صورة تعبيرية.(أرشيف)
صورة تعبيرية.(أرشيف)
الثلاثاء 3 أكتوبر 2017 / 19:48

لبرلة الإسلام السياسي

يوسع التباينات بين الطرفين عدم سعي الليبراليين العرب للسلطة فيما أخفقت محاولات الإسلاميين بتنويعاتهم وتشكيلاتهم المختلفة في الوصول إلى الحكم أو فشلوا في البقاء على سدته حين ساعدتهم الفوضى

تنتهي محاولات البحث عن مخارج للإسلام السياسي ـ بعد الهزائم التي لحقت به وأدت إلى تعريته أمام قطاعات واسعة من جمهوره ـ إلى نتائج مثيرة للاستغراب حيناً والسخرية في كثير من الأحيان لكنها تحتفظ بعامل إثارة الرغبة في معرفة دوافعها.

آخر مغامرات العزف على هذا الوتر تنظير البعض لالقاء طوق "اللبرلة" للإسلاميين من خلال تخصيب قناعاتهم بأفكار ليبرالية تمهيداً لوضع قطارهم الفاقد للبوصلة على سكة الليبراليين أو توسيع هوامش التعايش بين التيارين.

سهولة إطلاق الدعوات أنست أصحابها الحالمين حقيقة أن الحالتين مأزومتين إلى الحد الذي يسقط احتمالات نجاح استفادة إحداهما من الأخرى في تجاوز أزمتها المستعصية على الحل.

قدم التيار الليبرالي العربي لم يخرجه من هشاشته أمام المد القومي واليساري الذي انحسر بفعل عوامل موضوعية وذاتية ورغم تراجع حضور القوميين واليساريين بقي تأثير الليبراليين هامشياً في الشارع السياسي العربي.
وزادت الاتهامات الموجهة لليبراليين العرب سواء فيما يتعلق بازدواجية المعايير أو ضيق الهامش الذي يتحركون فيه وغياب جديتهم في العمل على تحسين الأوضاع المعيشية من افتقارهم للقاعدة الشعبية.

في المقابل يصعب على تيارات الإسلام السياسي وتفريعاتها تضييق شقة خلافاتها وتكوين وجهة نظر مشتركة حول قضايا محددة ويلتبس عليها فهم الديمقراطية وغاياتها وتطبيقاتها مما يقلص قدرتها على لعب دور الشريك لتيار أكثر تجذراً في فهمه الإصلاحي وتصطدم محاولات التقريب الخجولة بتباين نظرة الطرفين الإسلامي والليبرالي لأهمية الوضوح في الممارسة والعلاقة مع الآخر.

يوسع التباينات بين الطرفين عدم سعي الليبراليين العرب للسلطة فيما أخفقت محاولات الإسلاميين بتنويعاتهم وتشكيلاتهم المختلفة في الوصول إلى الحكم أو فشلوا في البقاء على سدته حين ساعدتهم الفوضى كما يغيب التصور المشترك لنموذج الدولة المنشود.

أظهرت النقاشات والحوارات التي جرت على مدى السنوات الماضية للتوفيق بين الطرفين المتفرعين إلى عدة أطراف خلافاً حول البديهيات وغياباً للثقة، إلا أن الأزمات التي يواجهانها كانت تفرض عودة البحث لتوسيع هوامش اللقاء، وإذا أخذت في عين الاعتبار الظروف التي جاء فيها تجديد فكرة البحث عن نقاط لقاء بين التيارين يقفز مأزق الإسلام السياسي وتوابعه الأكثر تطرفاً إلى الواجهة، مما يسلط الضوء على أهداف كامنة مثل إعادة تأهيل الظاهرة وتوظيفها في إدامة صيرورة تفكيك المنطقة على أرضية تقاطعات إقليمية ودولية جديدة، لكن المعطيات المتوافرة توحي بإفلاس أصحاب هذه المحاولة التي تفضي في أحسن أحوالها إلى لوحة كاريكاتورية مكوناتها الأساسية قناع ليبرالي وذهنية تفرخ الظواهر المتطرفة.