الإثنين 25 سبتمبر 2017 / 08:45

لماذا ‬تحتفي ‬الإمارات ‬بالسعودية؟

عبدالله بن بجاد العتيبي- الاتحاد

دولة‎ ‬الإمارات ‬العربية ‬المتحدة ‬تحتفي ‬بالعيد ‬الوطني ‬السابع ‬والثمانين ‬للمملكة ‬العربية ‬السعودية ‬لعدة ‬أيامٍ ‬هذا ‬العام، ‬وهو ‬شأن ‬دأبت ‬عليه ‬الإمارات ‬منذ ‬أعوام، ‬تؤكده ‬عاماً ‬بعد ‬عاماً، ‬وتتوسع ‬فيه ‬وترافقه ‬فعاليات ‬رسميةٌ ‬وشعبيةٌ. تفعل‎ ‬الإمارات ‬هذا ‬مع ‬عدة ‬دولٍ ‬وبالذات ‬الدول ‬الخليجية ‬الشقيقة، ‬ولكنها ‬على ‬الدوام ‬تجعل ‬الاحتفال ‬بالسعودية ‬مختلفاً ‬ومتميزاً ‬وذا ‬طابع ‬خاص، ‬في ‬كل ‬المناسبات، ‬وهو ‬أمرٌ ‬تفعله ‬القيادة ‬والشعب، ‬ويتنافس ‬فيه ‬الجميع، ‬والسؤال ‬المهم ‬هو ‬لماذا؟ ‬لماذا ‬تفعل ‬دولة ‬الإمارات ‬ذلك؟

وشائج‎ ‬التاريخ ‬وأواصر ‬القربى، ‬وحدة ‬اللغة ‬والثقافة ‬والدين، ‬مشتركات ‬العادات ‬والتقاليد، ‬إرث ‬الأعراف ‬وطبيعة ‬المصالح ‬المشتركة، ‬هذه ‬جميعاً، ‬تشكل ‬جزءاً ‬مهماً ‬يمنح ‬العمق ‬والاتساع ‬لهذه ‬العلاقات ‬وهذا ‬الاحتفاء، ‬وقد ‬كتب ‬عنها ‬كاتب ‬هذه ‬السطور ‬في ‬عددٍ ‬من ‬المناسبات، ‬ومع ‬هذا ‬أيضاً ‬العلاقات ‬الخاصة ‬التي ‬لطالما ‬ربطت ‬أسرة ‬آل ‬نهيان ‬بأسرة ‬آل ‬سعود، ‬وجميع ‬أسر ‬الحكّام ‬الكريمة، ‬منذ ‬بناء ‬الدولة ‬الحديثة، ‬والتي ‬تعززت ‬لاحقاً ‬بين المغفور له ‬الشيخ ‬زايد ‬وملوك ‬السعودية ‬فيصل ‬وخالد ‬وفهد، ‬وعبد ‬الله ‬قبل ‬استلامه ‬لمقاليد ‬السلطة ‬في ‬بلاده.

لكنني‎ ‬أحسب ‬أن ‬جزءاً ‬مهماً ‬من ‬الجواب ‬يكمن ‬في ‬الوعي ‬المتقدم ‬للقيادة ‬السياسية ‬في ‬الإمارات، ‬فقبل ‬عقدٍ ‬من ‬الزمان ‬وضمن ‬ظروف ‬وسياقات ‬مختلفة ‬عن ‬اليوم، ‬اختارت ‬بعض ‬دول ‬الخليج ‬مواقف ‬متباينة، ‬فبعضها ‬اختار ‬بوعيٍ ‬أن ‬يصرّ ‬على ‬معاداة ‬السعودية، ‬ويسعى ‬في ‬التآمر ‬عليها ‬بكل ‬ما ‬استطاع ‬وهو ‬ما ‬فعلته ‬وتفعله ‬قطر، ‬وبعضها ‬اختار ‬حياداً ‬من ‬نوعٍ ‬ما، ‬وهنا ‬جاء ‬القرار ‬والخيار ‬الاستراتيجي ‬للوعي ‬المتقدم ‬في ‬دولة ‬الإمارات ‬العربية ‬المتحدة، ‬وهو ‬خيار ‬التحالف ‬الاستراتيجي ‬بكل ‬المقاييس ‬مع ‬المملكة ‬العربية ‬السعودية، ‬وهو ‬ما ‬شكل ‬تلاقياً ‬مهماً ‬لقيادة ‬البلدين، ‬وصنع ‬الفارق ‬في ‬المنطقة ‬والعالم.

