زعماء إيرانيون ودوليون يحضرون مراسم أداء اليمين للرئيس حسن روحاني في طهران.(أرشيف)
زعماء إيرانيون ودوليون يحضرون مراسم أداء اليمين للرئيس حسن روحاني في طهران.(أرشيف)
الإثنين 14 أغسطس 2017 / 13:00

إذا احتلت إيران مناطق داعش.. ماذا يكون مصير المنطقة؟

وصف جيمس بولس، كاتب عمود بصحيفة "لوس أنجلس ديلي نيوز"، المعضلة التي تشكلها إيران للولايات المتحدة بالصعبة والمعقدة للغاية، لافتاً إلى انقسام إدارة ترامب إلى حد كبير بشأن كيفية التعامل معها.

إذا نجحت قوات الحرس الثوري الإيراني أو القوات الشيعية المدعومة إيرانياً في احتلال أراضي داعش فإن النتيجة ستكون عبارة عن حزام إقليمي يمتد من طهران إلى بيروت، وهذا يعني على الأرجح ظهور إمبراطورية ردايكالية إيرانية

فبينما يميل بعض المسؤولين إلى معاملة طهران كأنها تمتثل لشروط الاتفاق النووي الذي تم توقيعه في عهد أوباما ولا يزال سارياً، يرى البعض الآخر ومن بينهم الرئيس ترامب نفسه أن روح الاتفاق ذاته ليست ضرورية أو ذات فائدة، ولم يكن ينبغي إبرامه من الأساس.

فراغ ما بعد داعش
وبغض النظر عن خطورة الوضع داخل إيران، فإن القضية الأكثر إلحاحاً، بحسب الكاتب، هي ما يفعله ملالي إيران لتقويض الوضع الإستراتيجي الأمريكي من خلال الأسلحة التقليدية لا الأسلحة النووية. وسبق لحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أن حذروا من أن التدمير التدريجي لداعش يقود إلى فراغ قوي في السلطة يمكن أن تملأه سريعاً إيران وحلفاؤها بما في ذلك التنظيم الإرهابي الدولي، حزب الله. وعلى الرغم من الخلاف على أفضل الطرق للتعامل مع تطلعات إيران النووية، ينبغي على المسؤولين التوافق على رد فعل موحد على ما تقوم به إيران على الأرض.

جسر بري إلى حزب الله
ويوضح الكاتب أن إيران سعت منذ فترة طويلة لتأسيس جسر بري إلى حزب الله في لبنان ونظام بشار الأسد في سوريا، ولن يسفر نجاحها في هذه المهمة عن تقوية موقفها الإستراتيجي ضد منافسيها العرب فحسب، وإنما سيكون بمثابة دقّ إسفين بينهم وبين تركيا. وعلاوة على ذلك فإن هذا الجسر من شأنه أن يوفر أيضاً ممراً آمنا لتدفق الأسلحة والإمدادات إلى حزب الله ضد إسرائيل، فضلاً عن أن مثل هذا التغيير الجيوسياسي سيؤدي في نهاية المطاف إلى إزاحة أحد التهديدات الإيرانية القديمة من رقعة الشطرنج؛ العراق وهي الدولة العربية ذات الأغلبية الشيعية التي كانت في الماضي عدواً، ثم تحولت بعد سقوط صدام حسين إلى حليف.

ويقول الكاتب: "الخلاصة أنه في جميع أنحاء الشرق الأوسط تتسبب إيران في إثارة الازعاج في المناطق التي تسعى فيها الولايات المتحدة للحفاظ على الوضع الراهن، والعكس أيضاً صحيح؛ إذ ترغب إيران في تعميق الأزمة حيث تسعى الولايات المتحدة الى التغيير، ولكن ثمة استثناء وحيد لهذه المعادلة يتمثل في تدمير داعش".

إمبراطورية راديكالية إيرانية
وينقل الكاتب ما كتبه هنري كيسنجر في مذكرة عامة إلى البيت الأبيض قال فيها: "توافق الدول السنية الرائدة وكذلك إيران الشيعية على ضرورة دحر تنظيم داعش الإرهابي، ولكن أي كيان من المفترض أن يرث الأراضي التي استولى عليها داعش؟ هل هو ائتلاف من السنة؟ أم ستكون هذه الأراضي منطقة نفوذ تهيمن عليها إيران؟ وتبدو الإجابة على هذه التساؤلات غامضة لأن روسيا ودول الناتو تدعم فصائل متعارضة، وإذا نجحت قوات الحرس الثوري الإيراني أو القوات الشيعية المدعومة إيرانياً في احتلال أراضي داعش فإن النتيجة ستكون عبارة عن حزام إقليمي يمتد من طهران إلى بيروت، وهذا يعني على الأرجح ظهور إمبراطورية ردايكالية إيرانية".

