المنتج الأمريكي الشهير هارفي واينستين وزوجته.(أرشيف)
المنتج الأمريكي الشهير هارفي واينستين وزوجته.(أرشيف)
الجمعة 13 أكتوبر 2017 / 20:09

الشاهد

كما في كل قصة ميلاد شجاعة تقرر فيها الضحية مواجهة العالم عوضاً عن التكوّر على سرّها، وجدن أنفسهن يُرشقن بنفس الأسئلة والتعليقات المعتادة ممن يحلو لهم التظاهر بأنهم ليسوا جزءاً من المشكلة

هزت هوليوود مؤخرا فضيحة المنتج الشهير هارفي واينستين، والذي خرجت ضحاياه عن صمتهن لتتهمه ما لا يقل عن 13 امرأة بالتحرش جنسياً بها، فيما اتهمته 3 نساء أخريات على الأقل بالاغتصاب.
  
ولنعترف بأن ما صب الزيت على نار الفضيحة هو أن اعترافات الضحايا قد شملت بعض الوجوه المعروفة في المجال، كالممثلات روزان آركيت، وروز ماكجاون، وآشلي جاد، مما يعني أن الضحايا قد بتن يخاطرن بكل شيء وأي شيء ليتخلصن من لقمة الصبر التي غصن بها.

وكما في كل قصة ميلاد شجاعة تقرر فيها الضحية مواجهة العالم عوضاً عن التكوّر على سرّها، وجدن أنفسهن يُرشقن بنفس الأسئلة والتعليقات المعتادة ممن يحلو لهم التظاهر بأنهم ليسوا جزءاً من المشكلة.

"لم حكت الآن؟"
"هي الأحق باللوم لاختيارها الصمت مطولاً".
"لم قد يلجأ شخص بثرائه ونفوذه إلى اغتصابها؟"
"هل كانت ترتدي ملابس أو تتصرف بطريقة استمالته بها؟"

بل أن هوليوود ضجت بالتوصيات إلى زوجة هارفي بالوقوف إلى جانبه ودعمه ومؤازرته. ولم أفهم المغزى من نصائحهم تلك، حتى وجدت بعض حمقى الانترنت يصرحون بأن جمال زوجته الصارخ يوفّر دليلاً قويا على أنه لا يمكن أن يلجأ إلى التحرش بنساء يقلنّ عنها حسناً وبهاءً طلة!
وظلت الضحية ترزح تحت نير نفس العذابات المكررة، حتى قرر أحد النبلاء أن يشاطرها الألم.

قد لا يكون تيري كروز نجماً معروفا لنا بالاسم، ولكنه لطالما انتزع ضحكاتنا قسراً في الأعمال الكوميدية ببنيته شديدة الضخامة، ورأسه الأصلع اللامع، وسلوكه المحبب، وتكشيرته المعتادة.

لقد هدم كروز جدران العار والخجل، ووقف معترفاً بتعرّضه للتحرش الجنسي من أحد المدراء التنفيذيين رفيعي المستوى في المجال، والذي كان قد أقدم على لمس مناطق حساسة من جسده، ثم ابتعد مبتسماً. ومثل كل النساء اللاتي لم يكن يمتلكن ربع قوته العضلية، أو خشونة أحباله الصوتية، وجد كروز نفسه يلتزم الصمت حرصاً على الرزق الهوليوودي صعب التحصيل.

حيينا –نحن معشر النساء- كروز بكلماتنا المشجعة، وصفقنا له بوجوهنا التعبيرية الصفراء. بلا شك أنه خاض كرجل ولادة متعسرة في مواجهة العالم الذي سيشنع عليه قراره بالخروج إلى النور.

ولكن موقفه البطولي المتعاطف يدفعنا إلى التساؤل لم لا زالت شهادة ذكر واحد على تحدياتنا ومآسينا ومخاوفنا ومصاعبنا تعادل شهادة عشرات ومئات النساء منا ممن ملأن الدنيا ضجيجاً قبله، وأغرقن المنابر الإعلامية دموعاً؟ لم لا زلنا نقطن في عالم تصول وتجول فيه يد المغتصب على أجساد النساء حتى تُخجلها معاناة ذكر متضرر، ويلهج فيه لسان المتحرش بأريحية بين الفتيات حتى تقطعه كرامة ذكر مُهان؟

قد لا نستطيع تغيير المعادلة بين ليلة وضحاها، ولكن حذاري ممن يستعيذون من قهر الرجل ومرارة دموعه، فغالباً ما يخفون تحت تعاطفهم المشروط قسوة قد اختصوا حواء بها.