ملصق لفيلم فهرنهايت 9\11
ملصق لفيلم فهرنهايت 9\11
الإثنين 31 يوليو 2017 / 20:05

إهانة الدولة في الثقافتين الغربية والقطرية!

الإعلام القطري يدلّس على الغربيين حين يصور أن إساءاته لقادة الدول ومؤسساتها حرية تعبير، فهي إساءة بالمقاييس العربية والقوانين القطرية نفسها

في الجزء من العالم الذي نطلق عليه "الغرب"، لا حصانة من النقد البناء وغير البناء والذي يصل إلى حدّ السخرية والشيطنة لمن يتصدى للوظيفة العامة، رئيساً كان أو موظفاً صغيراً، ولا حصانة أيضاً بالنسبة للجهات، سواء أكانت مؤسسة الرئاسة التي تفرش أمامها السجادة، أو مكتباً صغيراً للبريد في قرية نائية.

ونتذكر فيلم "فهرنهايت 11/9" الذي عُرض في فترة رئاسة جورج بوش لأمريكا، وحقق إيرادات تقترب من ربع مليار دولار من مجرد السخرية من الرجل، واتهامه بتزوير الانتخابات، والفشل في الحكم، والاستثمارات المشبوهة، وغيرها من ملفات فتحها مخرج الفيلم مايكل مور، جعلت المشاهد يخرج بانطباع عن قائد الأمة الأمريكية بأنه أسوأ رجل في العالم.

وفي هذا الجزء من الكرة الأرضية الذي يسمى "العالم العربي"، يكفي أن يرتدي أحدهم قناع وجهٍ يمثل رئيس دولته ويمشي في الشارع، ليلقى القبض عليه ويتعرض للمحاكمة، أو يمسّ باعتبار مؤسسة حكومية أو عاملاً فيها ليجد نفسه خلف القضبان.

قانون العقوبات القطري مثلاً في مادته 134 يُعاقب بالحبس خمس سنوات لكل من يعيب في ذات الأمير أو ذات نائبه أو ولي عهده، وبالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر لمن يهين بالقول أو بالإشارة موظفاً عاماً أثناء عمله.

وفي الأردن، يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات من يتطاول على الملك أو الملكة أو ولي العهد أو أحد أوصياء العرش أو أحد أعضاء هيئة النيابة (البرلمان)، وبالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين أو بالغرامة من يقذف إحدى الهيئات الرسمية أو الإدارات العامة.

أما في المغرب، فيعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين من يخلّ بواجب التوقير والاحترام لشخص الملك، وتضاعف العقوبة إذا كان ذلك الإخلال بواسطة الخطب أو الصياح أو الملصقات أو الوسائل الإلكترونية. ويعاقب بالحبس من شهر إلى سنة من يهين موظفاً عاماً أثناء عمله.

وفي الجزائر تفرض عقوبة الغرامة لمن يسيء إلى رئيس الجمهورية بعبارات تتضمن إهانة أو سباً أو قذفاً، وتفرض العقوبة ذاتها على الإهانة أو السب أو القذف الموجه ضد أية هيئة نظامية أو عمومية.

وفي تونس، تنص المجلة الجنائية (قانون العقوبات أو الجزاء) المعمول بها حتى الآن، على أنه "يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام، وبخطية (غرامة) قدرها مائتان وأربعون ديناراً، أو بإحدى العقوبتين، كل من يرتكب أمراً موحشاً ضد رئيس الدولة.."، وتنص المجلة الصحافية (قانون المطبوعات) على أنه "يعاقب بالسجن من عام إلى خمسة أعوام، وبخطية من ألف إلى ألفي دينار، النيل من كرامة رئيس الجمهورية.."، كما "يعاقب بالسجن مدة عام كل من يهضم جانب موظف عمومي أو شبهه بالقول أو الإشارة أو التهديد حال مباشرته لوظيفته".

وفي الإمارات يعد مرتكباً جناية من يهين رئيس الدولة أو نائب رئيس الدولة أو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد وأولياء عهودهم ونوابهم، وكذلك من يضرّ بسمعة مؤسسات الدولة، ومن يعتدي على الموظفين العامين بالقذف والسب أثناء تأدية عملهم.

وفي الكويت يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز خمس سنوات من يطعن علناً في أي من وسائل التعبير عن الفكر بحقوق الأمير وسلطته أو يعيب في ذاته أو يتطاول على مسند الإمارة.

وهكذا في قوانين بقية الدول العربية، سياسات التجريم فيها نابعة من صميم الثقافة السائدة في هذه الدول، والقيم الاجتماعية، والأعراف، والاعتبارات، والخطوط الحمراء، وما يجوز وما لا يجوز، وما يُقبل وما لا يُقبل.

الفارق إذن شاسع بين الثقافتين الغربية والعربية في واجب احترام السُلطة ورموزها وأجهزتها، بل الاختلاف بين الثقافتين نراه في جميع أوجه الحياة، وليس فيما يخص السُلطة ورموزها، فرب سبّة تمر مرور الكرام في محيط الغربيين، لكن تراق بسببها الدماء في المجتمعات العربية.

والإعلام القطري يدلّس على الغربيين حين يصور أن إساءاته لقادة الدول ومؤسساتها حرية تعبير، فهي إساءة بالمقاييس العربية والقوانين القطرية نفسها، وفيلم مثل "فهرنايت 11/9"، فضلاً عن استحالة تصويره في قطر، واستحالة أن يشارك فيه قطري لو أنتج في الخارج، يمكن أن يقلب قطر رأساً على عقب.