رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
الخميس 24 أغسطس 2017 / 20:03

صحيح.. ولكنه يفتقر للمبادئ

يرى "بلاتمان" أن انهيار حكم نتانياهو سيقود إسرائيل الى عنف أهلي غير مسبوق ولم يشهد له المجتمع الاسرائيلي مثيلاً من قبل

ثمة إشارات كثيرة يمكن التقاطها في الصحافة الإسرائيلية حول تفسخ حكم اليمين وبداية انهيار زمن "نتانياهو" الطويل. إشارات واضحة بحيث يمكن مشاهدة أسماء تصعد من الدخان والإصغاء إلى أسماء منطوقة بشكل واضح لخلافته، سواء في حزبه "الليكود" مثل "جدعون ساعر"، أو في أحزاب الائتلاف اليميني الذي يقوده مثل "نيفتالي بينيت" رئيس حزب "البيت اليهودي"، أو وزير دفاعه "أفيغدور ليبرمان" زعيم حزب "اسرائيل بيتنا". الصراع هنا لا ينحصر في خلافة "الرجل" الذي يعاني، أو الجلوس على مقعده في رئاسة الحكومة ولكنه يذهب أبعد من ذلك نحو زعامة التيار اليميني في اسرائيل.

يبدو الصراع أشبه بحرب أهلية في بيت اليمين الإسرائيلي الذي يحتكر السلطة. اليمين المتطرف سيخلف اليمين المتطرف، الإشارة الوحيدة التي ينتظرها الجميع ستأتي على شكل الدعوة لانتخابات مبكرة.

أربعة ملفات بتهم الفساد تطارد نتانياهو وعائلته والمقربين منه.

لعل هذا يفسرالخطاب الذي وجهه في "تل أبيب" مطلع أغسطس (آب) الجاري أمام تجمع من أنصاره، التجمع لم يكن كما يأمل الرجل والذين قاموا على تنظيمه، والخطاب لم يكن موجهاً تماماً للصحافة، التي هاجمها واتهمها بمحاولة إسقاطه، ولا لليسار المتخبط الذي يدفع "غباي" نحو الواجهة بيأس، ويتابع التراجيديا اليمينية بانتظار اغتيال "القيصر"، ولا للفلسطينيين الذين يعيشون خلف الجدار والمنشغلين بخلافاتهم وانقساماتهم، كان موجهاً بالضبط إلى خصومه في معسكره، ما زال الوقت مبكراً للهتاف بـ "مات الملك"، وجهة الخطاب الثانية كانت نحو بؤر التطرف والمجاميع العنصرية و"ميليشيا" العنف التي قام بتغذيتها ورعايتها عبر سنوات طويلة، حتى تحولت إلى سمة رئيسية في المجتمع الإسرائيلي.

الرجل الذي نفخ في البوق ثلاث مرات أمام مئات من أنصاره في "تل أبيب" يعرف جيداً أنه أيقظ "الكابوس"، الرعب من "العنف الأهلي".

في هاجس "العنف" يمكن العودة إلى ما نشره البروفيسور "دنيال بلاتمان" المختص في تاريخ شعب اسرائيل واليهودية المعاصرة ضمن كلية العلوم الإنسانية التابعة للجامعة العبرية في القدس على موقع "هارتس" الإلكتروني تحت عنوان "خطر العنف الكامن في انهيار حكم نتانياهو".

يرى "بلاتمان" أن انهيار حكم نتانياهو سيقود إسرائيل الى عنف أهلي غير مسبوق ولم يشهد له المجتمع الاسرائيلي مثيلاً من قبل، فالحكومة اليمينية التي يسيطر عليها المستوطنون وممثلو العنصرية في اسرائيل، هذا يشمل امتدادات الائتلاف والمنظمات العنصرية التي تدعم أحزابه، غير مؤهلة لتقبل الخسارة ولن تستسلم بسهولة للانهيار الذي تتلاحق نذره وتتجمع في الحياة السياسية في اسرائيل، النذر القادمة من فساد النخبة السياسية الحاكمة، تحديداً الحاشية المحيطة بمكتب نتانياهو ومكتبه وعائلته، وافتقارها الى المبادئ.

يمكن هنا تذكر ما يشبه النبوءة التي أطلقها "اسحق شامير" (1915-2012)، عندما قاد احتجاجاً على "نتانياهو" في ولايته الأولى ضمن 16 عضواً من أعضاء الكنيست، كان ذلك الاعتراض مفاجئاً، خاصة أن شامير هو من صنع "بيبي"، هو الذي اختاره ليكون مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة، ثم ناطقاً باسم الوفد الاسرائيلي في مفاوضات مدريد التي أعقبت "عاصفة الصحراء" في العراق وسبقت اتفاقيات "أوسلو".

في إجابته على سؤال صحفي تضمن الاستفسار عن موقفه الغريب والمعارض من "ربيبه" الشاب، الذي قدمه بنفسه ورعاه ودافع عنه، وهو يدفعه بقوة في الحياة السياسية في إسرائيل، والذي ينفذ برناجه اليميني ويتبنى خطابه، كانت إجابة "شامير" مقتضبة وتنبؤية وتحمل في طياتها قلقاً عميقاً:

"هذا صحيح، ولكنه يفتقر للمبادئ".

سيفعل "بيبي" كل شيء لينتصر في معركته، لديه خيارات كثيرة:

سيعزز بناء المستوطنات ويذهب الى وتيرة أعلى.

سيماطل ويتحايل على القضاء، وسيسعى ليحقق زمناً أفضل من "إيهود أولمرت" الذي فتحت ملفات فساده في 2006 وحسمت في 2014 بسجنه.

سيشن حرباً على غزة، أو لبنان إذا تعذر ذلك لأسباب قاهرة.

خيارات كثيرة لرجل محاصر يفتقر للمبادئ.