منشآت للغاز في قطر.(أرشيف)
منشآت للغاز في قطر.(أرشيف)
الإثنين 21 أغسطس 2017 / 14:12

تقرير بريطاني: قطر بين الانهيار الاقتصادي والانصياع للحقائق

وصفت مجلة "أويل برايس" البريطانية برنامج التنويع الاقتصادي، الذي اعتمدته قطر في مواجهة المقاطعة بأنه "خليط مرتبك من التحالفات الفاشلة".

قرار قطر بتنويع مصادرها، جاء متأخراً كثيراً؛ فمداخيلها من الغاز المسال والنفط تشكل 85% من الدخل العام، وهو ما يجعل التنويع تحت وطأة الضغوط المتزايدة عليها أمراً شبه مستحيل

وقالت المجلة إن "برنامج التنويع الاقتصادي القطري والخيارات المستقبلية المستعصية، مع عناد يائس وبدائل محدودة جداً، لا تترك لها سوى الانهيار الاقتصادي أو الانصياع للحقائق الصعبة، والقبول بما سيصبح، قريباً، أمراً قائماً على أرض الواقع".

وفي دراسة متخصصة، تعد الأولى من نوعها، أوضحت المجلة أن ردّ الفعل الأول الذي لجأت إليه قطر بعد أن فرض عليها شركاؤها في مجلس التعاون، السعودية والإمارات والبحرين بالإضافة لمصر، مقاطعة برية وبحرية وجوية لإجبارها على التخلي عن رعاية الإرهاب ودعم التطرف والتوقف عن التدخل بشؤون الآخرين، هو أنها (قطر) غرزت أقدامها في الغاز. وبهذا، رأت المجلة تضارباً منهجياً في الخيارات، إذ قررت قطر زيادة إنتاجها من الغاز، في الوقت الذي رفعت فيه شعار تنويع مصادر الدخل وتقليص الاعتماد على الغاز والنفط.

 القاموس الروسي
وأضافت المجلة أن قطر استعانت بالقاموس الروسي، الذي كان يقول بعبقرية تحويل المقاطعة من ضربة على الرأس لتصبح فرصة تاريخية. لكن الدوحة وفق المجلة، تكتشف الآن أن هذه الحكمة الروسية معطّلة عن العمل لأن الحقائق على أرض الواقع الصعب لقطر، لا تتماشى مع النظريات المستوردة.

ولفتت إلى أن قرار قطر بتنويع مصادرها، جاء متأخراً كثيراً؛ فمداخيلها من الغاز المسال والنفط تشكل 85% من الدخل العام، وهو ما يجعل التنويع تحت وطأة الضغوط المتزايدة عليها أمراً شبه مستحيل.

التشبه بالإمارات
وتذكر المجلة أن محاولات قطر خلال السنوات القليلة الماضية التشبّه بدبي والإمارات في طموحات أن تتحول إلى دولة سياحية، لم ترتفع من فوق الأرض. كما فشلت قطر في أن تتشبه بدولة الإمارات العربية المتحدة كمركز إقليمي للأعمال، وهي تراهن على التوسعات التي حصلت في مطار حمد الدولي.

وحتى في مجال الغاز واحتياطاته المشتركة مع إيران، فقد أعلنت قطر أن احتياط حقل الشمال (بارس) يصل إلى 51 تريليون قدم مكعبة، لكن تقديرات شركة "بريتش بتروليوم" حصرت حصة قطر بـ 24 تريليونًا فيما حصة إيران 35 تريليون قدم مكعبة.

جروح عميقة
وتقول "أويل برايس" إن أي مستثمر خارجي يريد اليوم التوجه إلى قطر سيفكر مرتين، فأزمة الدوحة مع دول الجوار في مجلس التعاون تركت حتى الآن جروحاً عميقة في الاقتصاد القطري وآفاقه المستقبلية.

وخفضت وكالة "موديز" التصنيف الائتماني للبنوك القطرية، وشككت في قدرة الدوحة على تنفيذ وعودها بالتنويع الاقتصادي. أما وكالة "بلومبرغ" الأمريكية فقد أجرت مسحاً للمستقبل الاقتصادي لقطر أظهر انخفاض النمو إلى أدنى مستوى خلال عقدين.

بدائل محدودة
وتلفت المجلة إلى أن قطر وجدت نفسها أمام بدائل محدودة، اعتمدت خيارين سيئين سيتسببان لها بالكثير من المشاكل. فقد وسعت الدوحة من قنواتها مع إيران وتركيا لتعويض المقاطعة وهي خيارات مسدودة، فإيران تخضع الآن لحصار دولي بدعوى أنها "دولة مارقة"، لا حكم للقانون فيها، وتتعثر في اقتصادها وفي استقرارها السياسي الذي تتهدده عوامل كثيرة ليس أقلها مستقبل الاتفاق النووي. والأمر مثله مع تركيا التي تجد نفسها الآن وسط دوامة من المشاكل الداخلية والخارجية.

وحتى في رهانها على زيادة إنتاجها من الغاز بنسبة 30%، فإن قطر – تجد نفسها "تلعق جرحها النازف"، حسب وصف نشرة "أويل برايس".

هيمنة مهددة
فهيمنة قطر على جزء رئيس من أسواق الغاز الدولية أضحت الآن مهددة من عدة أطراف، أولها أستراليا التي بدأ إنتاجها من حقل “ايشيثز” الضخم الذي سيجعلها بحلول العام 2020 أكبر مصدر للغاز في العالم. كذلك التزايد المضطرد للإنتاج الأمريكي من الغاز وحتى روسيا فإن إنتاجها من حقلها الجديد “يامال” سيبدأ هذا العام ليصل إلى 16.5 مليون طن من الغاز المسال العام 2019.