أعلام سعودية مرفوعة في الرياض بمناسبة العيد الوطني السعودي.(أرشيف)
أعلام سعودية مرفوعة في الرياض بمناسبة العيد الوطني السعودي.(أرشيف)
الجمعة 22 سبتمبر 2017 / 20:07

23 سبتمبر

لم يخرج أحد، ببساطة لأن السعودية والسعوديين بخير وأحوالهم جيدة، ولأنهم يحملون حباً قديماً للملك سلمان، ولأنهم يعلمون أن مشروع التحول الوطني الذي يقوده الأمير محمد بن سلمان سيؤدي في النهاية إلى النجاح وتوفير العديد من الوظائف للعاطلين عن العمل

هذا التاريخ حسب التقويم الميلادي هو يوم عيدنا الوطني، فالمملكة العربية السعودية تعيد ذكرى التوحيد السياسي في 23 سبتمبر (أيلول) من كل عام. إنه تاريخ يعود إلى المرسوم الملكي الذي أصدره الملك عبد العزيز بتاريخ 17 جمادي الأولى عام 1351 هـ، والذي قضي بتحويل اسم الدولة من "مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها" إلى المملكة العربية السعودية. تم اعتماد هذا التاريخ، ابتداءً من يوم الخميس 21 جمادي الأولى 1351 هـ الموافق للأول من برج الميزان يوم 23 سبتمبر (أيلول) 1932. يقول الفلكيون إن دخول برج الميزان يعني دخول فترة من السنة تتحرك فيها عاطفة المحبة والحميمية، وسواء صدقوا أم كذبوا فإن محبتنا لوطننا العزيز تتجدد في كل عام، مع الاحتفال بيومه.

منذ أيام ليست بالبعيدة حدد مرتزقة النظام القطري يوم 15 سبتمبر (أيلول) موعداً "للحراك في السعودية"، يقصدون بالحراك أن يخرج أكبر عدد ممكن من الحشود إلى الشوارع، لعل وعسى أن يؤدي ذلك إلى سقوط الدولة وانهيار النظام، ثم يقلع سعد الفقيه بطائرته من لندن لاستلام دفة الحكم، هو وجماعته المعروفة باسم (الإخوان المسلمين). إنها من جديد، تلك الجماعة التي اصطنعها الاحتلال البريطاني لتكون شوكة في طريق ملوك مصر في ذلك الزمان. لن أصف هؤلاء القوم بالمعارضة، فهم ليسوا سوى جماعة رخيصة اكتفت بريالات حمد بن خليفة كنوع من العظام التي يُلقيها راعي الغنم لكلابه، وحمد بن خليفة، هو الآخر، لديه مشكلاته النفسية العنيفة، والأحقاد التي يحملها لجيرانه في السعودية والإمارات والبحرين، ولن يتوقف أبداً عن إرسال من يقبل بإغراء الريال.

جاء 15 سبتمبر وذهب، ولم يخرج للشوارع شخص واحد. هذا الإعراض يدل على وعي عميق لدى الشعب السعودي. لكن، بغرض التقليل من أهمية هذا الوعي، حاولت بعض وسائل الإعلام أن ترجع سبب الفشل الذريع لهذا الحراك إلى صرامة الأجهزة الأمنية في السعودية. هذا كلام مردود، يفنده السؤال الكاشف: هل الأجهزة الأمنية في السعودية أكثر شدة من الأجهزة الأمنية في سوريا الأسد؟! ومع هذا قامت الثورة في درعا ثم سرت لكل أنحاء البلد الجميل ولم تتوقف الحرب حتى بعد أن حولته إلى أنقاض وغبار، ووجوه متوحشة تتعطش للدم، وأناس طيبين يهجرون وطنهم المحبوب، سيراً على الأقدام، بخطوات غير واثقة، تتجه صوب المجهول.

لم يخرج أحد لأنه من الغباء أن يكرر أي بلد عربي نفس الغلطة التي حدثت في 2011 عندما استجاب البعض لداعي ثورة لا يُعلم حتى هذه اللحظة – على وجه اليقين – من يقف وراءها. هناك من يتهم قوى عظمى، وهناك من يسمى أساتذة جامعة وفلاسفة متورطون في صناعة "الخريف العربي". لكن هذا كله تحليل سياسي ونظريات، ولو طبقنا حد فيلسوف العلم كارل بوبر على هذه النظريات، فإننا لن نصف أي منها بأنها نظرية علمية يقينية. مع الأسف، لا يمكن أن نجزم بيقين حول هذه التفاصيل، وإن كنا نعرف أن النظام القطري يعرف أكثر، فآلته الإعلامية قد شاركت في سنوات الثورات وكأنها غرفة عمليات تدار منها كل المعارك.

لم يخرج أحد، ببساطة لأن السعودية والسعوديين بخير وأحوالهم جيدة، ولأنهم يحملون حباً قديماً للملك سلمان، ولأنهم يعلمون أن مشروع التحول الوطني الذي يقوده الأمير محمد بن سلمان سيؤدي في النهاية إلى النجاح وتوفير العديد من الوظائف للعاطلين عن العمل وسيخفض نسبة البطالة وسينعش الاقتصاد.

نحن في المملكة ندرك أن لدينا مشاكل، لكن أين هي البلاد التي لا توجد فيها مشاكل: بطالة، أزمة سكن، إلخ. كل هذا موجود في معظم بلدان العالم، وكل العالم اليوم يمر بمرحلة كساد اقتصادي تذكرنا بفترة بالكساد الكبير The Great Depression التي امتدت من 1929 إلى 1939 ونرجو ألا تكون مثلها، ومع كل هذا فنحن متفائلون بالمستقبل، ولدينا شعور عميق مبني على معطيات حسية مأخوذة من الأرض بأن قطار الوطن قد وضع عجلاته على الطريق الصحيح.