الأحد 3 سبتمبر 2017 / 18:16

السعودية تسكت قطر وإيران بموسم حج استثنائي

24 - إعداد: نسرين عليوي

"نجاح استثنائي" هكذا وصف مستشار خادم الحرمين الشريفين، الأمير خالد الفيصل، اليوم الأحد، موسم الحج بعد ختامه، حيث تمكنت السعودية من خدمة الحجاج بيد، والتصدّي بيد أخرى لمحاولات إيران وقطر تسييس الفريضة، ومحاولتهما إثبات عجز المملكة عن إدارة الحشود المليونية، دون وقوع إصابات بشرية أو حوادث أمنية، تثبت سوء التنظيم أو ضعف الاستعدادات لهذا الموسم.

لا شك أن خدمة مليوني و600 ألف شخص من جنسيات ومذاهب وثقافات مختلفة في مدينة واحدة ذات مساحة صغيرة يتجمعون في نفس الوقت، ويقومون بعبادات واحدة ويتحركون في أوقات محددة مع ضمان سلامتهم ورعايتهم الصحية، يعتبر عملاً عظيماً بكل المقاييس مثل الأعوام السابقة بل ويفوقه هذا العام ولهذه الأسباب:

تسهيلات للحجاج القطريين
نجاح موسم الحج هذا العام يكذب ما روّجت له قطر حول السعودية بوضع عراقيل أمام الحجاج القطريين أو تقليل أعدادهم، حيث بلغ عدد حجاج قطر هذا العام 1546 حاجاً، مقارنة بـ 1210 حجاج العام الماضي أي بزيادة قدرها 336 حاجاً، حسبما جاء على لسان أمير منطقة مكة المكرمة.

وفتحت السعودية ذراعيها للحجاج القطريين مقدمة لهم خدمات خاصة هذا العام، كاستضافتهم على نفقة خادم الحرمين الشريفين وتخصيص مخيمات لهم في منطقة قريبة من مشعر منى وجسر الجمرات، فضلاً عن قربِها من محطة قطار المشاعر. ويأتي ذلك رداً على محاولة قطر تسييس الحج قبل بدء الموسم من خلال منعها لمواطنيها من الذهاب إلى المشاعر المقدسة، وادعائها أن هذا المنع يأتي خوفاً عليهم من التعرض لأي مشاكل هناك.

وكان الحجاج القطريين أوفياء لهذه المعاملة التي لاقوها من السلطات السعودية، إذ عبّر عدد كبير منهم خلال لقاءات إعلامية عن شكرهم وتقديرهم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان على حسن الضيافة والخدمات الكاملة التي وجدوها وأسرهم في المخيمات المخصصة لهم ضمن برنامج ضيوف الرحمن للحج والعمرة.

ضربة لمحاولات التسييس
ومثلما فعلت قطر في الموسم الحالي، كذلك حاولت جماعة الحوثيين التابعة لإيران هذا العام تشويه صورة السعودية قبل موسم الحج بعرقلة آلاف الحجاج اليمنيين عن أداء مناسك الحج. وفي موسم الحج العام الماضي منعت طهران مواطنيها من الحج في العام الماضي وطالبت بتشكيل إدارة دولية للحج، مما يؤكد أن إيران وقطر يتحالفان معاً للانتقام من السعودية من خلال محاولات تسييس الحج.

بالمقابل، أعلن الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج، اليوم الأحد، نجاح موسم الحج لهذا العام، وقال إن "هذه البلاد مفتوحة لجميع المسلمين ولا نمنع الإيرانيين ولا غيرهم".

وقال الفيصل خلال مؤتمر صحفي في ثاني أيام التشريق إن أكثر من مليوني حاج مدوا من مكة يد السلام والأخوة للعالم. وأضاف أن الحج هذا العام كان "استثنائياً" في الخدمة والإجراءات والتعليمات والثقافة.

خلو الحج من الأمراض
كشف وزير الصحة السعودي، عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة، في ثاني أيام التشريق عن خلو موسم الحج الحالي الذي شارك فيه قرابة مليوني حاج، من "الأمراض الوبائية والمحجرية".

