(أرشيف)
(أرشيف)
الخميس 17 أغسطس 2017 / 13:25

مواقف ترامب المفاجأة تحير البنتاغون

بعد أيام من السجالات حامية الوطيس بشأن احتمال التدخل عسكرياً للتعامل مع الأزمة مع كوريا الشمالية على خلفية برامجها الصاروخية والنووية، وجد مسؤولو وزارة الدفاع أنفسهم نهاية الأسبوع الماضي دون سابق إنذار يحاولون هضم المفاجأة التي أطلقها سيد البيت الأبيض.

ووقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام الكاميرات خلال إجازته وقال إن الولايات المتحدة تنظر كذلك في خياراتها في الشأن الفنزويلي، والتي قد تتضمن "خياراً عسكرياً محتملاً إذا تطلب الأمر"، وشكل ذلك إعلاناً أربك موظفو وزارة الدفاع (البنتاغون).

وأشار مسؤولو البنتاغون في النهاية إلى أن الجيش يضع خططه للتعامل مع أي وضع، وأن القيادة الجنوبية لم تحصل على أي أوامر بشأن فنزويلا.

وهذا الوضع السريالي هو الحلقة الأخيرة في سلسلة أحداث وجد الجيش نفسه أخذ على حين غرة بمواقف قائده الأعلى.

وكان الحال كذلك هذا الأسبوع أيضاً، بعدما حمل ترامب اليساريين المسؤولية جزئياً عن العنف الدامي الذي شاب تظاهرة لأنصار نظرية تفوق العرق الأبيض في فرجينيا، مشيراً إلى وجود "أشخاص جيدين في الجانبين".

وفي حين لم يتطرقوا مباشرة إلى تعليقاته، أصدر كبار قادة الجيش بيانات تستنكر العنصرية وعدم التسامح، ما شكل منعطفاً في أسلوب عمل وزارة الدفاع التي تحرص عادة على النأي بنفسها عن الساحة السياسية.

وتصدر ترامب عناوين الصحف العالمية عندما تعهد بمواجهة كوريا الشمالية "بنار وغضب لم يشهد العالم لهما مثيلاً" في حال واصل زعيمها كيم جونغ أون تهديد الولايات المتحدة بقدرات بلاده الصاروخية المتنامية، وأكد سيد الأبيض على رسالته لاحقاً عبر التصريح بأن الخيارات العسكرية "جاهزة للتنفيذ".

ولم يتضح إلى أي درجة نسق ترامب رسالته مع وزارة الدفاع، واكتفى المتحدث باسم البنتاغون روب مانينغ بالقول إن وزير الدفاع جيم ماتيس على "اتصال مستمر بالرئيس".

وكتب لاحقاً ماتيس ووزير الخارجية ريكس تيلرسون مقال رأي ساعد على تخفيف حدة الخطاب، إذ أكدا أن "لا مصلحة" للولايات المتحدة بتغيير النظام في بيونغ يانغ، مشيرين إلى أهمية التوصل إلى حلول دبلوماسية.

تحول السياسة
وفاجأ ترامب الجيش مجدداً الشهر الماضي عندما أعلن عبر موقع تويتر أنه سيمنع المتحولين جنسياً من الخدمة بشكل علني في الجيش، ملغياً بذلك سياسة من حقبة سلفه باراك أوباما استمرت لأكثر من عام.

وجاء إعلانه في وقت كان ماتيس في إجازة، ولم يتمكن المسؤولون من التأكيد بأنه علم مسبقاً بنية ترامب إعادة فرض الحظر.

ومنذ تلك التغريدات التي صدرت في 26 يوليو (تموز)، أعرب عدد من كبار المسؤولين في الجيش عن قلقهم من التحول في السياسة، فيما أفاد قائد خفر السواحل أنه لن "يخل بوعده" تجاه العناصر المتحولين جنسياً.

وخلق هذا النوع من التصريحات العفوية وضعا غاية الحساسية تحديدا بالنسبة لماتيس الذي لا يرغب بمناقضة رئيسه في وقت يتعين عليه كذلك طمأنة من أقلقتهم رسائل ترامب.

وتشير لورين فيش، وهي باحثة مشاركة في مركز "نيو أميريكان سيكيورتي" للأبحاث، إلى أن تصريحات ترامب تضع "قادة الجيش في موقف صعب إذ عليهم الادلاء بمواقف تناقض مواقف القائد الأعلى" للقوات المسلحة.

وأضاف "يحاولون التمسك بمواقفهم عندما يرون ان السياسات غير محددة تماما ولم يتم التدقيق فيها"، وحتى الآن، لا تزال السياسة السابقة حيال المتحولين جنسيا سارية.

وأربكت رغبة ترامب في التحايل على أعراف التصريحات التي تصدر عن البيت الأبيض ووزارة الدفاع بعض المراقبين.

وفي الأحوال العادية، ينسق البنتاغون عن قرب مع مجلس الأمن القومي التابع للرئيس قبل الإعلان عن السياسات المقبلة، لا سيما في ما يتعلق بالتحرك العسكري.

ويقول المستشار الرفيع في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات جون هنا، والذي عمل في ظل 3 إدارات سابقة بما في ذلك بمنصب مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس السابق ديك تشيني، إنه من غير الواضح إن كانت تصريحات ترامب المرتبطة بالأمن القومي جزءاً من استراتيجية مدروسة بعناية أم أنها مجرد "خطابات هائجة صادرة عن عقل غير منضبط وشخص مبتدئ في السياسة الخارجية".

وتساءل "هل هو مجنون فقط، أم أنه مجنون كالذئب؟"، وأضاف "أولئك الذين لديهم استعداد لمنح الرئيس أفضلية الشك هم الأقرب إلى التصديق بأن هناك سبباً لتصرفاته تلك".

وقال إن هناك تساؤلات حول ما كان ترامب يخلق حالة من الفوضى فيما يقوم ماتيس وتيلرسون بالتنظيف خلفه، أم أن التصريحات المبالغة وعدم القدرة على التنبؤ تشكل عامل ضغط على الخصوم والحلفاء.

وبالنسبة لفيش من "نيو أمريكان سيكيورتي"، يتمثل جزء من المشكلة في أن ترامب غير معتاد على أسلوب عمل الحكومة.

وقالت "الجديد بالنسبة له هو أن البنتاغون ليس مشروعاً عائلياً يمكن فيه لتغريدة أو تعليق سريعين تغيير مسار المركب".

وأضافت أن غياب التنسيق بشأن بيانات ترامب قد يؤثر على العلاقات بين المؤسستين المدنية والعسكرية كون رسائله تصرف انتباه من يرسمون خطط البنتاغون عن الأمور الأهم التي بين أيديهم.

وقالت: "يطاردون الأرانب الهاربة بدلاً من التفكير في أين تريد الولايات المتحدة أن تكون في غضون عامين، وما هو شكل البيئة العملياتية وكيف نستخدم جميع أدوات الضغط التي نملكها للحصول على النتائج التي نسعى إليها".

وحذر الأميرال المتقاعد مايك مولن الذي كان يشغل منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة، من النتائج الواقعية لرسائل ترامب المرتجلة، مشيراً إلى أن خطاب الرئيس بشأن كوريا الشمالية قيد الجيش.

وأشار في تصريح لشبكة "أن بي سي نيوز" إلى أن ترامب يلغي عبر تصريحاته "المساحة المتوفرة لديه للمناورة، ويبدو لي وكأنه ينتهج سياسة حافة الهاوية".