مقاتل من قوات سوريا الديمقراطية قرب علم مجلس دير الزور العسكري.(أرشيف)
مقاتل من قوات سوريا الديمقراطية قرب علم مجلس دير الزور العسكري.(أرشيف)
الجمعة 22 سبتمبر 2017 / 12:02

هل ستغير أمريكا وروسيا الديناميات السياسية في الشرق الأوسط؟

"هل ستغير الولايات المتحدة وروسيا الديناميات السياسية في الشرق الأوسط؟"، تساؤل طرحه سيث فرانتزمان، صحفي مقيم في القدس، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية، لافتاً إلى أن التداعيات المرتبطة بالتحركات الأمريكية في سوريا من شأنها أن تؤثر على منطقة الشرق الأوسط بأسرها.

إذا كان تدخل الولايات المتحدة قاصراً فقط على دحر داعش، فإن الاستراتيجية الأمريكية لما بعد داعش في العراق وسوريا تترك شركاءها (غير الإيرانيين) في مصير مجهول، وهو ما ينطوي على تداعيات تؤثر على المنطقة بأكملها

ويشير كاتب التقرير إلى الدور الرئيسي الذي تلعبه روسيا في نجاحات قوات نظام الأسد التي وصلت إلى مدينة دير الزور على نهر الفرات في شرق سوريا، وهذا يعني أن قوات الأسد تقترب من الاحتكاك بقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، وقد أعلن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في 16 سبتمبر(أيلول) الجاري أن غارة روسية في شرق نهر الفرات قد أسفرت عن وقوع العديد من الإصابات بين قوات سوريا الديمقراطية.

فراغ داعش والأجندات المختلفة
ويرى كاتب التقرير أن تراجع داعش يخلق فراغاً تملأه مجموعات لها أجندات مختلفة، ولا تزال سياسة واشنطن إزاء شرق سوريا غير واضحة، وهذا يقود إلى توسيع النفوذ الإيراني في العراق وسوريا، كما يثير التساؤلات لدى حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة عما سيحدث فيما بعد.

وبعد مرور أيام على قيام قوات نظام الأسد المدعومة من القوات الجوية الروسية بكسر حصار دير الزور، شنت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكياً هجوماً للوصول إلى المدينة من الجانب الآخر لنهر الفرات. وأفادت شبكة "روداو" الإعلامية الكردية عن وصول قوات سوريا الديمقراطية إلى المنطقة الصناعية بمدينة دير الزور في 10 سبتمبر(أيلول) الجاري.

وترجع الأهمية الإستراتيجية لدير الزور إلى أنها أكبر مدينة في محافظة دير الزور التي تمتد على جانبي نهر الفرات إلى الحدود العراقية. وخلال عام 2014 توسع داعش على طول هذه المنطقة واستخدمها بمثابة قناة لدخول محافظة الأنبار ذات الأغلبية السنية في العراق عبر معبر "البوكمال". ومع انكماش خريطة المناطق التي يسيطر عليها داعش وسقوط مدينة الرقة عاصمة خلافته المزعومة الذي بات وشيكاً، في قبضة قوات سوريا الديمقراطية، فإن الولايات المتحدة وروسيا وحلفاءهما، بحسب التقرير، يراقبون عن كثب المرحلة التالية من الصراع في سوريا والعراق.

ساحة النفوذ الإيراني

ويلفت التقرير إلى وجهة نظر المحلل السياسي جوناثان سباير أن الوضع الراهن يثير تساؤلات مهمة وبخاصة حول الدعم الإيراني لنظام الأسد الذي يسعى إلى دحر داعش وإعادة سيطرته على سوريا. وفي الوقت نفسه ترغب إيران في السيطرة على المعبر الحدودي "البوكمال" والممر البري الذي يُعد جزءاً منه من أجل تحقيق هدفها في ربط الميليشيات الشيعية التي تدعمها في العراق مع حزب الله في لبنان، من خلال حليفها في دمشق (بشار الأسد). ولكن أهداف قوات سوريا الديمقراطية والولايات المتحدة مازالت غير واضحة، خاصة أنه لا توجد استراتيجية أمريكية شاملة باستثناء دحر داعش.