سارت‎ ‬القيادتان ‬في ‬نهج ‬مستمر ‬ومتماسك ‬في ‬قيادة ‬العالم ‬العربي ‬نحو ‬النجاة ‬من ‬التحدي ‬الكبير ‬المتمثل ‬فيما ‬كان ‬يعرف ‬بـ "‬الربيع ‬العربي" وأزماته ‬وتحدياته، ‬ولم ‬تلبثا ‬أن ‬امتلكتا ‬رؤية ‬مميزة ‬لدور ‬تاريخي ‬يجب ‬أن ‬تتحملا ‬المسؤولية ‬التاريخية ‬تجاهه، ‬فكانت ‬مواجهة ‬ذكية ‬لمشروع ‬أكبر ‬الحلفاء ‬الدوليين ‬–أميركا-وتحالفاته ‬حينذاك، ‬والرهان ‬على ‬أن ‬مصالح ‬الدولتين ‬وشعبيهما ‬مقدمان ‬على ‬كل ‬اعتبار.

قام‎ ‬هذا ‬التحالف ‬القوي ‬والنافذ ‬بإنقاذ ‬البحرين ‬من ‬انتفاضتها ‬2011 ‬وتم ‬إنقاذ ‬مصر ‬2013 ‬وتم ‬تصنيف ‬جماعة ‬الإخوان ‬المسلمين ‬جماعةً ‬إرهابيةً، ‬مع ‬التصدي ‬العاقل ‬لمشاريع ‬العدو ‬الأكبر ‬في ‬المنطقة ‬والعالم، ‬النظام ‬الإيراني.

راهن‎ ‬الخصوم ‬-إيران ‬وقطر ‬والإخوان-على ‬إضعاف ‬هذا ‬التحالف ‬السعودي ‬الإماراتي، ‬وقاموا ‬بحملات ‬إرجاف ‬عالمية، ‬بعد ‬تسلم ‬الملك ‬سلمان ‬لمقاليد ‬الحكم ‬في ‬السعودية، ‬ولكن ‬الجواب ‬كان ‬تاريخياً، ‬فقد ‬توثقت ‬عرى ‬التحالف، ‬وتعمّقت، ‬ووصلت ‬لمستويات ‬غير ‬مسبوقة ‬في ‬علاقات ‬الدولتين ‬مع ‬كل ‬الحلفاء ‬في ‬الماضي ‬والحاضر، ‬وسجلت ‬نجاحاتٍ ‬مبهرةٍ، ‬أكثر ‬عمقاً ‬ووعياً، ‬وأبلغ ‬أثراً ‬وقدرةً.

بحزم‎ ‬الملك ‬سلمان، ‬انطلقت "عاصفة ‬الحزم" ‬لإنقاذ ‬اليمن ‬فكانت ‬الإمارات ‬هي ‬الدولة ‬الثانية ‬في «‬التحالف ‬العربي» ‬وكانت ‬المواءمة ‬بين ‬الحرب ‬ودعم ‬الشرعية ‬وبين ‬الدعم ‬الإنساني ‬فكانت ‬السعودية ‬والإمارات ‬كتفاً ‬بكتف، ‬وكانت ‬مواجهة ‬إيران ‬استراتيجيةً ‬مهمةً ‬فكانت ‬الإمارات ‬على ‬الموعد، ‬وكانت ‬محاربة ‬الإرهاب ‬أولويةً ‬بعد ‬قمة ‬الرياض ‬ومقاطعة ‬قطر ‬فكانت ‬الإمارات ‬في ‬المقدمة.

المشاريع‎ ‬الكبرى ‬التي تتصارع ‬في ‬المنطقة ‬ثلاثةٌ، ‬المشروع ‬الطائفي ‬الإيراني، ‬والمشروع ‬الأصولي ‬التركي/الإخواني، ‬والمشروع ‬العربي، ‬السعودي ‬الإماراتي ‬المصري، ‬وبشائر ‬الظفر ‬والنصر ‬تتجه ‬للمشروع ‬العربي. ‬

أخيراً، ‎ ‬في ‬23 ‬سبتمبر(أيلول) ‬تحتفي ‬الإمارات ‬بيوم ‬السعودية ‬الوطني، ‬وفي ‬2 ‬ديسمبر(كانون الأول) ‬تحتفي ‬السعودية ‬بالإمارات، ‬في ‬نموذج ‬لما ‬يمكن ‬أن ‬يصنعه ‬التحالف ‬من ‬قوةٍ ‬ونجاحٍ.