الرقة تحت سيطرة داعش.(أرشيف)
الرقة تحت سيطرة داعش.(أرشيف)
الأربعاء 18 أكتوبر 2017 / 13:06

ستة أيام في الرقة...مدينة مُحيت من الخريطة

وصف كونتين سومرفيل، مراسل بي بي سي في الشرق الأوسط، ما جرى خلال ستة أيام أمضاها داخل مدينة الرقة السورية، عاصمة خلافة داعش المزعومة، والتي شهدت معارك ضارية توجت بهروب فلول مقاتلي التنظيم، بعدما شاركوا في تدمير الرقة وتشريد سكانها.

دفعت الرقة الثمن لصالح العالم أجمع، لبريطانيا وألمانيا وأمريكا، ودفع أهل الرقة الثمن عبر تدمير مدينتهم

ويشير سومرفيل لقيام داعش ببناء ما يمكن اعتباره نمطاً حربياً انتشر في مناطق أخرى: أنفاق ومواقع للقناصة، وسيارات مفخخة. علاوة عليه اتخذ داعش من مدنيين دروعاً بشرية، وكطعم لاستدراج طائرات قوات تحالف، وحيث تقصف مناطق، عندما لا يكون للمعارك البرية أية جدوى.

خدع
ويلفت المراسل لابتكار داعش خدع وحيل جديدة لقتل أو تشويه خصومه، بما يكفي لتعطيل تقدم خصومه برياً نحو مناطقه. فعندما كان يقاتل في كوباني، استخدم الأنفاق. وفي الموصل، قاعدة داعش الكبرى سابقاً في العراق، والتي حررت في يوليو (تموز) الأخير، استخدم طائرات مسيرة لإلقاء قنابل على قوات مهاجمة. وفي الرقة استخدم داعش أجهزة تحسس متحركة متصلة بقنابل محلية الصنع. فقد كانت له في كل معركة مفاجآته. ومع كل معركة ارتفعت حصيلة القتلى وحجم الدمار.

تضحية بالرقة
وأما الرقة، سادس أكبر مدينة سورية قبل الحرب، فيبدو، كما يقول سومرفيل، أن داعش ضحى بها وبسكانها من أجل البقاء فيها لأطول وقت. فالمدينة التي كانت آخر معقل للتنظيم الإرهابي، تبدو اليوم كأنها مُحيت من الخريطة، إذ لا يرى فيها ليلاً، أي بصيص نور ينبثق من منازلها. وقال إسماعيل العلي، مهندس من المدينة "دفعت الرقة الثمن لصالح العالم أجمع، لبريطانيا وألمانيا وأمريكا، ودفع أهل الرقة الثمن عبر تدمير مدينتهم".

كان العلي مرتدياً دشداشة بيضاء اعتذر عن اهترائها واتساخها. ولم يكن حوله شيء سوى بيوت مهدمة بالكامل، أو نصف صامدة لكن بدون نوافذ ولا أبواب. وفقد بعضها جدرانه. وليس هناك من كهرباء أو ماء.

مدينة مهجورة
وقال العلي "هدمت بيوت ومدارس ومشافٍ. واليوم الأطفال محرومون من التعليم، والناس في حالة بائسة، وهم جوعى. ولكن كل ما نحتاج إليه هو إعادة إعمار الرقة".

ولكن الرجل لا يقيم حالياً في الرقة، بل رحل عنها إلى بلدة الطبقة القريبة، مع آلاف من سكان الرقة الآخرين.
فقد غادر معظم الناس المدينة القديمة المطلة على ضفتي الفرات، والتي كانت سكناً لما يزيد عن نصف مليون شخص. لكن قرابة 20 ألف ظلوا عالقين في بعض المناطق التي كانت خاضعة لداعش. فقد كانوا محاطين بشوارع ملغمة ومعرضين لرصاص القناصة، لذا لم يتجرؤوا على الهروب.

أغراض دعائية
ويشير المراسل لتعمد داعش تحميل مسؤولية دمار الرقة لطائرات التحالف الدولي، واستغلال القصف لأغراض دعائية، خاصة لأنه يضم بين صفوفه مقاتلين أجانب. وفي بيان صدر عن التنظيم، زعم أن قنابل غربية دمرت 27 مسجداً في الرقة. لكن داعش لم يذكر أن تلك المساجد حولها مقاتلوه إلى مقار لإطلاق النار.

وقال سومرفيل "في أحد المساجد، رأيت نفقاً عميقاً وعريضاً استخدم لجلب مقاتلين وأسلحة من بيوت مجاورة مباشرة إلى قاعة الصلاة فيه".

ويتابع المراسل "خلال ستة أيام أمضيتها في الرقة، شهدت تكرار عمليات قصف جوي لمبانٍ بعد كل مرة يتم يطلق داعش منها قذائفه نحو مقاتلي قوات سوريا الديمرقراطية( قسد) التي تحاربه في المدينة.

ومع إدراك قوات التحالف الدولي إن قوات قسد المسلحة بأسلحة خفيفة، تمثل رأس الحربة في قتاله لداعش في الرقة، فهو يعلم أن قوته الجوية الغالبة هي القادرة لوحدها على حسم المعركة. ولذا تم تحرير، الرقة شارعاً بعد شارع، وبيتاً إثر بيت، لكن بثمن باهظ.

وبالرغم من الخراب الذي حل بالرقة، يقول سكانها إنهم سيعودون إليها في أسرع وقت ممكن.