الأحد 20 أغسطس 2017 / 20:16

الفلسطينيون وسوء الحظ

 قليلاً ما تستخدم مفردة الحظ في تفسير الظواهر السياسية، إلا أنها فيما يتصل بالفلسطينيين تبدو موضوعية تماماً.

لا أريد أن استعرض كثيراً من الوقائع التي تثبت سوء حظ الفلسطينيين، وأكتفي بخلاصة مختصرة حول هذا الأمر... لم يحدث أن جاء زعيم نافذ أدرك أهمية القضية الفلسطينية وأبدى استعداداً مخلصا لحلها، إلا وابتلي إمّا بفضيحة او بانقلاب أو بحصار جعله يندم على ما قال وما تعهد.

آخر واقعة تظهر سوء الحظ، كان بطلها وما يزال الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، وبلهجة واثقة مصممة أعلن الرجل عن أنه سينجز صفقة القرن، عبر حلٍ تاريخي للقضية المستعصية، وبدا من تصريحاته الواثقة أن حل القضية المزمنة سيكون نسخة عن إقامة برج ترامب الشهير في نيويورك. وعلى طريقة المقاولين جهز الطاقم وأرسله لمعاينة المكان ووضع التصميمات والمخططات لإقامة البناء، وكان أن استُقبل الرجل بما يليق بوعوده، واستقبل زعماء الشرق الأوسط في البيت الأبيض، وخص الفلسطينيين بمأدبة أثيرة زينتها الأعلام والطقوس التي لا تعمل إلا من اجل الأصدقاء، وعمّد المأدبة بزيارة لبيت لحم، كان قد سبقه إلى مثلها الرئيس الرصين والوسيم " بيل كلينتون" حيث اختلى في المذوذ الأشهر في التاريخ، ليتلو فعل التوبة عما فعل مع الحسناء اليهودية مونيكا لوينسكي.

كان سلف ترامب قد زار غزة وافتتح المطار الأول، ورعا جلسة للمجلس الوطني بنصاب لم يتحقق له مثيل من قبل، واسدل الغزيون علماً أمريكياً غطى واجهة أعلى برج في المدينة، وشاع أمل بأن رئيس أقوى دولة في العالم لن يجازف بزيارة من هذا النوع إلا إذا كان في يده حل أو خطة تفضي إلى حل، أيامها طلب ياسر عرفات من الضيف أن يتوسط عند نتانياهو كي يفرج عن أسيرين مريضين، ومن أجل استمالة قلب الرئيس أحضر زوجات وأطفال الأسيرين للمثول أمام زعيم العالم، وعد كلينتون عرفات وأسرتي الأسيرين بإطلاق سراح المريضين وإعادتهما الى البيت. غادر كلينتون على الطائرة الرئاسية رقم واحد من مطار بن غوريون، وبقي الأسيران في محبسهما وربما إلى يومنا هذا.

أمّا ترامب، الذي ما يزال عاجزاً عن استكمال موظفي ادارته، ويستبدل كبارها بسهولة استبداله لملابسه، فما يزال يتحدث وإن بصوت خافت عن صفقة القرن، ويرسل وفوده للتذكير بها بينما الأرض تميد من تحت أقدامه وقد بدأ الحديث عن إقالته او استقالته.

دعونا نفترض أنه كان جاداً في حكاية صفقة القرن، وأنه كان واثقاً من قدرته على إنجازها، إلا أن سوء الحظ بالنسبة للفلسطينيين لم يقتصر على مضاعفة المعوقات الموضوعية والإسرائيلية تحديداً لانجاز هذه الصفقة، بل اعترى صاحب الوعد وأصابه بأعراض عجز تجعله غير قادر لا على صفقة القرن ولا حتى على البقاء في البيت الأبيض حتى إنهاء ولايته.

هكذا يقول كاتب سيرته الذي توقع بعد طرد ترمب لمستشاره الاستراتيجي أن يستقيل قبل أن يقال.