ويرى الكاتب أن هذا الترتيب الإمبراطوري يعيد إلى الأذهان الكيانات المتعددة الأطراف التي تخلت عن سيادتها على مدى تاريخ الشرق الأوسط من الإمبراطورية العثمانية إلى الرومان، ومختلف المجموعات والحركات الأضعف التي تمارس بعض درجات الحكم الذاتي المحلي والسيطرة ولكن جميعها في الواقع يتلقى الأوامر طوعاً من طهران. وقد بدأ هذا النمط في التشكل فعلاً بصورة جدية، وتصنف الولايات المتحدة في الوقت الراهن عدة ميليشيات إقليمية تابعة لميليشيات الحرس الثوري الإيراني بأنها "منظمات إرهابية".

الحرس الثوري الإيراني
ويشير الكاتب إلى أن ثمة شكوكاً في ما يتعلق بنوعية المهام التي يتم تكليف جيوش الأقمار الاصطناعية الإيرانية بتنفيذها، لاسيما أنها تقوم بالمهام القذرة بطرق تتيح لطهران انقاذ نفسها والإفلات من تحمل مخاطر وكلفة التورط في حرب تقليدية رسمية مع الولايات المتحدة وحلفائها. وبحسب مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، ربما يحاول الحرس الثوري الإيراني توسيع استراتيجيته غير المنسقة في حال تعرض لهجوم مباشر؛ وبخاصة لأنه خلال الحروب مع العراق وأفغانستان، عمد إلى توفير المساعدة المادية للميليشيات التي تستهدف الجنود الأمريكيين، كما أشرف الحرس بصورة مباشرة على الهجمات في العراق. وتواصل إيران التحرش بالبحرية الأمريكية في الخليج العربي بشكل متكرر، واضطرت القوات الأمريكية إلى توجيه ضربات ضد ميليشيات تابعة للحرس الثوري وطائرات إيرانية بدون طيار لاختراقها منطقة تخفيف التصعيد قرب التنف بسوريا.

مصير أراضي داعش
يلفت الكاتب إلى أن الولايات المتحدة تسعى أيضاً إلى تجنب التورط في حرب إقليمية تقليدية مع إيران والتي من شأنها أن تقود إلى دمار أكبر من الإمبراطورية الشيعية الناشئة، ولا يزال هناك بعض الأمل في التعاون مع القوى الأكبر التي لديها مصالح في مستقبل الشرق الأوسط. ويعتبر كيسنجر أن موقف روسيا تجاه مصير الأراضي التي كانت تحتلها داعش سيكون "اختباراً رئيسياً" لمجريات الأمور، ولكن هذه الفكرة، برأي كاتب المقال، تذكّر بأنه يجب أن تقلق الولايات المتحدة بشأن كيفية المضي في ظل غياب النفوذ الدبلوماسي الكافي على موسكو.

خيارات محدودة
ويخلص الكاتب إلى أن الخيارات محدودة، وعلى الرغم من تحول تركيا المروع إلى الاستبداد المناهض للديمقراطية، فإنها لا تزال حليفاً للناتو وتتمتع بجيش قوي، وحتى مع اعتبار تركيا أن الأكراد "أعداء" منذ فترة طويلة، فإنهم لا يزالون أيضاً حلفاء أقوياء للأمريكيين وقادرين على استعادة الأراضي المتنازع عليها والاحتفاظ بها، وربما تكون علاقات العراق مع إيران وثيقة ودافئة في الوقت الحالي، ولكن القادة العراقيين بالتأكيد لا يرغبون في حكم "دولة دمية" لإيران.

ويختتم الكاتب قائلاً: "بالنسبة إلى الولايات المتحدة، ربما تتمثل أفضل النتائج المحتملة في خليط غير مستقر من النفوذ والطموح حيث تزداد فيه قوة إيران ولكن مع تقويض شبكتها الإرهابية وكبح جماح جيوشها بالوكالة، إذ أن مصير الشرق الأوسط لا يزال في أيدي الشعوب العربية".