تظاهرة للإخوان المسلمين في الأردن.(أرشيف)
تظاهرة للإخوان المسلمين في الأردن.(أرشيف)
الأحد 24 سبتمبر 2017 / 13:13

الإخوان المسلمون والسلطة...العنف طريق أساسي (4)

يعتقد الإخوان الإرهابيون أن بداية ضرورية لنهضة إسلامية حقيقية لا تقتصر على تحرير كل أرض مسلمة، وإنما أيضاً تفترض توحيد العالم العربي، بدءاً من مصر وسوريا وفلسطين وتونس والمغرب. ومن خلال خدمة تعريفهم للعروبة، اعتقد الإخوان أنهم يخدمون الإسلام.

فِي سوريا، جاء اختيار الصراع المسلح ضد حزب البعث، جزئياً، نتيجة تحول بين جيلين

فبعد عرض الباحث نواف عبيد جذور الفروع الرئيسية للحركات الإسلامية في سوريا والأردن وفلسطين وتونس والمغرب، خلص إلى أنها تتقاسم قضايا مماثلة في ما يتعلق بنضالاتهم لكسب موطئ قدم في دوله، وسعيها لمقاومة التأثيرات الخارجية. وأعربت عدد من الحكومات، كتلك في مصر والأردن والمغرب، عن اهتمامها بتطبيق شكل من الديمقراطية الإسلامية.

خيارات صعبة

ويلفت عبيد إلى أن المنظمات الإسلامية واجهت خيارات صعبة بشأن العمل من داخل النظام أو ضده، مع تركيزها على إصلاح المجتمع، أو تطبيق نهج موجه سياسياً، لكن كل تلك المنظمات سعت لتحقيق الهدفين.

سوريا
وفِي نهاية المطاف، واجهت تلك الأحزاب توترات وصراعات نشأت داخل كوادرها، ما أدى، غالباً، لانقسامها إلى حركات أصغر. وفِي حالة سوريا، لم يكن تنظيم الإخوان الإرهابي يختلف إيديولوجياً عن التنظيم المصري. فكما في مصر، امتنع الإخوان في سوريا عن معارضة النفوذ الغربي، وخاصة سياسات التعليم العلمانية الفرنسية. وخلافاً للإخوان في مصر الذين شكلوا حركة معارضة للمؤسسة الدينية، احتضن تنظيم الإخوان الإرهابي في سوريا بعض العلماء. ونتيجة لذلك، نشأ نوع من العلاقة التكافلية أو التعايشية بين الطرفين، وحيث دعم كل منهما الآخر. ولكن كل ذلك تبدل عند نشوء نظام البعث في ستينات القرن الماضي، حيث لم يرحب عدد من أعضاء الإخوان المسلمين السوريين بمحاولاته لاجتثاث الإسلام من المجتمع السوري، واستبداله بالقومية العربية.

الأردن
وفِي حالة مشابهة، كان لجبهة العمل الإسلامي، الجناح السياسي لحزب الإخوان الإرهابي في الأردن، علاقة جيدة نسبياً مع العائلة المالكة في البداية. فلم تحارب جبهة العمل الإسلامي السلطة المالكة، ولَم تقمع من قبلها بسبب ميل الجبهة للعمل من داخل إطار العمل السياسي المتعارف عليه. وهكذا كانت جبهة العمل منظمة شريكة وهادئة. ورغم ذلك، تحولت العلاقة بين الجبهة والدولة الأردنية إلى عداوة. ويواجه اليوم الأردن تحدياً بشأن طريقة التعامل مع الحركة الإسلامية، وما إذا كان يفترض مواجهتها بوصفها تهديداً أمنياً، أم باعتبارها حزباً سياسياً.

فلسطين
من جهة أخرى، شابت العلاقة بين الحركة الإسلامية في فلسطين والسلطة المركزية صراعات شتى، وبخاصة في غزة. فقد أدت حرب الأيام الستة لتجدد الاهتمام بالإسلام. وقبيل ذلك، كانت إدارة مصر للقطاع تعني حظر نشاط عدد من القيادات الإخوانية، من الذين كان لتجربتهم أثر لاحق على مؤسسي حركة حماس. وأدت معارضة حماس للعملية السياسية، لتركيزها على الانتفاضة والعمليات المسلحة ضد أهداف إسرائيلية.

تونس
وأما في تونس، فقد شهدت الحركة الإسلامية هناك، وعلى مدار سنوات، تقدماً ومن ثم تراجعاً. وكما في مصر وسوريا، رفضت الحركة حالة اجتماعية خلفها المستعمر الفرنسي، في ما يتعلق بتقويض دور الإسلام في الحياة التونسية. وابتعدت الحركة الإسلامية التونسية عن الحديث في قضايا اجتماعية، وبدأت التطرق إلى شؤون سياسية، وخاصة ما يتعلق بالصراع بين الحكومة ونقابة العمال. وأراد الغنوشي، زعيم الحركة، العمل من داخل النظام عوضاً عن الانقلاب عليه، رافضاً فكرة العنف الثوري.

 المغرب
وفِي المغرب تمكن حزب العدالة والتنمية الإسلامي (بي جي دي) من العمل من داخل النظام، فقد فاز الحزب في انتخابات وطنية، وتسلم زعيمه رئاسة الوزارة. لكن الدستور الجديد في المغرب، منح الملك سلطة الفيتو على قرارات الحكومة، وغيرها من السلطات. كما التزم حزب بي دي جي مرسوماً صدر في 2013، يحظر على زعماء دينيين الترشح لمناصب حكومية.

تحول بين جيلين
وفِي سوريا، جاء اختيار الصراع المسلح ضد حزب البعث، جزئياً، نتيجة تحول بين جيلين. فقد كان الجيل الأصغر متأثراً بسيد قطب، ومستعداً للعمل بشكل مستقل، بعدما اتضح له أن الزعامة الأكبر سناً للإخوان غير مستعدة لتفهم أهمية المواجهة العنفية لتغيير النظام.

وفِي الأردن، برز أيضاً توتر بين الجيلين الأكبر والأصغر عقب إنجازات حققها تنظيم الإخوان الإرهابي في مصر والأردن. ويواجه عدد من أعضاء حركة العمل الإسلامي حالة من التمزق بشأن كيفية اضطلاع الإسلام أن بدور أكبر في حياة المسلمين.

وفِي نهاية المطاف، سيجد الإخوان، في جميع منظماتهم في سوريا والأردن وفلسطين والمغرب أنفسهم مضطرين إما لإجراء تسويات، أو لاتخاذ مواقف أكثر حدة ضد حكوماتهم لتحقيق أهدافهم السياسية والاجتماعية.