وتمكنت السعودية من مواجهة التحديات الصحية أيضاً خلال هذا الموسم من خلال تخصيص 30 ألف ممارس صحي وتجهيز 25 مستشفى موزعة في المشاعر، وكذلك 155 مركزاً صحياً في مواقع الحجاج وبالقرب منهم كي ينعم ضيوف الرحمن بجميع الخدمات الصحية التي يحتاجونها.

نجاح الخطط التنظيمية
إن حجم الخدمات المقدمة ابتداء من الرعاية الأمنية والمرورية والصحية والبلدية وخدمات الاتصالات والخدمات اللوجيستية يصعب تلخيصها في تقرير واحد، لكن لا شك أن تخصيص حوالى 300 ألف مواطن مدني وعسكري لخدمة أكثر من مليونين و600 ألف حاج والعمل على راحتهم في كل مناسك الحج، ساعد على نجاح الموسم بصورة أفضل.

ولم يشهد الموسم أي وفيات أو إصابات بسبب التكدس البشري في نقطة واحدة في مشعر منى، والتي كان أحد أهم القضايا في الماضي والتي ذهب ضحيتها الكثير من الحجاج نتيجة التزاحم الكثير. وكان لافتاً هذا الموسم وصول الحجاج في وقت مبكر لمختلف المواقع بالمشاعر وعدم توقفهم في الحافلات وسهولة التنقل وعدم تزاحم الحافلات أو المشاة على الطرق.

وما استخدم من تقنيات في تنظيم الحشود وجعلها تسير في مسارات خاصة تفادياً للتكدس، وتأمين النقل السريع للحجاج من خلال قطار المشاعر عرفات ومزدلفة ومنى شكل فصلاً مهماً من فصول نجاح موسم الحج هذا العام.

قوات أمن الحج
قوات أمن الحج قامت بدور كبير ومهم في حفظ أمن الحجاج وعدم ظهور أي محاولات تخريبية. تأمين الحجاج من قبل المدنيين ورجال الشرطة والقوات المسلحة السعودية فكان واضحاً جداً من خلال المشاهد التي نقلتها وسائل الإعلام مدى انسيابية حركة الحجاج وهم يؤدون المناسك بكل يسر ونظام وبدون مشاكل تذكر.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تصدر الحديث عن رجال الأمن والدور والإشادة بدورهم في إنجاح الموسم، وتحت هاشتاق #شكراً_رجال_الأمن تنوعت الصور ومقاطع الفيديو المنشورة التي توثق دور رجال الأمن في مساعدة الحجاج وتأمينهم، والتي تظهر إنسانيتهم في التعامل مع الحجاج والتي تجاوز الحدود التنظيمية لمهامهم المنوطهة بهم،

تفاعل على تويتر
وعلى تويتر، أطلقت هاشتاقات أضاءت على جوانب عديدة من نجاح موسم الحج، وشارك في التعليقات نخب ثقافية ودينية وكتّاب وإعلاميون ومشاهير ونجوم رياضة من العالم العربي، تثني على جهود السعودية في نجاح موسم الحج. 

وهذا التفاعل الحقيقي من الجميع مع موسم الحج يمنح الموسم بعداً إيمانياً وحضوراً أقوى ليس فقط بين الحجاج، بل لكل من شاهد صورة من هذا المكان تجسد القيم الإيمانية لهذا المكان المقدس.

إن احتواء موسم الحج ومصاعبه واخراجه بأبهي صورة من الأمان والتسهيل والراحة التي يشعر بها الحاج من لحظة وصوله لأرض الحرمين إلى لحظة عودته إلى موطنه جعل هذا الموسم ناجحاً بكل المقاييس. فقد ألغيت كل الشعارات السياسية والمذهبية والطائفية التي تقود إلى الغلو والتطرف والتناحر وتمسك الجميع فقط بشعار "لا إله إلا الله محمد رسول الله".