن، وكما يشير الكاتب، يبدو أردوغان عاجزاً عن تحقيق هدفه ما لم يسكت معارضيه. ومن هنا جاء هوسه بسجن الأكاديميين والصحفيين والمفكرين، وإغلاق مؤسسات أبحاث غير موالية لنظامه.