الرئيس الأمريكي دونالد ترامب متوسطاً مسؤولين في إدارته.(أرشيف)
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب متوسطاً مسؤولين في إدارته.(أرشيف)
الإثنين 31 يوليو 2017 / 14:08

الكونغرس انتزع من ترامب قراراً في السياسة الخارجية

عن الصراع حول مَن يمسك بالسياسة الخارجية الأمريكية، كتبت أليزابيث روزنبرغ في مجلة "فورين بوليسي" إن مشروع القانون بفرض عقوبات شاملة غير مسبوقة والذي بعث به الكونغرس إلى الرئيس دونالد ترامب الخميس، هو عبارة عن بيان غضب من المشرعين إزاء فشل الرئيس في تنفيذ سياسة خارجية مسؤولة حيال إيران وكوريا الشمالية وروسيا. وفي الأساس، يعتبر مشروع القانون جهدا علنيا للأخذ بزمام الأمن القومي من الرئيس.

في عالم يزخر بالتهديدات الأمنية، من الخطر إضعاف مرونة سياستنا الخارجية والأدوات غير العسكرية للدولة

ولاحظت أن المشرعين مجمعون تقريباً في تأييدهم لموقف أمريكي أكثر تشدداً حيال بعض التحديات الأخطر التي تواجه الأمن القومي. ويعتقد البعض أن ترامب والرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لم يتخذا موقفاً متشدداً بما فيه الكفاية للضغط على إيران في ما يتعلق ببرنامجها الصاروخي ودعمها للإرهاب وجهودها لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، وكذلك بالنسبة إلى السباق المقلق الذي تخوضه كوريا الشمالية للحصول قدرات نووية بعيدة المدى.

قانون العقوبات
وأضافت أن المشرعين أخذو الأمور بأيديهم وصاغوا قانون العقوبات الجديد في محاولة لمواجهة هذه التهديدات. لكن الهدف الحقيقي والخبث الكامن في القانون هو مجموعة الإجراءات المالية الموجهة بالتحديد ضد روسيا. وتعتبر مجموعة العقوبات الجديدة مصممة لمحاسبة روسيا لتدخلها في العملية الديمقراطية الأمريكية ولمواصلة تدخلها العدواني في أوروبا والشرق الأوسط.

التدخلات العسكرية الروسية
وعملياً، تمنع الإجراءات الجديدة ضد روسيا والتي أضيفت إلى العقوبات المعمول بها، الرئيس من الغائها. كما إنها تذهب أبعد، إذ إن بنوداً جديدة تطاول التدخلات الدولية العسكرية لروسيا فضلاً عن قطاعات الإستخيارات والطاقة والمصارف والسكك الحديدية والمناجم وقطاع التعدين. كما أنها تطاول الانتهاكات الروسية في مجال الأمن السيبرياني والدعم العسكري الروسي للنظام السوري. وإذا ما أُخذت في الإجمال، فإن القيود الجديدة تبعث برسالة قاسية إلى الكرملين مفادها أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع التدخل الروسي في الانتخابات.

تقييد يدي الرئيس
وأوضحت روزنبرغ أنه على رغم من أن العقوبات المالية الشديدة ليست بالجديدة، فإن العنصر اللافت وغير المسبوق كان هذا الجزء من القانون الذي أُطلق عليه وصف "مراجعة الكونغرس" للعقوبات، مشيرة إلى أن هذه المراجعة قيدت يدي الرئيس في ابتكار آليات تلتف على السياسة مع روسيا. ورأت أن "هذا الاستيلاء على السلطة لا يشبه قرار صلاحيات الحرب لعام 1973 للحد من سلطة الرئيس في الانخراط بنزاع مسلح من دون مصادقة المشرعين. فحالياً، وكما كان الوضع عام 1973، يرى المشرعون أن شؤون الدولة في خطر وتحتم إجراءات ملحوظة".

ثمن الصلاحيات التشريعية
وأشارت إلى أن ثمة ثمناً باهضاً يتعين دفعه من أجل هذه الصلاحية التشريعية، ذلك أن الكونغرس يتخذ خطوة لا رجوع عنها لتقويض أحد أهم الأدوات غير العسكرية المتوافرة في الولايات المتحدة. والعقوبات ستكون أقل رشاقة، كما ان رافعة البلاد لإجبار الخصوم على تغيير سياساتهم التي تشكل تهديداً، قد ضعفت.

ولفتت إلى أن العواقب المترتبة على السياسة الخارجية لا تنتهي هنا. فالرئيس المقبل ومن سيأتي بعده سيكون مقيداً بعقوبات لا تمنحه مرونة في قيادة السياسة الخارجية الأمريكية. وفي عالم يزخر بالتهديدات الأمنية، من الخطر إضعاف مرونة سياستنا الخارجية والأدوات غير العسكرية للدولة. ومع أن البعض في الكونغرس يدرك المخاطر الكبيرة لهذه الخطوة وسيعملون على معالجة عواقبها لاحقاً، فإن التأييد الساحق لقانون العقوبات الجديد يؤكد بوضوح الخطر الذي يرونه في ترك السياسة حيال روسيا في يد الرئيس.