ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر.(أرشيف)
ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر.(أرشيف)
الأربعاء 20 سبتمبر 2017 / 20:15

هل الحل في إزالة الاختلافات المذهبية؟

هناك من الطائفتين مَن يستغل الدين لأهداف سياسية، ولهذا لا بد من كسب أصوات القيادات الدينية الشيعية الوطنية، التي تتعالى بقيمها الوطنية، والالتفاف حول النخب المثقفة والمعتدلة

يعدّ استقبال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة- حفظه الله- لزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر فرصة سانحة لتثبيت العلاقات العراقية مع شعوب المنطقة.

يعيش العراق محنة كبيرة، فالخروج من عنق الزجاجة يحتاج إلى أشقاء يمدون له يد العون من أجل مستقبل العراق وولادته من جديد، فكان المسعى الخليجي لانتشال هذا البلد العربي العظيم من براثن النعرات الطائفية والعصبية، وشراك ولاية الفقية، فالتعاون العراقي الخليجي سيكون له مردوده لحماية الأمن القومي العربي، لدرء الشقاق الحالي، وخصوصاً أن التشدد السنّي والتزمت الشيعي لا يصنعان أوطاناً آمنة أو مجتمعات مسالمة.

الطائفية فكرة هشّة رخوة تشكل انشقاقًا عن المجتمع والدولة، إيران تنشر التشيع بقوة السلاح، وأصبح الجميع يدرك أن ليس عموم الشيعة موالين لمرجعية الخمينية. فالمسؤولية تقع على عاتق الشيعي الوطني الحر الذي يأبى الانقسام.

إذًا النزاع المذهبي الدموي الحاصل لن يؤدي بنا إلى إزالة الاختلافات المذهبية عن طريق إيجاد مذهب واحد، بل لا بدّ من إزالة أجندات التسلح والاعتداء والتحريض ضد دولة القانون كلّها، وبمحاربة التطرف والإرهاب بين الطائفتين داخل الوطن الواحد.

إنّه الوقت المناسب لخلق صيغة مصالحة شعبية عربية مشتركه بين شرائح الطائفتين من المعتدلين داخل منظومة كيان دولة، وهو بالضرورة واجب شرعي وطني وعربي ومن باب "لا تنازعوا" "ولا تفرقوا"، ويعزز مناعة الوطن العربي من التدخل الخارجي الإيراني، وبالتدريج نفعّل حركة الشعوب العربية نحو التسامح والاعتدال والقبول بالتعدد داخل المكون الوطني الواحد.

تحاول التنظيمات من الحشد الشعبي بقيادة إيران اغتصاب هذا النصر المبين ضد داعش وفلوله وسرقته من أيدي أبنائه المخلصين. هناك صراع سياسي دولي إقليمي بشأن الخلافات السياسية بين الأطراف، وهو على وشك أن يتحول إلى صراع مذهبي، وهناك من الطائفتين مَن يستغل الدين لأهداف سياسية، ولهذا لا بد من كسب أصوات القيادات الدينية الشيعية الوطنية، التي تتعالى بقيمها الوطنية، والالتفاف حول النخب المثقفة والمعتدلة لنشر ثقافة التقارب بين أطياف المذاهب السنية والشيعية داخل شعوبنا العربية، وكسب التأييد من تصريحاتهم في التنديد بالأعمال الإيرانية الشنيعة بحق الأمة العربية، والالتفاف الشعبي حول شرائح وطنية اجتماعية وقيادية شيعية تجرّم استعداء الخليج ورموزه من السنة.

تحسن العلاقات المشتركة مع العراق يساهم في محاصرة الإرهاب والتصدي لعمليات التطهير الطائفي، وتهجير السنة من مناطقهم. واللافت أن التيار الصدري لديه تنظيم خاص يقاتل جماعات وفلول داعش الإرهابي. وقد صرح قائد القيادة المركزية الامريكية السابق ديفيد بترايوس أنّ ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران سوف تشكل خطراً على العراق أكثر من تنظيم داعش الإرهابي، وقال إن هذه المليشيات "تقوم بفظاعات ضد المدنيين السنة".

لن يتحقق التعايش بين العرب والمسلمين بمذاهبهم المختلفة إلا إذا توافقت رؤاهم حول رفض الممارسات المذهبية وعلى رأسها العنف والعمل المسلح.

وقد عبَّر بحكمة بالغة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان –حفظه الله- لمقتدى الصدر عن رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة في التعامل مع الأشقاء وتقبل الآخر، والدفاع عن القناعات المختلفة مؤكداً أن "التجربة علمتنا أن ندعو دائماً إلى ما يجمعنا عرباً ومسلمين، وأن ننبذ دعاة الفرقة والانقسام".