مقاتلون من داعش في طريقهم من الحدود اللبنانية إلى البوكمال.(أرشيف)
مقاتلون من داعش في طريقهم من الحدود اللبنانية إلى البوكمال.(أرشيف)
الإثنين 11 سبتمبر 2017 / 14:15

داعش.. الأداة المفيدة لحزب الله وإيران

تطرّق مايكل يونغ في صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية إلى الصفقة التي عقدها حزب الله مع تنظيم داعش التي قضت بإخراج حوالي 300 من مقاتليه وعائلاتهم سالمين من الحدود اللبنانيّة-السوريّة إلى منطقة البوكمال.

حزب الله لم يهتم كثيراً بردّ الفعل على الصفقة مع داعش، لأنّه لا يرى التنظيم كمشكلة كبيرة له

يونغ، وهو ناشر مشروع "ديوان" للدراسات الشرق أوسطيّة في معهد "كارنيغي" الأميركي، ذكر أنّ ذلك الاتفاق أغضب الحكومة العراقية ورئيسها حيدر العبادي الذي وصف ما حصل بأنّه "إهانة للشعب العراقي". وكان بريت ماكغورك، الموفد الرئاسيّ الأميركي الخاص إلى التحالف الدولي ضد داعش قد عبّر أيضاً عن غضبه على "تويتر" كاتباً عن "ضرورة قتلهم (مقاتلي داعش) في ميدان المعركة، لا إرسالهم في الباصات عبر سوريا إلى الحدود العراقيّة من دون موافقة العراق".

لم يصدّقه أحد
وحين قصف طيران التحالف الطرقات التي كانت تسلكها القافلة ليحاصر الإرهابيّين في الصحراء، أصدر حزب الله بيان إدانة ضدّ التحالف. وشرح يونغ أنّ الجيش اللبناني لم يكن يريد التفاوض مع الإرهابيين لكنّ حزب الله والجيش السوري اللذين كانا يحاربان من الجهة السوريّة أتمّا الصفقة وفرضاها على الحكومة اللبنانيّة. وأضاف أنّه حين قال أمين عام حزب الله حسن نصرالله إنّ الاتفاق كان في مقابل معلومات حول مصير تسعة جنود لبنانيين أسرهم الإرهابيّون، لم يصدّقه أحد.

هدفان
كتب يونغ أنّ لحزب الله هدفين من إنجاز صفقة انسحاب داعش من الحدود. فقد ساعد الاتفاق على تعزيز منطقة خفض توتر مُسيطَر عليها من إيران شبيه بمناطق سوريّة أخرى تمّ التفاوض حولها. كذلك، كرّس الاتفاق سابقة أخرى لحزب الله الذي قدّم نفسه كطرف قادر على التفاوض بشأن عودة اللاجئين السوريّين إلى بلادهم في المستقبل. لقد استعجل الحزب الحرب في يوليو (تموز) وأغسطس (آب) الماضيين لدحر داعش وجبهة فتح الشام عن الحدود اللبنانية السورية لخلق توازن مع الاتفاق الروسي الأمريكي الذي أبعد إيران عن الجولان. من جهة أخرى، إنّ الحدود التي سيطر عليها حزب الله هي حيويّة بالنسبة إليه لأنّها طريق دعم أساسيّة له في أي حرب مقبلة مع إسرائيل.

داعش ليس مشكلة كبيرة له

يتابع يونغ كاتباً أنّ حزب الله لم يهتم كثيراً بردّ الفعل على الصفقة مع داعش، لأنّه لا يرى التنظيم كمشكلة كبيرة له. ويعيد الباحث طرح السؤال الأساسي حول السبب الذي دفع الحزب إلى معارضة سلوك التحالف، وحول وصف الناطق باسم الخارجيّة الإيرانية لتصرّف التحالف الدولي بأنّه جهد من أجل "التأثير سلباً على نصر الحكومة اللبنانية والمقاومة". يرجّح يونغ أن يكون حزب الله يريد أن يتمّ النظر إليه على أنّه يلتزم بوعوده تجاه اللاجئين أو النازحين السوريين الذين يعيش قسم منهم في مناطقه.

التكتيك نفسه
لقد أعاد حزب الله بعض اللاجئين إلى سوريا ضمن اتفاقات منفصلة بدون أن يؤمّن ضمانات لعودتهم سالمين وبدون التنسيق مع منظمات أمميّة للإغاثة. وإذا استمرّ بهذا التصرّف – في وقت يقوم بنقل هذا العدد الكبير من السنّة عن المناطق التي تسكنها غالبيّة شيعيّة – فلا يمكن للحزب أن يبرز بمظهر من يرسل إلى الموت أولئك الذين وافقوا على الرحيل. كما لا يخاطر الحزب كثيراً عبر السماح لداعش بالانتقال إلى شرق سوريا. فقد اتّبع مع النظام السوريّ نفس التكتيك مع جبهة فتح الشام (النصرة) عبر السماح لمقاتليها بالانسحاب إلى محافظة إدلب. وينظر حزب الله إلى البوكمال ودير الزور مثلما ينظر إلى إدلب كمناطق يمكن حصر الإرهابيّين فيها.

أداة مفيدة
الأولوية لإيران وحزب الله هي تعزيز سيطرتهما على الحدود اللبنانيّة السوريّة وتخفيض عدد اللاجئين تدريجيّاً من مناطق حزب الله. بهذه الطريقة، سيزيلان أي خطر على وصول الأسلحة إلى شمال البقاع فيما يرحّلان عدداً كبيراً من النازحين لا يرتاحان لهم. من هنا، يرى يونغ أنّ داعش هو أداة مفيدة يمكن أن تدفع أهداف بعض الأطراف في المنطقة إلى الواجهة، وفي الوقت الذي تسعى إلى تحقيق تلك الأهداف، تبقي الأمريكيّين مشغولين بما يحدث، كما فعل ماكغورك.