ويضيف سباير أن إيران تعتبر العراق وسوريا ولبنان ساحة واحدة وتستخدمها لتنفيذ لعبتها الإستراتيجية الخبيثة في المنطقة، ولهذا السبب تحارب ميليشيات حزب الله في سوريا والعراق، وكذلك تحارب الميليشيات العراقية في سوريا. وعلى النقيض من ذلك تتعامل الولايات المتحدة مع كل دولة بشكل مختلف؛ إذ تتعاون مع حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بغداد لدحر داعش، وتدعم قوات سوريا الديمقراطية في سوريا وحكومة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في بيروت، ولكن تسليم إدارة الملف السوري إلى روسيا سيقود إلى تسليم سوريا إلى خصوم الولايات المتحدة.

تجنب النزاع الأمريكي الروسي
ويرى التقرير أن العلاقات الأمريكية الروسية في سوريا ترتكز حاليا على آلية "تجنب النزاع" وبخاصة تفادي الاحتكاك بين القوات الجوية للجانبين، وتؤكد قوات التحالف الدولي باستمرار أنها لا تواجه قوات النظام السوري أو حلفاءه في محاربة داعش. وعلى الرغم من الشائعات والحرب الكلامية، فإن ثمة دلالات على أن موسكو تعتبر دور قوات سوريا الديمقراطية "سلمياً" في سوريا، إذ لا تتعامل روسيا مع الأراضي الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قرابة 35% من سوريا) على أنها تحت سيطرة العدو ويجب استعادتها. وعلى سبيل المثال كان للمراقبين العسكريين الروس دور في أماكن مثل عفرين التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، لا سيما مع غياب الولايات المتحدة عن مثل هذه الأماكن.

ويوضح التقرير أن الوضع الراهن يثير تساؤلاً رئيسياً حول توجهات السياسة الأمريكية في ظل سعي الحلفاء لتحرير المزيد من المناطق على طول وادي نهر الفرات باتجاه الحدود العراقية التي يخضع الجانب الآخر منها حالياً لسيطرة الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، ويُطلق عليها اسم "الحشد الشعبي" وهي رسمياً جزء من قوات الأمن العراقية. وترغب هذه القوات في التحرك للسيطرة على معبر القائم الحدودي المقابل للبوكمال والارتباط مع قوات نظام الأسد والميليشيات الإيرانية التي تدعمه.

مستقبل الشرق الأوسط
ويقول التقرير: "ولكن لا تزال الولايات المتحدة ملتزمة فقط بهزيمة داعش، وفي العراق تساعد القوات الأمريكية العراقيين الذي يقاتلون إلى جانب الميليشيات الشيعية في الحملات الأخيرة مثل تلعفر، على الرغم من أن سياسة التحالف الرسمية لا تشمل التعاون مع الميليشيات الشيعية، فهي قاصرة فقط على التعاون مع الجيش العراقي والشرطة الفيدرالية والوحدات الأخرى".

ويخلص التقرير إلى أن ما ستقرره الولايات المتحدة وحلفاؤها الأكراد (قوات سوريا الديمقراطية) خلال الأشهر المقبلة في سوريا من شأنه على الأرجح أن يحدد المرحلة القادمة في مستقبل الشرق الأوسط؛ فإذا بدأت الولايات المتحدة في رسم سياسة احتواء النفوذ الإيراني، يمكنها القيام بذلك بالتعاون مع شركائها، ولكن إذا كان تدخل الولايات المتحدة قاصراً فقط على دحر داعش، فإن الاستراتيجية الأمريكية لما بعد داعش في العراق وسوريا تترك شركاءها (غير الإيرانيين) في مصير مجهول، وهو ما ينطوي على تداعيات تؤثر على المنطقة بأكملها ورؤية الحلفاء للسياسات والالتزامات الأمريكية.