من مناطق أهوار العراق.(أرشيف)
من مناطق أهوار العراق.(أرشيف)
الأحد 17 سبتمبر 2017 / 14:41

أهوار العراق بخطر مجدداً.. شح المياه والسياسات الجائرة تهدد المنطقة

بعدما نجح أنصار حماية البيئة البرية في العراق في إنقاذ الحياة البرية والنباتية لمنطقة الأهوار في جنوب العراق، باتت اليوم المنطقة معرضة من جديد، لخطر الجفاف والتصحر. فقد جفف الزعيم العراقي السابق صدام حسين الأهوار، وحولها إلى منطقة جافة سعياً للقضاء على حركة تمرد قامت ضده في تسعينيات القرن الماضي.

قد يؤدي ضعف تدفق المياه من نهري دجلة والفرات لتسلل مياه الخليج المالحة إلى الأهوار. ويترافق ذلك مع استغلال المنطقة في زراعة عدد من المحاصيل في جميع الفصول

وتشير مجلة "إيكونوميست" البريطانية إلى أنه بفضل الجهود المخلصة لأنصار حماية البيئة، عادت مظاهر الحياة للأهوار، حيث تسمع في حقولها زقزقات عصافير وهمهمات حشرات اليعسوب والنحل، وأناشيد رعاة الأبقار الذين استعادوا نشاطهم القديم.

أزمة جديدة قديمة

ولكن الأجواء استعادت اليوم نغمة قديمة متجددة بشأن تعرضها لأزمة تهدد وجودها وسببها شح المياه، والإسراف في الري، وتحول المناخ وبناء سدود جديدة. وقد يؤدي ضعف تدفق المياه من نهري دجلة والفرات لتسلل مياه الخليج المالحة إلى الأهوار. ويترافق ذلك مع استغلال المنطقة في زراعة عدد من المحاصيل في جميع الفصول، ما ساعد على زيادة نسبة الملوحة في تربتها، وتهديد الحياة البرية في المناطق الرطبة، والتي اعتمدت في حياتها على الأهوار، منذ أكثر من ألف سنة.

مشكلة محلية

ويخشى جاسم السعدي، من أنصار البيئة، وقد نشأ في مستنقعات الأهوار، قبل أن يجففها صدام حسين، من أن لا يبقى، خلال السنوات القليلة المقبلة، سوى نصف مساحة الـ 5600 كيلو متر مربع المقرر استعادتها والمحافظة عليها.

وتلفت "إيكونوميست" لكون المشكلة محلية في قسم منها، إذ إن أساليب الري العراقية قديمة وسيئة، وحيث يتم تبديد كميات وفيرة من المياه، فضلاً عن استخدام معدات غير متطورة. ويعتمد كثير من المزارعين على محاصيل عطشى كالأرز، بمعنى أنها تحتاج للكثير من الماء. كما عمل الساسة سابقاً على تخصيص كميات إضافية من مياه خاصة بالأهوار لريّ مناطقهم السكنية على حساب المستنقعات. 

فساد وحرب
من جهة ثانية، وبحسب المجلة، يضطر تكنوقراط من ذوي الأفكار الإصلاحية للتعامل مع ساسة فاسدين، أو منشغلين بمعارك مكلفة ضد داعش. لكن هناك مشاكل أخرى خارجة عن نطاق السيطرة العراقية. فقد بنيت، خلال عشرات السنين، سدود في كل من سوريا وتركيا وإيران ما أدى لابتلاع مياه دجلة والفرات وأنهار أخرى كانت تغذي منطقة الأهوار. ومن المتوقع أن تؤدي سدود جديدة في تركيا، بما فيها سد إليسو بطاقة 1200 ميغاوات، للحد من تدفق مياه دجلة.

محادثات عقيمة

ووفقاً لـ "إيكونوميست"، جرت محادثات حول تلك السدود لكنها كانت عقيمة، لأن الدولتين السورية والعراقية غير فاعلتين حالياً، ولأن داعش سيطر أيضاً على مناطق حول نهر الفرات.

وفي ذات السياق، قالت فرانسيكسا دي شاتيل، خبيرة في شؤون المياه في المنطقة: "قد تستغل تركيا حالة الفوضى الحالية في العراق وسوريا، وتمضي في بناء سدود وتنفيذ مشاريع على نهر الفرات دون أن يعترضها أحد".

من جهة أخرى كان لتحول المناخ دوره أيضاً. فقد سجلت في الصيف الماضي درجات حرارة مرتفعة وصلت، في جنوب العراق، إلى 54 درجة مئوية، وحيث كان الصيف الماضي من أشد الفصول حرارة في تاريخ المنطقة.

حلول
وفي حين تتوقع المجلة أن تشهد مستنقعات الأهوار مستقبلاً أكثر حرارة وجفافاً، تقول إن إدارة أكفأ لمصادر المياه قد تفيد. ومن باب التمني يقول السعدي: "لو تقاسمت إيران والعراق وسوريا وتركيا مياههم برضا وتعاون كما تفعل دول الدانوب، لحلت المشكلة".

وبحسب السعدي، يفترض مراقبة مستويات السدود خلال سنوات الخصب والجفاف من أجل ضمان تدفق المياه نحو نهري دجلة والفرات. كما يحتمل أن يسعى مسؤولون عراقيون للبحث عن حلول مبتكرة، كاستئجار خزانات عند سد إليسو لاستخدامها وقت الحاجة إليها.