مصري يشتري عملة أجنبية من أحد البنوك (أرشيف)
مصري يشتري عملة أجنبية من أحد البنوك (أرشيف)
السبت 16 سبتمبر 2017 / 13:29

مصر: البنوك تهيمن على الصرافة

بدأت بعض البنوك الحكومية المصرية التوسع بقوة في مجال سوق صرف العملات الأجنبية، رغم الركود الذي يُسيطر على السوق، بعدما حرر البنك المركزي سعر صرف الجنيه في نوفمبر (تشرين الثاني)، في محاولة للسيطرة على السوق، والتحكم في معاملاتها مستقبلا.

وقال مسؤولون في شركات صرافة بالقاهرة إن البنوك لم تكتف بفتح فروع لشركات صرافة، بل عملت على استقطاب بعض العاملين في الشركات برواتب مرتفعة، ونجحت فعلا في ضمهم للعمل بشركات الصرافة التابعة لها.

خُطة
وقال نائب رئيس البنك الأهلي المصري يحيى أبو الفتوح لرويترز، إن مصرفه فتح فرعين للصرافة في القاهرة في أغسطس (آب) الماضي ويسعى إلى "افتتاح 13 فرعاً جديداً للصرافة في الأشهر الستة المقبلة في القاهرة، وأسيوط، والمنصورة" مضيفاً أن:" خطة البنك تستهدف الوصول بعدد فروع الصرافة التابعة له إلى 30فرعاً حتى منتصف 2019. والهدف من تأسيس شركة الأهلي للصرافة، تحسين أداء سوق الصرف، وامتلاك فروع الصرافة مرونة أكثر في التعامل مع الأفراد طوال اليوم، وفي أيام العطلات".

وفي الشهر الماضي قال البنك الأهلي في بيان، إن فكرة تأسيس شركة صرافة تولدت لديه "في ضوء الظروف التي كانت تمر بها سوق العملات الأجنبية، قبل صدور قرارات تحرير أسعار الصرف، ووجود مناخ غير صحي، أدى إلى التعامل بالعملات الأجنبية خارج القنوات الشرعية".

وكان البنك المركزي المصري أغلق العشرات من شركات الصرافة في العامين الماضيين، عندما كانت البلاد تعاني شحاً شديداً في العملة الصعبة، بسبب تركزها في شركات الصرافة التي كانت تضارب بها، وتبيعها في السوق السوداء لمن يحتاجها من رجال الأعمال والمستوردين.

وفرة دولار
غير أن المركزي والبنوك العاملة في البلاد باتت تتمتع بوفرة في الدولار، بعد بيع الأفراد ما بحوزتهم عندما كانت هناك مخاوف لبعض الوقت من تراجع سعره، وعن تحويلات المصريين في الخارج، وشراء الأجانب المكثف لأدوات الدين المصرية، وسط ارتفاع أسعار الفائدة، وبفضل التعافي الجزئي لإيرادات السياحة.

وتتركز معظم صرافات القطاع الخاص في القاهرة، والصعيد، والدلتا، وهي نفس المناطق التي تسعى صرافات البنوك الحكومية للعمل فيها بقوة.

وقال مسؤول في إحدى شركات الصرافة لرويترز مشترطاً التحفظ على إسمه إن: "البنوك هي المتحكمة الآن في السوق بشكل كامل. استقطبوا بعض موظفي شركات الصرافة الخاصة للعمل معهم. شركات الصرافة التابعة للبنوك عملت حتى في العطلات".

 وأضاف: "النشاط حالياً ضعيف جداً بعد تحرير سعر الصرف. العمل عاد لما كان عليه قبل أزمة الدولار. الركود يسيطر حالياً على السوق".

القضاء على السوق السوداء

ودفعت وفرة الدولار لدى البنوك إلى شح المعاملات في سوق الصرافة، والقضاء تماماً على السوق السوداء للعملة في البلاد.

وقال مسؤول ثان في إحدى شركات الصرافة لرويترز: "أعمالنا مقتصرة حالياً على مستوردي السلع غير الأساسية فقط لأن الكثير من البنوك ترفض البيع لهم لأنها ستكون ملتزمة وفقاً لقرارات المركزي ببيع 50% من تمويل السلع غير الأساسية في الانتربنك، ما قد يخفض من مكاسبها".

لكن أحد مستوردي الأجهزة الكهربائية في مصر قال لرويترز :"البنوك توفر كل احتياجات السوق سواء أساسية، أو غير أساسية. لديهم بالفعل حصيلة كبيرة من الدولار، ولذلك يُبادرون بالاتصال بنا لتوفير العملة".

وحررت مصر سعر عملتها في نوفمبر (تشرين الثاني) وفرضت الكثير من القيود على الاستيراد، ورفعت الجمارك على السلع غير الأساسية أكثر من مرة، وبنسب كبيرة في العامين الماضيين.

وقال نائب رئيس بنك مصر عاكف المغربي لرويترز: "نملك حالياً 21 فرعاً للصرافة، ونسعى إلى 50 فرعاً في عامين. فروع الصرافة أقل تكلفة من فتح فروع جديدة للبنك، حتى نستطيع ضبط سوق صرف العملات الأجنبية".

وتراجع الجنيه بشكل حاد بعد تحرير سعر الصرف في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى نحو 19 جنيهاً للدولار قبل أن يسترد  عافيته، ليستقر بين 18.05 و18.15  جنيهاً في مارس (آذار) وبين 17.62 و17.72 جنيهاً.

وشدد البنك المركزي العام الماضي العقوبات على شركات الصرافة العاملة في السوق والمخالفة للقانون، لتشمل الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات، وغرامة تتراوح بين مليون وخمسة ملايين جنيه(56.4-282.2 مليون دولار).

وقال مسؤول آخر في شركة صرافة لرويترز: "البنوك تعمل بالفعل حالياً على التواجد في أماكن مميزة لتكون أسرع وأقرب لمن يريد تغيير العملة. لا نستطيع البيع حالياً بأسعار غير المعلنة، وكل عملية نقوم فيها بالبيع أو الشراء تكون بإيصالات رسمية، لم تعد السوق كما كانت سابقا، فالبنوك هي المتحكمة الآن في سعر العملة. يبدو أنها تعلمت الدرس جيدا".