سوري يبيع أعلاماً عليها صورة الرئيس بشار الأسد.(أرشيف)
سوري يبيع أعلاماً عليها صورة الرئيس بشار الأسد.(أرشيف)
الخميس 21 سبتمبر 2017 / 12:56

السوريون يقبلون بالأسد... لأنهم سئموا الحرب

24- زياد الأشقر

بعد جولة قامت بها في حي الشيخ سعيد في الشطر الشرقي من مدينة حلب الذي كانت تسيطر عليه المعارضة السورية حتى أواخر العام الماضي، كتبت أنشال فوهرا في مجلة "فورين بوليسي" أن الجميع هنا نادمون على الحرب، ويوجهون اللوم إلى كل الأطراف.

بعد مقتل مئات ألاف السوريين، يبدو أن السوريين صاروا يقبلون بكل ما سيأتي، طالما أنه لا يعني مزيداً من الحرب

لكن بما أن النظام فعل القليل أو لا شيء بالنسبة إليهم، فإنهم يقبلون فكرة أنه يمثل الفرصة الوحيدة لاستعادة مظهر من مظاهر الحياة العادية في حياتهم. ويدرك سكان الحي أنهم إذا كانوا يريدون إعادة بناء مدارس أولادهم، فعليهم الاعتماد على بشار الأسد.

الجهاديون مسؤولية المعارضة

وقالت إن صعود الجهاديين في المعارضة المسلحة جعلت الثوار هدفاً سهلاً للوم من جميع الأطراف، وليس فقط عبر الحملات الدعائية للنظام. وفي الشيخ سعيد، من السهل مشاهدة كيف أن التحالف بين فصائل الجيش السوري الحر وجبهة النصرة، قدم هدية غير مقصودة من الشرعية للأسد. وعندما كانت إحدى الساكنات في الحي وتدعى فاطمة تشير إلى "المسلحين"، لم تكن تميز بين الفروقات الإيديولوجية، وهي تنسب أية جرائم ارتكبتها النصرة، التي هي فرع تنظيم القاعدة في سوريا، إلى الثوار ككل.

هدية أخرى للنظام
ولاحظت الصحافية أن هذه الديناميات لا تقتصر على حلب فقط وإنما تتردد في العاصمة كذلك. وإلى الشرق من دمشق، تستمر الحرب في أحياء مثل جوبر، حيث لا تتنافس فصائل من الإسلاميين والجهاديين مع النظام فحسب، وإنما تخوض صراعاً في ما بينها على الهيمنة. وأشارت إلى أن طبيعة المعارضة هنا، التي تقصف عبثاً بشكل متقطع، مركز المدينة، هي هدية أخرى للنظام. وأحد الأهداف هو حي باب شرقي المسيحي في المدينة القديمة، المشهور بحياة الليل، وحيث لن يحظى الإسلاميون المدججون بالسلاح على مسافة بضعة أميال من الحي بأي تعاطف.

 الداعمون السابقون
ولفتت الصحافية إلى أن الشعور بأن لا بديل من الأسد، لا يقتصر فقط على سوريا ذاتها. وفي الأسابيع الأخيرة، حض بعض من الداعمين السابقين المعارضة على القبول بشروط بقاء الأسد في الحكم. وقد استدعت السعودية، الداعم الأساسي للمعارضة المسلحة، مفاوضي المعارضة كي تبلغهم أن عليهم إيجاد استراتيجية جديدة. وأقر وزير الخارجية البريطاني أخيراً بأن من غير الواقعي المطالبة برحيل الأسد شرطاً مسبقاً للتفاوض.

الأسد لم ينتصر
ورأت أن القبول المتزايد ببقاء الأسد لا يعني أن الرئيس السوري قد انتصر على شعبه أو على بلده. إن مجموعة كبيرة من السوريين يعقدون ميثاقاً مع أنفسهم في انتظار يوم آخر لتأكيد معتقداتهم السياسية. أما في الوقت الحاضر فإن الأولوية هي للسلام. وحتى في المناطق التي حقق فيها الأسد وعده إلى حد كبير في تحقيق الاستقرار فيها، فإن الخوف والاستياء من حكومته يطفوان في بعض الأحيان على السطح. ففي حي الموكامبو بغرب حلب مثلاً قال لي رجال أعمال إنه لا يمكنهم تحمل أعباء اشتراك الكهرباء مع تزايد تكاليف المعيشة. وتبلغ كلفة الكهرباء 400 دولار أسبوعياً بينما كانت قبل الحرب تكلف 40 دولاراً شهرياً.

وخلصت إلى أنه بعد مقتل مئات ألاف السوريين، يبدو أن السوريين صاروا يقبلون بكل ما سيأتي، طالما أنه لا يعني مزيداً من الحرب. ومع ذلك لا يستفيد النظام من تصاعد دعم حقيقي له وإنما يستفيد من التعب من الحرب ومن خطايا المعارضة، وتوق ملايين الناس إلى الخدمات الأساسية.