كاتالونيون يدعون إلى التصويت بنعم في الاستفتاء على الاستقلال على إسبانيا.(أرشيف)
كاتالونيون يدعون إلى التصويت بنعم في الاستفتاء على الاستقلال على إسبانيا.(أرشيف)
الأربعاء 4 أكتوبر 2017 / 20:18

استقلال كتالونيا

ما هي الخطوة القادمة أمام إسبانيا؟ لا يوجد سوى القوة العسكرية المباشرة. هل ستبعث إسبانيا، قوات الجيش إلى كاتالونيا؟ ماذا سيفعل الغرب؟ ماذا سيفعل مواطنو الغرب؟

يوم الأحد الماضي، الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، 2017، يوم مشهود في تاريخ إسبانيا. ففي هذا اليوم استطاع إقليم كتالونيا، ذو الحكم الذاتي، تنظيم استفتاء انفصال عن إسبانيا، وفي نهاية اليوم، أعلنتْ حكومة كتالونيا، أن 90% من المشاركين في استفتاء الأحد، صوتوا لصالح الانفصال عن إسبانيا. قبل هذا اليوم، وطوال عشرة أيام، صادرتْ حكومة إسبانيا المركزية، أماكن الاقتراع، وبطاقات التصويت، واعتقلتْ قيادات كتالونية، وطلبتْ من شركة غوغل، في اليومين السابقين على موعد الاستفتاء، إغلاق بعض التطبيقات التي تُسهَّل عملية التواصل، والتحضير للتصويت، ونفَّذتْ غوغل دون تبرير لسمعتها، كمحرك بحث كبير، المفروض أنه فوق الأمور السياسية، وأن حرية نقل المعلومة، لا يجب أن تقع تحت مقصلة السياسة، لا سيما إذا كانت المعلومة تتعلق بأعرق التشدقات الغربية، وهي حرية تقرير المصير، وإبداء الرأي، غير المشروطة، والمقدسة.

بات الكتالونيون ليلة السبت، بأطفالهم في مراكز الاقتراع، المتبقية لهم، خوفاً من مداهمة اللحظة الأخيرة. وقام المزارعون بحشد جراراتهم أمام مراكز الاقتراع. 2000 جرار للحماية. مفارقة غريبة. عناق غير مقصود بين الاشتراكية والرأسمالية. عدوتان لدودتان في عناق عصبي. فوضى خلاقة. البنات الكتالونيات الجميلات، الرشيقات، على رفراف الجرارات الزراعية الغليظة. الجرار الزراعي موضوع تندُّر في أدبيات الرأسمالية، فهو رمز للاشتراكية الخشنة الشيوعية. السخرية من الفيلسوف سلافوي جيجك السلوفيني، بأنه يأخذ الفلسفة على بوز جرار زراعي من العهد الشيوعي البائد.

 كانت الشرطة المركزية الإسبانية تفقد أعصابها شيئاً فشيئاً، وما أن بدأ التصويت يوم الأحد، إلا وتحوَّلتْ الشرطة إلى عصا الفاشية الغليظة. ضرب بالهراوات، وتحطيم مراكز الاقتراع، وسحل الكتالونيين بوحشية، وضرب الرصاص المطاطي، لم يسلم حتى كبار السن من الضرب والسحل. تويتر أسرع وسائل الميديا، أغرق الصفحات، بفيديوهات، أغرق الصفحات بدماء، لا تحسبها تُراق في دولة غربية. صمت المنظمات الحقوقية، والاتحاد الأوروبي، ووسائل الإعلام الكبرى مثل السي إن إن، يعني أن الديموقراطية، وحقوق الإنسان، والحريات، تُمارَس فقط على دول شرقية. من ضمن مَشاهِد الفاشية التي لن تراها إلا في فيلم سينمائي. الشرطة في بحثها المحموم عن بطاقات التصويت، تفتح الديب فريزر، لتنظر داخله. كم بدتْ الشرطة المركزية في مشهد الثلاجة، غبية، فاشية، فاقدة لرشدها. قَفَزَ التشابه سريعاً بين إسبانيا فرانكو، وإسبانيا 2017. أعزائي هذا هو الغرب الحقيقي، من غير مكياج، عندما يتعلق الأمر بشيء يخصه، يرمي في أول صفيحة قمامة تقابله، الموضوعية، وأخلاق الديموقراطية، وحقوق الإنسان، والحريات. نفايات. إللي بنعمله في الغريب ها يطلع علينا ولاّ إيه؟ انفصال وتفكيك وتقسيم الدول، باسم الديموقراطية، والحريات، وحق تقرير المصير، مصنوع للآخر، وليس لنا. الآخر الذي لا يحمل وراثياً جينات الغرب. الآخر الذي يجب عليه دائماً أن يكون دون الغرب. الآخر حتى في شرق أوروبا. يوغوسلافيا الاشتراكية الاتحادية، في التسعينيات من القرن الماضي، تم تفكيكها عبر حرب أهلية ضروس، برعاية أمريكا والغرب. أصبحتْ يوغوسلافيا الآن، الجبل الأسود، والبوسنة، والهرسك، وكوسوفو.

ما هي الخطوة القادمة أمام إسبانيا؟ لا يوجد سوى القوة العسكرية المباشرة. هل ستبعث إسبانيا، قوات الجيش إلى كتالونيا؟ ماذا سيفعل الغرب؟ ماذا سيفعل مواطنو الغرب؟ هل سيبقوا مُشاهدين صامتين، متبلدين، كما تحلو لهم المُشاهَدَة، أمام تقسيم العراق، سوريا، السودان، وفي السابق كوريا، والهند؟ كان الغرب يجري سريعاً للاعتراف بالأقاليم المنفصلة في الشرق. هل يستجيب الغرب لرغبة دولة كتالونيا في الاعتراف بها كدولة مستقلة، وحقها في بناء جيش وطنى؟ هل ستدخل كتالونيا الاتحاد الأوروبي كدولة ذات سيادة، بجوار دولة إسبانيا؟ ماذا لو انفتحتْ شهية الاستقلال في اسكتلندا والباسك وإيرلندا، مرة أخرى، وبقوة غير مسبوقة؟ معنى وصول الجيش الإسباني إلى كتالونيا، هو بداية حرب أهلية في قلب أوروبا العجوز المنهكة. خطط التقسيم التي وُضعتْ للشرق قد تسري عدواها إلى قلعة المُخطط نفسه. في هذه الحالة ستبقى البطون مفتوحة؟ استقلال كردستان يحتاج إلى روقان مزاج الغرب، ووحدته، كي يملك قوة السرقة والنهب. الاتحاد الأوروبي أو الغرب أو الناتو، أذرع أمريكا. إذا وهنتْ تلك الأذرع، فكيف تعمل أمريكا؟ من فانتازيا التوقعات، أن إنجلترا، وهي دولة تتمتع بأخلاق المجرمين، ليس بعيداً عنها، ابتزاز الاتحاد الأوروبي بموضوع كتالونيا. وتكون رسالة الابتزاز كالآتي: لا ندفع فاتورة البريكست مقابل عدم الاعتراف بدولة كتالونيا. وقد يكون رد الاتحاد الأوروبي، لبريطانيا العظمى، هو تشجيع وتسخين اسكتلندا، على الخروج من التاج البريطاني، والاعتراف بها كدولة داخل الاتحاد الأوروبي. مقفولة شمال يمين زي الدومينو.