الخليفة المزعوم أبو بكر البغدادي.(أرشيف)
الخليفة المزعوم أبو بكر البغدادي.(أرشيف)
الثلاثاء 19 سبتمبر 2017 / 20:12

رسالة إلى أعزائي الإسلاميين

المسلم يرى أن الله يحميه، والإسلامي يرى أنه هو الذي يحمي الله. يستفتي حزبه، المسلم مشغول بإيمانه، والإسلامي مشغول بإيمان جاره. المسلم يستفتي قلبه، والإسلامي

أعزائي..
لم يعد خافياً على أحد أن الحقبة الإسلاموية قد شارفت على النهاية، وأن بضاعتكم لم يعد لها سوق، ليس لدى ثلة ممن كنتم تتنمّرون عليهم وتصفونهم بدعاة الإباحية أو معاداة الدين أو الانبطاح للغرب.. إلخ من أوصاف كنتم تطلقونها على القلة التي كانت تحذّر منكم، بل صار ما تدعون إليه مرفوضاً لدى الكثير من الأفراد العاديين، ومثيراً لحفيظة حكومات دول المنطقة، ومصدراً لقلق العالم بأسره.

أعزائي..
ولو كان ما كنتم تدعون إليه طوال ثمانين عاماً قد صنع أمة عظيمة: اقتصادياً، وعلمياً، وثقافياً، وأخلاقياً، أو حتى دينياً، لتقطّعت النفوس حسرات على إسدال الستار على مشهدكم، لكنكم أكثر من تعرفون أن شيئاً من العظمة لم يحدث، بل حدث العكس تماماً، إلى درجة أن أفكاركم توّجت في النهاية، مع عوامل أخرى، إلى قيام عصابة تنتمي إليكم، ولو من بعيد، باستقطاع مساحات شاسعة من العراق وسوريا ورفع الرايات السود فوقها، في مشهد لم يكن أحد يتخيّل رؤيته خارج إطار المسلسلات التاريخية.

أعزائي..
أخذتم فرصتكم الكاملة، فقد امتلكتم السُلطة في أكثر من مكان، وكنتم جزءاً من السُلطة في غير مكان، وحتى في الدول التي كنتم بعيدين فيها عن سُلطة القرار، كانت أفكاركم تؤثر في صائغ القوانين، وواضع المناهج، وصانع الإعلام، وهكذا أيضاً حتى في الدول التي كانت تقف موقفاً معادياً من مشروعكم، إذ كانت تتبنى الكثير من أفكاركم لتقطع الطريق عليكم، والنتيجة أنكم كنتم حاضرين طوال الوقت. 

أعزائي..
أنتم توهمون أنفسكم بأن الله قد كلّفكم بالقيام بهذا الأمر، وربما لم تكونوا تتوهّمون ذلك وإنما تخدعون به الناس، وفي كل الأحوال، لقد حملتم ما اعتقدتم أنه مسؤولية ملقاة عليكم، وبذلتم كل ما في وسعكم، ونجحتم في الكثير من الأحيان في فرض أفكاركم، لكن اللعبة انتهت، ولم يعد الزمن يستوعب أمثالكم، ولم يعد العالم يقبل أفكاركم، والله كما تعلمون لا يكلّف نفساً إلا وسعها، ولن يسألكم غداً عن أي تقصير في أداء الواجب، فقد أديتم الواجب على أكمل وجه.

أعزائي..
لا تقلقوا، فلن تبتعدوا عن المشهد إلى الأبد، فالأيام كما تعلمون لكم وعليكم، بالأمس كان لكم، واليوم عليكم، وغداً قد يعود إليكم، فمن يدري، فلعل المشروع الذي يهمّش دوركم يفشل بعد 80 عاماً من التجربة، وهي الفترة نفسها التي مُنحت لكم لعمل شيء وأثبتّم خلالها فشلكم.

أعزائي..
أحد أسباب نقمتكم على تغير المشهد هو أنكم تتصوّرون أن المشهد الجديد يناقض كل ما تحملونه من معتقدات وأفكار، وهذا غير صحيح، فالمشهد الجديد لا شأن له بالمعتقدات على المستوى الشخصي، فالإسلامي يستطيع أن يؤمن في منزله بأنه خليفة المسلمين، يضع على رأسه عمامة مرصعة بالجواهر، ويجلس إلى مائدة مليئة بالتفاح والبرتقال، لكن لم يعد مقبولاً أن يخرج إلى الشارع وينادي بدولة العمامة والبرتقال.

أعزائي..
هل تريدون وصفة تجعلكم جزءاً من المشهد الجديد، ولا تشعرون معها بأنكم منبوذون من الجميع؟ الوصفة باختصار أن يكون الفرد منكم مسلماً لا إسلامياً، فثمة فارق كبير بينهما، حتى قيل إن الذي لا يرى الفرق بين المسلم والإسلامي كالذي لا يرى الفرق بين اليهودي والصهيوني.

أعزائي..
لخّص بعضهم الفروقات بين المسلم والإسلامي على النحو الآتي: أولاًــ المسلم يرى أن الله يحميه، والإسلامي يرى أنه هو الذي يحمي الله. ثانياً ــ المسلم مشغول بإيمانه، والإسلامي مشغول بإيمان جاره. ثالثاً ــ المسلم يستفتي قلبه، والإسلامي يستفتي حزبه، وقيل: المسلم يرجع إلى ربه، والإسلامي يرجع إلى مجلس الإرشاد. رابعاً ــ المسلم يريد أن يتأكد من دخوله إلى الجنة، والإسلامي يريد أن يتأكد من دخول غيره إلى النار، وفي رواية أخرى أن المسلم يتخذ الدين طريقاً ليتبوأ مقعده في الجنة، والإسلامي يتخذ الدين طريقاً ليتبوأ مقعداً في البرلمان. خامساً ــ المسلم عندما لا يحب فعل شيء فإنه لا يفعله، والإسلامي عندما لا يحب فعل شيء، فإنه يمنع الآخرين من فعله.

أعزائي..
هناك قول منسوب للكاتب محمد الماغوط، لو فكّرتم فيه جيداً سينتهي كل شيء، وستعودون أفراداً عاديين مثل البقية، ولن تشعروا بأنكم مظلومون أو مضطهدون، وستعيشون حياة سعيدة خالية من المنغّصات والمشكلات، فقد نُقل عن الماغوط قوله إن مشكلتنا لم تكن يوماً مع الله، وإنما مع الذين يعتبرون أنفسهم بعد الله.