تمثال لجحا على حماره.(أرشيف)
تمثال لجحا على حماره.(أرشيف)
الخميس 17 أغسطس 2017 / 14:02

جحا الأسطورة تتحول لأداة سياسية معاصرة

في بداية القرن التاسع ظهر في منطقتنا رجل حكيم وظريف عرف باسم جحا. وتقول الأسطورة أنه كان يتنقل مع حماره من مكان لآخر، ويعلق على ما يشهده من أحداث أو مواقف بأسلوب ذكي وفكاهي.

يفضل الناس في الشرق الأوسط شخصية واقعية مثل جحا الحكيم الذي كان يبدو حيناً كرجل أبله مع حماره الصبور شديد الاحتمال

وتقول مجلة إيكونوميست البريطانية أن جحا ما زال يحظى بمكانة في المنطقة، حتى أن كتاباً ورواة عرب اجتمعوا في العام الماضي في الإمارات للاحتفال بذكرى الرجل. كما عرف عن معظم متابعي البرامج الثقافية في الغرب تعلقهم بأبطال الفولكلور العربي.

شخصية واقعية
وسرعان ما تستدعي أسماء مثل علي بابا وسندباد صوراً لكنوز مخبأة ومواجهات بالسيوف. ولكن، بحسب المجلة، يفضل الناس في الشرق الأوسط شخصية واقعية مثل جحا الحكيم الذي كان يبدو حيناً كرجل أبله مع حماره الصبور شديد الاحتمال. وفي حين لم يحمل جحا قط سيفاً معقوفاً، لكنه، كان على مدار قرون، جزءاً من ثقافة محلية، ولعب دوراً في خدمة الكتاب الساخرين العرب إلى يومنا هذا.

ثقافة شفهية
وتلفت "إيكونوميست" إلى ظهور جحا في الكتب العربية في القرن التاسع الميلادي، رغم أنه كان نسخة من حكايات قديمة وردت على ألسنة السلف. ومن ثم ذاع صيت جحا عبر عالم المشرق العربي. ولحق بالعرب حتى سواحل صقلية على المتوسط، حيث عرف باسم جيوفا. وفي تركيا، اختلطت أسطورته بمتصوف غامض عرف باسم نصر الدين، وصدره العثمانيون إلى االبلقان. ويزعم أحدهم بأنه ألهم سرفانتيس ليكتب رائعته "دون كيشوت".

نكت سهلة
وتشير المجلة إلى أنه رغم تبني جحا عدة ثقافات، إلا أن العرب لم يتخلوا عنه. ولذا يسهل فهم نكتة أو طرفة حال استخدام اسم جحا في حبكتها. وفي إحدى الحكايات، يرى رجل جحا يعبر نهراً في يوم عاصف فيسأله "كيف وصلت إلى هنا؟ فيرد عليه: "لقد سبقتني إليه".

وفي مكان آخر، يدخل جحا إلى مقهى ويقول لصاحبه إن القمر أكثر فائدة من الشمس. كيف؟ يبين جحا السبب" لأن الضوء أكثر أهمية في الليل عما هو أثناء النهار".

وتبدأ حكاية أخرى فيما جحا يبحث عن حماره الضائع، وأينما يذهب يسمعه الناس وهو يحمد الله. عندها اختلط عليهم الأمر وسألوه" لماذا تحمد الله؟ لا شيء يستحق الحمد وأنت في هذه الحالة"، فيبتسم جحا مجيباً: "لأني لو كنت راكباً الحمار، لكنت الآن ضائعاً معه".

تواصل
تشير المجلة لمواصلة هذا التقليد حتى زمننا المعاصر، حيث وظف العرب شخصية جحا في معاركهم من أجل نيل الاستقلال من الاستعمار. فقد استخدم الجزائريون في عام 1959 اسم جحا تحت وصف "البارود الذكي" لمهاجمة الحكم الفرنسي.

وأعاد الكاتب الوطني المصري علي أحمد باكثير استحضار أسطورة "مسمار جحا" في عام 1951 لكي يسخر من اهتمام البريطانيين الشديد بقناة السويس. فكما فعل جحا عندما احتفظ بملكية مسمار واحد من بيته القديم، لكي يكون ذريعة لزيارته وقتما شاء، لفت باكثير لاستخدام البريطانيين لقناة السويس لتبرير احتلاهم لكامل الأراضي المصرية.

قوته السياسية
وتقول "إيكونوميست" إن صناع القرار في الغرب أدركوا أثر جحا وقوته السياسية أيضاً. ولذا زارت العراق في الخمسينات سينما أمريكية متنقلة لعرض بروباغندا مناهضة للشيوعية بطلها رجل يدعى جحا.