الإثنين 18 سبتمبر 2017 / 08:31

مئوية قطر.. اقتصاد يتدهور وفقدان ثقة المستثمرين

سامي الريامي- الإمارات اليوم

الأرقام هي اللغة الصادقة التي تعطي المؤشرات الاقتصادية وغير الاقتصادية، وما عداها من تلميع إعلامي مضلل لا يمكن أن ينطلي على كل ذي عقل، لذلك فإن الأرقام والمؤشرات الخاصة بالاقتصاد القطري، خلال فترة المقاطعة، لا يمكن أن تنشرها قناة الرأي الواحد الموجه (الجزيرة)، لأنها ستكشف بالتأكيد حجم الضرر على كيان هذه الدولة الصغيرة.

تأثير المقاطعة بدا واضحاً على ثلاثة محاور اقتصادية رئيسة في قطر، وهي الودائع الأجنبية والواردات والتضخم، حيث زاد الأخير، وتراجعت الودائع والواردات، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تراجعت أيضاً أرباح أكبر الشركات القطرية، وهي المدرجة في بورصتها.

وأدت مقاطعة قطر، نتيجة سياساتها في تمويل الإرهاب والإرهابيين، إلى تراجع ملحوظ في أداء الاقتصاد، وتدهور قيمة الريال القطري، وخفض عدد من مؤسسات التصنيف الائتماني تقييمها للسندات، عقب تراجع الودائع الخليجية لدى بعض البنوك القطرية، بجانب تخارج تدفقات استثمارية من البورصة القطرية.

فالبورصة القطرية مازالت تسجل أسوأ أداء بين أسواق المال بالمنطقة، وهوى مؤشر بورصة قطر عند إغلاق تعاملات الثلاثاء الماضي إلى أدنى مستوى في 20 شهراً، متأثراً بهبوط جماعي للقطاعات، وأصبح اللون الأحمر مرادفاً لأسهمها، وسط نزوح للمستثمرين!

وأجمعت أكبر ثلاث وكالات تصنيف ائتماني على تصنيف سلبي لقطر، بعد خفض وكالة فيتش التصنيف الائتماني إلى AA- بنهاية الشهر الماضي، ويؤثر خفض التصنيف الائتماني للدولة بشكل مباشر وسلبي على صورتها أمام المستثمرين في العالم، ويقلل كثيراً من قدرتها على جذب رؤوس الأموال والاستثمارات، كما هو معروف، بل إن صندوق النقد الدولي قال "إن عزلة قطر الطويلة تؤدي إلى إضعاف الثقة باقتصادها، وخفض الاستثمار والنمو في البلد".

إلى جانب ذلك، أوقفت مؤسسات ومصارف عدة، منها "يو إس بنك"، وبنك أوف أميركا، وبنك تشيس، و"ترافيليكس الدولية" لتبادل العملات في بريطانيا، والمؤسسة المصرفية "هليفكيس بنك أوف اسكوتلاند"، التعامل على الريال، تخوفاً من تدهور قيمته، بعد غموض مستقبل الاقتصاد القطري، وتدخل مصرف قطر المركزي أكثر من مرة، في محاولة لوقف نزيف خسائر العملة القطرية وشح السيولة!

وفي ما يتعلق بالأسعار، فقد ارتفعت السلع الغذائية على نحو ملحوظ، وقفزت معها معدلات التضخم، وحسب إحصاءات قطرية، ارتفعت أسعار الأغذية والمشروبات 4.5% من مستواها قبل عام، لتسجل أسرع وتيرة زيادة منذ 2014 على الأقل، ولتتسارع من زيادة بواقع 2.4% في يونيو، وتراجعت الواردات القطرية أكثر من الثلث في يونيو، لتدفع أسعار بعض السلع الأساسية إلى الارتفاع، كما أضرت بثقة الشركات في الدوحة.

وقال تقرير صادر عن مؤسسة كابيتال إيكونوميكس: إن رُخَص البناء في قطر تراجعت خلال يونيو، وانخفض عدد العقارات المبيعة إلى 135 عقاراً في يونيو الماضي، مقابل 411 عقاراً تم بيعها في مايو السابق له، كما انخفض مؤشر أسعار العقارات نحو 16.24 نقطة على أساس سنوي.

وأدى تأجيل المشروعات التي تشيّدها قطر إلى تهديد العاملين لديها بالتشرد، وفق ما حذرت منه منظمة العفو الدولية، كما تراجعت أرباح الشركات القطرية خلال النصف الأول من العام الجاري، وفقدت نحو نصف مليار دولار من أرباحها. ووصلت أرباح تلك الشركات إلى 5.7 مليارات دولار في النصف الأول، مقارنة بـ6.2 مليارات دولار في النصف الأول من 2016، بتراجع قدره 7.8%.

وهبط صافي ربح أهم القطاعات الاقتصادية القطرية خلال النصف الأول من عام 2017، وفقاً لتقرير مالي كويتي. وتشير بيانات إلى تضاعف خسائر تلك القطاعات في الفترة التي تلت المقاطعة العربية للدوحة لدعمها الإرهاب.

ووفقاً لتقرير المركز المالي الكويتي (المركز)، فقد شهد قطاعا الاتصالات والسلع في قطر، إضافة إلى القطاع المالي، انخفاضاً بنسب 26% و32% و17% على التوالي.

أما الخطوط القطرية، فقد فقدت الشركة 50 رحلة يومياً، مع خسائر تشغيلية قدرها 703 ملايين دولار للسنة المالية التي تنتهي في 2017، وأصبحت الرابعة من حيث أسوأ أداء في مجال صناعة الطيران في العالم، والأمر الأكثر خطورة الذي رصده مركز «كابا» أن 90% من ركاب الخطوط القطرية هم من مسافري الترانزيت، وأن معظم مسافري الترانزيت باتوا يتجنبون الرحلات التي تتخذ من العاصمة القطرية محطة توقف، بسبب طول المسافات في المسارات البديلة الحالية!

كل هذا النزف، ومازالت قطر تكابر، وتتعنّت، وتتبع سياسة تمييع وتهميش وتحوير القضية الأساسية، لكن لا بأس في ذلك، فالنزيف الحالي لابد أن يجعلها تصحو من غفلتها يوماً، وتعود إلى رشدها، واستمرار المقاطعة كفيل بتعجيل هذا اليوم!